من اللّدّ، ورام الله، وكفرِ ياسيفَ.. من سلفيت، وعيلبون، وقُدسِنا الأسمى، جاؤوا يافا، ترشُّ على شفاهِهِمْ ريقَ بحرٍ، يرشّونَ خدودَها ندى شِعْرٍ وموسيقى نضالٍ واكتمالْ. يافا، بقايانا في جرحِ الوطنِ السّليبْ، مسْكُ برتقالِنا المسكوبْ، رغبةُ الملايينِ، المشتهى، عمّالًا وفلّاحينَ، كتّابًا وفنّانينَ مسرحيين إعلاميين موسيقيين شعراءَ مقرئينَ معلّمين، كانوا هنا يومًا وصاروا إلى الخيام.. عاصمةُ ثقافتِنا، منارَتُنا، لغتُنا المستحيلةُ نضيءُ بها شمسَ وجودٍ وبقاء، تدحرُ عتمةَ المستعمرِ الطّارئِ الغريبْ. يافا، وهل أنسبُ منكِ مقامًا نحتفي فيه بقامةٍ تقيمُ فينا ثورةً، نكرّمُ روحًا سكنتِها وأخواتِكِ وأمّكِ، أمّنا فِلِسطين، نكرّمُها بما؟! بما كرّمتنا به عقودًا من سهلِ ممتنِعِ الكلامْ، الغاضِبِ الصّادقِ السّاخِرِ اللّاذِعِ الرّائِقِ الشّفافْ. أحمد فؤاد نجم، أبلغُ وأوجزُ مجازٍ عن مصرَ العروبةِ، عنّا، عن الفقراءِ، والبسطاءِ، والمظلومينَ، والثّائرينَ المكافحين، عنِ العمّال والفلّاحينَ، والطّلبةِ، عن الأطفالِ والنّساءِ الحالمين، عنِ الحرّيّةِ المبتغى والمشتهى. أحمد فؤاد نجم، الشّاعرُ البندقيّةُ كما سمّاك علي الرّاعي، وهادمُ الأسوارِ كما نعتك الشّاعر الفرنسيّ لويس أراغون، الفاجوميُّ الشّرسُ العنيدُ كما سمّيت نفسَكَ، مقارعُ الإنجليزِ، والحكّامِ، ناصرًا، وساداتٍ، ومباركَ، ومرسي، وسيسي، انحيازًا للمقهورينْ والمتعبينْ، المسجونُ لنضالِكَ سبعَ مرّات. ما أبهاكَ، تظلُّ حتّى آخرِ زفيرٍ تقشّرُ صخرةَ الإبداعِ، فيصدرُ يومَ رحيلِكَ كتابٌ لكَ، "عجايب أحمد فؤاد نجم"، كأنّكَ تقولُ لنا: لا اعترافَ في معجمِ الإبداعِ بمفرداتِ الغيابْ.. أحمد فؤاد نجم، هنا نحنُ، في مسرحِ "السّرايا" اليافيّ العربيّ الفلسطينيّ، لنزرعَ في حوضِ روحِكَ وحضورِكَ برتقالةَ شكرٍ وامتنانْ، على كلّ ما قدّمتَ لنا، أنتَ ورفيقُ دربِكَ الشّيخ إمام، من كلمةٍ ولحنٍ امتزجا فكانا العلامةَ العلامة. ارقد بسلامْ.. اقرأ أيضاً عن الفاجومي: زين العابدين خيري يكتب عن نجم : الساحر الذي خطف روحي زين العابدين خيري يكتب عن نجم : الساحر الذي خطف روحي مايكل عادل يكتب عن الفاجومي : نجم وجائزة ورحلة عزة بلبع وبهاء شعبان وأمين حداد وباسم شرف يكتبون عن نجم: شاعر الغلابة.. شهادات في حب الفاجومي بالصور: صافيناز كاظم ترثى عم «نجم».. الزوج والاب والشاعر أبو نوارة الفنان نضال الخيري يرثي نجم بالكاريكاتير : تحية لرحيل مناضل محمد هاشم يكتب للوادي: عن «نجم» الذي كان واستمر وسيظل هنا