انتهت اللجنة الوطنية للسياسة الثقافية من إعداد ملخص مقترح لما يمكن أن تكون عليه السياسة الثقافية في مصر لعرضه في جلسة استماع على لجنة الثقافة والإعلام والسياحة بمجلس الشعب برئاسة المهندس محمد عبد المنعم الصاوي، وذلك يوم الخميس القادم. تعمل اللجنة في الوقت الحالي على جمع توقيعات من المؤسسات الثقافية المستقلة ومن الشخصيات الثقافية البارزة على هذا المقترح. تقول بسمة الحسيني مدير مؤسسة المورد الثقافي: "وافقت اللجنة بشكل مبدئي على المقترح الخاص بالسياسة الثقافية لكنها اشترطت أن يتم التوافق عليه من المجتمع الثقافي، ولهذا نسعى إلى تجميع أكبر عدد ممكن من المؤسسات الثقافية والمثقفين المستقلين وغيرهم من رموز الثقافة في مصر". تضيف الحسيني: "وضعنا نصب أعيننا في كتابة هذا المقترح مصالح أغلب الشعب، والذي يميل إلى المحافظة والتدين، لكن هذا لا يعني ذلك قبولنا بإلغاء حرية التعبير، بقدر ما يعكس وعينا بأننا أمام نضال طويل من أجل توعية الناس بأهمية حرية التعبير من خلال المنتج الثقافي". يضم المقترح ملامح رئيسية لما يمكن أن يشكل سياسة واضحة للثقافة في مصر وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى في مصر، وتقوم السياسة على مبادي أساسية تمثل الحفاظ على الهويّة الثقافية المصرية، ومراعاة البُعد الثقافي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد الشفافية والقابلية للمحاسبة والتقييم، والحفاظ على حق الدولة السيادي في تطبيق ما تراه من سياسات وإجراءات ثقافية، فضلا عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. فيما قدم المقترح أهدافا واضحة وتميل إلى التحديد على رأسها رفع الميزانية الخاصة بالثقافة ب 1.5% من الموازنة العامة للدولة، وإعلان تفاصيل هذه الميزانية، والحدّ من مركزية الثقافة، دعم التشاور والمشاركة بين كل القوى الاجتماعية والسياسية في وضع وتنفيذ السياسة الثقافية، وإعادة هيكلة وزارة الثقافة، واحترام حرية العمل الثقافي، والعمل على التكامل بين السياسة الثقافية وسياسات التعليم. يرى المقترح أن هذه الأهداف يمكن تحقيقها من خلال آليات توزع على جهات ثلاث كل على حسب دوره في العملية الثقافية أولا مجلس الشعب والذي عليه القيام بمراجعة وتطوير كل القوانين والتشريعات واللوائح المؤثّرة في العمل الثقافي، ومناقشة وتحديد معايير وأسس الاختيار التي تُوزّع على أساسها المخصصات المالية للمحافظات والمؤسسات الثقافية والأفراد، والإعلان عن هذه المعايير بشكلٍ شفاف، وبالطبع إقرار هذه السياسة الثقافية. فيما يأتي دور الأجهزة الحكومية في أن توزّع الميزانية المخصصة للثقافة بشكلٍ ديمقراطيٍ وعادلٍ على كل محافظات مصر، وتعيد صياغة دور وزارة الثقافة بحيث تقوم بالتنسيق بين الوزارات المختلفة من أجل ضمان أن تلعب المؤسسات الحكومية الدور المنوط بها ، كما عليها أن تقوم بإبرام اتّفاقيات وتصميم برامج تتيح التكامل في خدمات وزارتي التعليم والثقافة، والعمل على إصلاح وزارة الثقافة إدارياً بشكلٍ تدريجيٍ وحل مشكلة تضخّم العمالة بها، مع تخلّي الوزارة عن لعب دور المنتج والموزّع للخدمات والمنتجات الثقافية وقيامها بدور الداعم والراعي للعمل الثقافي. وهو الأمر الذي سيتيح المساحة للطرف الثالث المتمثل في المجتمع المدني للقيام بدوره والذي حدده المقترح في إشراك المؤسسات الثقافية المستقلة بشكلٍ فعّالٍ في وضع وتنفيذ ومراقبة وتقييم هذه السياسة الثقافية، والتزام المؤسسات الثقافية المستقلة بأساليب الإدارة الجيدة للمال العام وبالشفافية في الإعلان عن ميزانياتها ومصادر تمويلها واحترام تلك المؤسسات للقوانين المتعلّقة بالعمل الثقافي السارية في مصر، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تطوير هذه القوانين لضمان تحرير العمل الثقافي، مع ضمان حرية النقابات الفنية وإخراجها من دائرة السيطرة الحكومية. كانت اللجنة الوطنية للسياسة الثقافية قد بدأت عملها عام 2010، مكوّنة من 25 عضواً من المبدعين وأساتذة الجامعات والمختصّين في الإدارة الثقافية، وقد تأسست بمبادرة من مؤسسة المورد الثقافي من أجل صياغة سياسة ثقافية مصرية. اعتمدت المجموعة الوطنية، كإطار عام لعملها، نموذج السياسة الثقافية الذي وضعته مجموعة العمل على السياسة الثقافية في أفريقيا، الخاصة بشبكة "أرتير يال". وهي أكبر شبكة ثقافية أفريقية غير حكومية. هذا النموذج الذي وضعته شبكة "أرتير يال" يهدف إلى تسهيل مهمة واضعي السياسات الثقافية في البلدان الأفريقية حيث إنه يشكّل إطاراً عاماً يمكن تعديله ليناسب ظروف كل بلد.