بالرغم من أنه فارق الحياة في ريعان الشباب إلا أنه خلد بشعره ما لم يخلده أصحاب عشرات السنين، فمن منا لم يتغن في ثورة يناير بأبياته الشهيرة (إذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر)، في هذه الأيام تمر ذكرى مولد أبو القاسم الشابي شاعر الحب والثورة شاعر التجديد في أوائل القرن الماضي . خمسة وعشرون عاما عاشها الشابي، المولود في 24 فبراير عام 1909 في بلدة توزرالتونسية، جعلت شخصيته فذة متمردا على الاستعمار الفرنسي وتحريض الشعب التونسي بل العربي على دحض الاستعمار واستلهام الحضارة العربية والإسلامية بعبقرية أصلية وشاعرية فياضة. فقد قال الناقد التونسي محمد العروسي المطوي إن شعور الشابي نحو شعبه لم يكن اشفاقا وحسرة وعطف، بل يحثه على الثورة على الظلم والطغيان والتقاليد البالية إيمانا منه أن الشعب يصبر حتى ينفجر في وجه الطغيان والظالمين بثورة يتفاجأ بها الطاغي، والمثل الواضح ما حدث قبل عامين في تونس بثورة الياسمين وثورة يناير في مصر وثورة فبراير في ليبيا وثورة اليمن برحيل الطغاة وما يحدث الآن في سوريا. والشابي فتح بشعره التجديدي الباب أمام الشعراء بمخاطبة الشعوب فالشعب في تجربة الشابي الشعرية مسئول عما بلحق به من ضرر، ويكتسب هذا الاتجاه دلالات فكرية أكبر بكثير من كونه أسلوبا في ارادة التخاطب أو استحضار الغائب الموجود، فالشعب عنده تعبير عن الوعى الجديد بألا يرضى بالجلاد، فالشعب هو الذى يصنع حاكمه حيث تعتبر قصيدته "إلى الشعب" تبشيرا بمناخ جديد يستنهض الشعب الخامد، يطالبها بالعلا والطموح والحرية، وكذلك قصيدته "إلى طغاة العالم" التي يتهكم فيها على الطاغي وتصوره أنه خالد مخلد ونسيانه أن الشعب مهما كان خانعا إلا أنه لا يرضى الجلاد وينقض عليه كالفريسة. والشابي عند استنفاره للشعوب يدافع عن الإسلام الذى جاء بالعزة والكرامة ويفكر علماء الأمة بمبادئ الإسلام الحنيف حيث نقرأ: "لقد نام أهل العلم نوما مغنطسًا فلم يسمعوا ما وردته العوالم".