أصدر المركز القومي للترجمة، النسخة العربية لثلاثة أعمال للكاتبة "إيزاك داينسن"وهو الأسم القلمي المستعار للكاتبة "كارين بليكسن" التي ولدت في الدانمارك عام 1885. عندما أُجرى استفتاء للرأي عام 2007 في الدانماراك عن أكثر الشخصيات تأثيرا في تاريخ الدانمارك وقع الاختيار على الكاتبة كارين بليكسن حيث كتبت بعدة اسماء مستعارة منها ايزاك دينسين وذلك أثناء الاحتلال الالماني النازي للدانمارك وتزوجت من احد ابناء اعمامها البارون السويدي برور فون بليكسن عام 1923 وسافرت معه إلى كينيا ليستثمر أموال عائلتهم في مشروع لزراعة البن في كينيا واستلزم ذلك توظيف بعض العمال الأفارقة بالعمل لديهم في المزرعة، ومن بينهم قبائل الكيكويا الذين عاشوا في نفس المزرعة والذين كانوا مصدر إلهام كبير ظهر واضحا في كتابات بليكسن عن أفريقيا خاصة في الثنائية "راحلة من أفريقيا" "ظلال على الحشائش". رواية "راحلة من أفريقيا"من ترجمة رانية خلاف ومراجعة طلعت الشايب ومن تقديم جريتة روستبول، تعتبر هذه الرواية مذكرات الكاتبة عن إفريقيا، حيث أنها تحتوي سيرة ذاتية كتبتها في العام 1937 حيث تحكي عن شوقها للعودة للجنة المفقودة في شرق أفريقيا. حقق هذا الكتاب نجاحاً ساحقًا في أمريكا وكذلك في الدانمارك والدول الاسكندنافية الأخرى، وجعل منها كاتبة محبوبة وشهيرة، حولت القصة إلى فيلم سينمائي بعنوان (الخروج من أفريقيا) الحائز على جائزة الأوسكار في العام 1985 حيث تركز القصة والفيلم على السنوات التي قضتها تدير مزرعة للبن في كينيا. تنتمي معظم كتاباتها الى أدب السيرة الذاتية وتعتبر الثنائية "ظلال على الحشائش" و"راحلة من أفريقيا " من أشهر أعمالها سجلت في الثنائية الشهيرة معظم تجاربها المشوقة في أفريقيا، واعتمدت على أسلوب رسم الطبيعة بكل جوانبها الخلابة وتفاعل الانسان معها وهي تعتبر أول من اهتم بوصف شخصيات الافارقة كبشر حقيقيين لا كأنماط مثلما فعل معظم الكتاب الغربيين ويظهر هذا في الروايتان، تنقسم ظلال على الحشائش الى اربعة قصص قصيرة هي "فرح" "رسالة من الملك" "المبادرة الكبرى" "أصداء من التلال". تستخدم بليكسن إسلوبا تقليديًا في السرد القصصي مستندة إلى خلفية القرن التاسع عشر وكأنها تتعمد استخدام الأساليب القديمة، اهتمت باظهار قيمة الشجاعة الإنسانية والإيمان بالقدر وربما يرجع ذلك إلى تأثرها بالحركة الرومانسية كما أنها تأثرت بالفيلسوف الالماني نيتشة وبالقصص الشعبي الإسكندنافي وشكسبير والأساطير اليونانية القديمة وألف ليلة وليلة والعهد القديم والجديد، حيث أن قصصها تضع اهتماما كبيرًا لدور القدر بالتحكم في مصائر البشر، وتعتقد أن رد فعل الإنسان تجاه أقداره تمنعه من إظهار قيم انسانية مثل البطولة والشجاعة؛ وبالتالي الخلود، فهي تصف الطبيعة فى أفريقيا و كأنها ترسمها بالكلمات كما تعطي وصفًا رائعًا لعادات السكان الاصليين وتقاليدهم. أيضا وصفت التأثير السلبي للاستعمار الأوروبي على أفريقيا وكيف شهد المجتمع الأوروبي تصدعًا في قيمه وعاداته وتقاليده بسبب الغزو الاوروبي الذي اعتقد أنه يقدم الحضارة واختار أن يؤديها في المستعمرات الإفريقية. رواية ظلال على الحشائش من ترجمة أنوار عبد الخالق و مراجعة نبيل راغب. أما في مجموعتها القصصية (مواقف مصيرية) من ترجمة وتقديم عزة مازن، حيث وصفت داينسن مجموعتها القصصية "مواقف مصيرية "بأنها تعزف على اّلات أخف من تلك التي عزفت عليها في المجموعات السابقة، ويرى النقاد أن هذه المجموعة تميل نحو الخفة والترفيه وقد نالت قصة (وليمة بابيت) التي ضمتها المجموعة إعجاب النقاد، ومعظم قصص هذه المجموعة تحولت الى أعمال فنية مقتبسة عنها. ترتبط قصص المجموعة الخمس بمسحة من الحكايات الخرافية تجمعها تيمات مثل الملائكة والبحر والاحلام والقدر ورغم المسحة الاسطورية التي تغلف قصص المجموعة وتجعلها أميل الى ادب التسلية فان القراءة المتعمقة سوف تكشف طبقات عدة متوازية في ثنايا النصوص، وتشدد على تعدد مستويات القراءة مما يؤكد على مهارة عالية تجعل قصص المجموعة اضافة الى تراث داينسن باعتبارها واحدة من اهم أساطين القصة القصيرة في القرن العشرين.