مؤسسة الأزهر هي واحدة من مؤسسات الدولة التي استعصت على الإخوان المسلمين طوال العقود الماضية، ورغم التواجد المكثف لطلاب الجماعة داخل جامعة الأزهر ونشاطهم الملحوظ، إلا أن الإخوان لم تكن لهم اليد الطولى داخل المؤسسة العريقة التي تنتهج الإسلام الوسطي. الصراع بين الإخوان والأزهر مر بمراحل عديدة وصل لقمته بعد ما قيل عن تأييد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر للفريق أحمد شفيق في انتخابات رئاسة الجمهورية. وبغض النظر عن ما حدث خلال الفترة الماضية، إلا أن ثوابت اللعبة تغيرت، وتحول الإخوان من جماعة محظورة، إلى حزب حظى بأغلبية في انتخابات برلمانية ونجح في الوصول بمرشحه الدكتور محمد مرسي لمقعد الرئاسة المصري. وهو ما يؤكد أن الأيام القادمة ستشهد محاولات إخوانية للسيطرة على المؤسسة العريقة التي كانت محرمة على أبناء الجماعة، فقد يصل التنازع على المرجعية الدينية إلى مداه، فالميول السلفية للإخوان المسلمين تعتزم سحب البساط من تحت أقدام الأزهر الشريف، لتصبح مراكز الثقل للشيوخ والدعاة غير الأزهريين، بعيدًا عن الوسطية المعهودة بالأزهر. الدكتور يوسف البدري الداعية الاسلامى أكد أن تاريخ العلاقة بين الاخوان المسلمين والازهر الشريف يبدأ منذ بداية انشائها عندما انشق الاخوان عن الجمعية الشرعية وكون " حسن البنا " جماعة الاخوان المسلمين . وقام بعض الازهريين بالانضمام إلى تلك الجمعية أمثال " سيد قطب " ولكن عندما تم اغتيال " البنا " انشق بعض الازهريون عن الجماعة مرة اخري ولكن جمعتهم السجون في ظل الانظمة الماضية ، الا انما ظلوا محافظين علي علاقتهم مع الحكومة ومع الازهر الشريف ايضاً . واضاف "البدري" أن جماعة الاخوان المسلمين تختلف فى تطلعاتها عن الازهر الشريف فالاخوان يتطلعون بعض الشيء الي جانب الدعوة الي السياسة . وفيما يخص محاولة توغل الاخوان المسلمين داخل الازهر الشريف خاصة أنه كان من ضمن الاماكن المحظورة علي الاخوان في الوقت الذى تولى فيه " محمد مرسي " أحد قيادات الاخوان المسلمين للرئاسة قال ان الاخوان كانوا ذلك قبل الثورة وظلوا لفترات طويلة جماعة سرية ومحظورة من معظم مؤسسات الدولة ولكن عندما قامت ثورة 25 يناير وقامت انتخابات تشريعية ورئاسية كانوا ضمن سباق كبير واصبح "مرسي" هو المنافس الاول وبمجرد فوزه اعلن استقالته من الجماعة وانه لا ينتمى لها وبالتالي ليس هناك تخوف من تغلغل الاخوان داخل الازهر لان معظم الاخوان من خريجى الازهر الشريف ، وأضاف أنه " لا يوجد أزهر اخوانى .. إنما هناك اخوانى ازهري" ، وان كثير من المشايخ من الاخوان المسلمين لانهم متفقون معهم في الفكر الاسلامى ولكن ليس من الضروري الانضمام الي الجماعة بشكل رسمى . وأوضح ان كل ما يتردد عن تولي الاخوان بالتحديد مناصب داخل الازهر الشريف بسبب وجود رئيس اخوانى لا اساس له من الصحة وهو اعلن ذلك ولابد ان يكون رئيسا محايدا ولا ينحاز لفئة دون اخري وان يقف علي مسافة واحدة بين الكل وانهى كلامه ب " لو اصبح مرسي ازهرياً فلن يصبح الازهر مرسيا " . وعلي صعيد اخر اكد الدكتور محمود كريمة أستاذ بجماعة الازهر ان الازهر الشريف هو مرجعية اسلامية لتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى البعض وفيما يتعلق بتاريخ علاقة الازهر مع الاخوان اضاف انها بدات منذ بواكير نشاة الاخوان وانضمت اليها بعض الرموز الازهرية ليس اعجابا بمباديء الجماعة انما كان بسبب الركود في الدعوة الاسلامية واصبح هناك حصر للدعوة علي الازهر الشريف ، وان حسن البنا كان مجدد اصلاحى وفي الوقت الذى قام بانشاء الجماعة كان ليس هناك اى دعوة اصلاحية فسانده " البنا " بعض علماء الازهر امثال " سيد سابق ، القرضاوى ، محمد الغزالي ، سيد قطب " ولكنهم تركوها عند تحول مسار الجماعة الي تطلع سياسي وليس الاقتصار علي الدعوة. وأكد "كريمة" أنه من المتوقع ظهور قيادات اخوانية في الازهر الشريف خلال الفترة القادمة لانهم يسعون دائما الي السيطرة علي المناصب "الاستحواذ " في جميع المؤسسات وبنفس الطريقة سيفعلوها مع " الازهر الشريف " خاصة بعد تولي "مرسي" الحكم لانهم دائما يولون من معهم ، وأوضح انهم لا يسعون إلى اضعاف الازهر أو إلغاءه واأضاف لابد ان يذهب "مرسي" إلى الازهر وعلماءه وشيوخه حتى ينهض به وليس الاخوان. وأوضح أن هناك اختلاف كبير بين الفكر الاخوانى وفكر الازهر الشريف لان الاخير لا يريد أن يتفرق المجتمع إلى جماعات وفرق إنما الاخوان هم عبارة عن خليط " سلفية ، صوفية ، ومباديء فيها ما هو مخالف للشريعة الدينية" - علي حد قوله - وأضاف أن اكثر ما يخالف الشريعة الاسلامية هو مبدأ " البيعة للمرشد (الحاكم) " ومبدا السمع والطاعة وهذا يعتبر الغاء للكرامة الانسانية . واكد "كريمة" أن هناك محاولة بالفعل لتولي الاخوان المناصب القيادية بالازهر " وزير الاوقاف ، المفتى ، هيئة كبار العلماء " وهذا يؤدى الي تخوف ، ولكن الازهريين لم يمكنوهم من ذلك . قال المستشار سعد عبدالواحد رئيس جمعيات الشبان المسلمين أن هناك انفصال فكري كامل بين الاخوان المسلمين والازهر الشريف فالازهر هو عماد الوسطية والدين الاسلامى ومرجعية لكل المذاهب ويتصدى لحملات التطرف اما الاخوان فلهم تطلع سياسي دائما ظهر منذ الاربعينات مما إلى بعد بعض رجال الازهر عنهم إلى أن الازهر في علاقة طيبة مع جميع التيارات الاسلامية وليس الاخوان فقط. وأكد "عبدالواحد" ان الاخوان سيحاولوا التوغل داخل كل مؤسسات الدولة خاصة التى كانت محظورة عليهم امثال " الجيش والداخلية " ولكن لن يستطيعوا التوغل داخل الازهم لان علماء ومشايخ الازهر سيعترضون علي ذلك بشدة خاصة ان هناك اختلاف فكري بين الازهر والجماعة فالازهر شعاره " الدعوة والاسلام فقط " اما الاخوان شعارهم " الدعوة والاسلام ثم التوغل والسيطرة والانتشار " ومن جانبه اوضح الدكتور حسين عويضة رئيس نادى اعضاء هيئة التدريس بالازهر الشريف انه لاخلاف بين الازهر وأي جماعة اسلامية " الاخوان " ولكن هناك اختلاف فكري بينهم خاصة في مسالة الدعوة ، وأوضح "عويضة" أن وجود رئيس اخواني ليس مبرر لتولي قيادات إخوانية مناصب ازهرية خاصة أن قانون هيئة كبار العلماء الجديد هو الذي ستنتخب قياداته ولا احد يستطيع إجبار الازهر الشريف على أحد له اغراض تبعد عن مبادئه الدعوية . واضاف يجب الفصل بين المسلمين والاسلام . واضاف الشيخ علي يوسف باحث اسلامى ان علاقة الاخوان بالازهر الشريف قبل "عبد الناصر" كانت جيدة وكانوا متوافقين مع كل التيارات الدينية حتى " المسيحيين " ولكن اختلفت قليلا بعد انشغالهم بالسياسة وكان هذا خطأ جوهري من الجماعة لانهم خرجوا بعيدا عن الدعوة واصبحت السلطة ضمن طموحهم السياسي إضافة إلى عمليات الاغتيال التي قاموا بها والتى كانت " أساس لتنظيم القاعدة " واصبح الارهاب مرتبط بدعوة التيار السري ، ومع كل هذا ظل الازهر متخذا موقفا وسطيا معهم لكن دون التدخل معهم . وأضاف أن الخلاف الفكري بين الازهر والاخوان لا يوجد منه تخوف انما التخوف الشديد هو بين الفكر السلفي والاخوان لان الازهر علي علاقة حميمة مع كل التيارات . مشيراً إلى أن الازهر الشريف ليس من ضمن طموح الاخوان المسلمين لانهم اتخذوا الدور السياسي والازهر بالنسبة لهم يقوم بدور دعوى . وقال الشيخ علي ابوالحسن الداعية الاسلامى ان الاخوان المسلمين مختلفون فكريا عن عن الازهر الشريف فهم ينتهجوا مذهب سنى علي عكس الازهر فهو مؤسس تعليمى تربوى مسئول عن المذهب السنى . وأضاف ان معظم جماعة الاخوان المسلمين خارجيين الازهر الشريف ومن المتوقع وجود قيادات اخوانية داخل الازهر الشريف فهى ليست مشكلة لانهم يحملون جزء من الدعوة .