كشف الموقع الألكترني لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بعض تفاصيل إفادات إسرائيلية لتدوين السيرة الذاتية لرئيس الحكومة السابق، آرييل شارون، أن واحدة من أبرز جرائمه الوحشية قام بها تجاه المواطنين البدو عام 1972، عندما أمر بطرد ثلاثة الاف منهم في ليلة برد قارس وتسبب بوفاة أربعين منهم، معظمهم من النساء والاطفال. وأضاف الموقع أن شارون الذى كان يشغل حينها منصب قائد منطقة الجنوب قد نفذ جريمته هذه قبل اسابيع من تدريب عسكري سري، نفذه الجيش تحت عنوان "عوز" وحاكى سيناريو اجتياز كتيبة مدرعة لعائق مائي كبير، في حال اضطر الجيش خلال الحرب مع مصر إلى اجتياز قناة السويس ونقل الحرب الى الأراضي المصرية. وتابعت الصحيفة أن شارون أمر قبل اسابيع من اجراء التدريب، بطرد ثلاثة آلاف بدوي من المنطقة التي أعدها للتدريب، دون أن يسمح لهم حتى بالاستعداد لمواجهة موجة البرد القارس التي سادت في حينه الأمر الذي تسبب بوفاة العشرات منهم، خاصة الاطفال والأولاد والمسنين، اذ اضطر هؤلاء الى السير لمسافة عشرات الكيلومترات، حتى استقر بهم الأمر إلى الجنوب من جبل حلال. وفي التقرير الذي أعدته هآرتس أكدت انه لم يتم كشف هذه القضية طوال 42 عاما حتى بعد معرفة قائد الأركان بها وقيامه باعادة البدو إلى بيوتهم، وتم توثيق تفاصيل الجريمة في تقرير كتبه الباحث في الحضارة البدوية، اسحق بايلي، ووثقه بحديث شهود عيان من البدو. وفي التقرير رواية لأحد الشيوخ من عشيرة الطرابين، قال فيها ان "عملية الطرد نفذت على مدار ثلاثة ليال على الأقل، في شهر يناير 1972وفي إحدى المرات التي رفض فيها البدو اخلاء خيامهم قام الجيش باطلاق النار في الهواء وبدأ باقتلاع الخيام، واضطر البدو إلى السير على الأقدام في حلكة الليل، وفي البرد القارس. ويستدل من إفادات جمعها بايلي أنه بسبب شدة البرد الذي وصل الى درجة الصفر، وحالة الانهاك وغياب مأوى يلجأ اليه البدو على طول المسافة التي قطعوها، لقي ما لا يقل عن 40 شخصا مصرعهم وقام البدو بدفنهم في الطريق. وتمكن بايلي من تصوير 28 قبراً على الأقل وروى انه عاد الى العريش وتحدث الى بعض ضباط الحكم العسكري، فشرحوا له انه تم اخلاء البدو بأمر من قائد المنطقة، الذي أبدى اهتماماً باستغلال المكان الذي تم تهجير البدو منه، لإنشاء مستوطنة اسرائيلية، وقرر بايلي الذي كان ضابطا في الاحتياط في حينه، التوجه الى رئيس الحكم العسكري، شلومو غازيت، الذي وعده بفحص الموضوع، لكنه لم يحدث أي شيء، وكان شارون قد استدعى بايلي الى مقر قيادة المنطقة الجنوبية في بئر السبع. وقال بايلي :"لقد تعامل معي شارون بلطف وروى لي كم يحب البدو وانه يزور قبيلة العزازمة، وادعى أنه لم يعرف ما حدث لأولئك البدو، رغم معرفتي بأن الأمر صدر عنه. وتبين لي لاحقاً انه حاول عرقلتي، وأصدر أمرا الى كل القواعد العسكرية في سيناء، بمنع دخولي اليها، وكان عليّ التوجه الى دافيد العزار لالغاء الأمر". وأضاف بايلي قائلا :"لقد اشتبه بي بشكل دائم، لكنه قدرني كرجل ميداني وطلب الاطلاع على تقارير وخرائط قمت باعدادها". وتؤكد "هآرتس" انه ليس من المعروف حتى اليوم، من هي الكتيبة التي تولت تنفيذ أمر الطرد، وقال ضباط خدموا في تلك الفترة في قيادة لواء الجنوب وسيناء، انهم لا يتذكرون الحادث. وقال الجنرال غازيت، الذي كان أول من توجه اليه بايلي، انه تم تنفيذ عدة تدريبات لاجتياز قناة السويس، لكنه لا يتذكر بالذات ذلك التدريب. وكما يتبين فقد اهتم الجيش بالتستر على العملية، بسبب سرية تدريب "عوز" والرغبة بالتكتم على حادثة محرجة أخرى تتعلق بالمس بالبدو، في وقت قريب من الحادثة التي تم كشفها في حينه.