من آن لآخر يطالعنا موقع يوتيوب وبعض المواقع الإسلامية المحسوبة على التيار الجهادي، بفيديوهات مجهولة تضم مُلثمين، مجهولو الهوية، يقبضون بأيديهم على أسلحة، يخاطبون الأمة من الصحراء الخالية، ومن أعلى الجبال يتلعثم بعضهم في قراءة آيات القرآن ، والبعض الآخر قد يكون ضليعا في اللغة. ومن ضمن هؤلاء الذين ظهروا في فيديوهات مجهولة ظهر للمرة الأولى بشكل علني فيديو مصور تحت اسم "حركة كتائب مسلمون"، يقال إن زعيمها من الصعيد والتي أعلنت صراحة عن وجود مخطط فتنة يُحاك في البلاد من خلال محاولة أقباط مصر تنفيذ مخطط إنشاء دولة قبطية منفصلة داخل مصر، واشتراك جبهة "الإنقاذ" الوطني في حرق مصر، وانضمام ما يسمى "الإعلام الفاسد" لحملة تشويه صورة المسلمين والحكم الإسلامي. وأعلنت الحركة عن قائمة اغتيالات تستهدف بها بعض الشخصيات القبطية المصرية، وعلى رأسهم القس فلوباتير، وعصمت زقلمة، وموريس صادق، مؤكدين عدم انتمائهم لأى حزب أو جماعة إسلامية. ووجهت الحركة إنذارا إلى أقباط مصر "الذين يريدون تقسيم مصر إلى كيانات منفصلة"، وطالبتهم بدفع الجزية كما وجهت الحركة إنذارا أخيرًا للإعلاميين الذين يثيرون الفتن على حد وصفها وطالبتهم بالتوقف حتى لا تهدر دمهم. كما وجهت الحركة في بيانها رسالة إلى الجيش والشرطة، متسائلة لماذا يجمعون السلاح الذى يدافع به الأهالي عن أنفسهم وأعراضهم، محذرة من مطاردة الجيش والشرطة لهم، كما هددت أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني والعلماء المسلمين، فهل هؤلاء شرفاء وطنيون يريدون حقًا حماية مصر من الفتن أم أنهم مجرد مأجورون جدد لإثارة مزيد من الفتن داخل البلاد وتقليب الساحة السياسية. وتزداد خطورة التنظيمات الإرهابية في مصر خاصة بعد ظهور فشل الربيع العربي، الذي تحول إلى خريف او قل شتاء ملئ بالأعاصير والزوابع، فقد كان الكثيرون يظنون أن الثورات العربية قد كتبت بداية النهاية للقاعدة وفكرها، وأن القاعدة في طريقها إلى الزوال والاختفاء، لأن الثورات السلمية العربية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك فشل الفكر الجهادي والقاعدي، حيث استطاعت هذه الثورات السلمية أن تحقق في وقت وجيز ما فشلت فيه التيارات الجهادية والقاعدة على مدى ثلاثين عاما، من تغير لبعض الأنظمة العربية، والتي استعصت على كل التيارات الجهادية في المنطقة العربية. وزاد من صحة هذا الظن الضربات الفكرية القوية التي وجهت إلى تنظيم القاعدة قبل قيام الثورات العربية، والمتمثلة في المراجعات الفكرية، التي قام بها العديد من التيارات الجهادية في المنطقة العربية، والتي بدأت من مصر على يد الجماعة الإسلامية، ثم تبعتها مراجعات تنظيم الجهاد المصري، ثم انتقلت إلى العديد من الدول. ولكن أخيرا، ومع شبه فشل للثورات العربية أو بالأدق نجاح قوى داخلية وخارجية في تصفية الثورات العربية، عاد من جديد النشاط الكبير لتنظيم القاعدة في شمال إفريقيا، مع وجود غطاء سلطوي للتنظيم، حيث نشط تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ثم تبعه ظهور جديد للقاعدة في سيناء، تحت مسمى "أنصار الجهاد في سيناء"، حيث أثار ظهور هذا التنظيم الكثير من المخاوف، منها على سبيل المثال، عودة العنف الديني المسلح من جديد، وكذلك عودة العمليات الإرهابية التي عانتها مصر فترة طويلة من الزمن، بعد أن تم القضاء عليها. وقد تمثل الظهور الإعلامى الرسمى للقاعدة فى مصر، من خلال بيان صدر عن جماعة أطلقت على نفسها " جماعة أنصار الجهاد في سيناء"، وهو بيان مبايعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، فهل يعود التنظيم إلى سابق أوانه بتنفيذ عمليات تصفية واسعة في مصر قد تشعل الساحة السياسية من جديد أم أن تلك التنظيمات ستظل على سلميتها وجهادها السياسي.