والد "سارة" السادس مكرر بالثانوية الأزهرية: متعاطف مع موقف شيخ الأزهر وربنا يفك كرب أهلنا بغزة    "حماة الوطن" يعقد مؤتمرًا جماهيريًا بالجيزة لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ 2025    وزير الأوقاف: مواجهة الفكر المتطرف وكل تحديات شعب مصر هو مهمتنا الكبرى    الطائفة الإنجيلية: دور مصر تاريخى وراسخ في دعم القضية الفلسطينية    شاهد اجتماع الرئيس السيسي ووزير الداخلية (فيديو)    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    مصلحة الضرائب تحدد موعد إصدار ايصالات ضريبية إلكترونية على بيئة التشغيل    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    بعد فشل مفاوضات الدوحة..الإرهابى ترامب والمجرم نتنياهو يعلنان الحرب ضد الفلسطينيين    نائب الرئيس الإيراني: الهجوم في زاهدان بدعم مباشر من الأعداء بهدف زعزعة استقرار البلاد    الأونروا تحذّر: الإنزال الجوي للمساعدات قد يقتل المجوّعين بغزة    تايلاند وكمبوديا تتبادلان الاتهامات بشأن الهجمات الحدودية    ترامب وفون دير لاين يلتقيان قبل أيام من موعد فرض الرسوم الجمركية    بحضور وزير الرياضة.. اتحاد الجمباز يكرم أبطال العالم للفني والإيقاعي    هل اقترب انضمام محمد إسماعيل للزمالك؟.. مصدر يوضح    الحاصلة على المركز السادس بالثانوية الأزهرية تلغي الاحتفال بتفوقها بسبب وفاة أحد جيرانها    السيطرة على حريق مفاجئ في محول كهرباء بإحدى قرى بني سويف    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    11 ألف متردد خلال 5 سنوات.. انطلاق فعاليات حفل تخريج 100 متعافٍ من «الإدمان» بمطروح    "خطر صامت".. الجيزة تحظر سير "الإسكوتر الكهربائي" لحماية الأطفال والمارة    لا تذبحوا مها الصغير إنها فعلت مثلما يفعل الآلاف منا؟!    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    ماذا تأكل صباحًا عند الاستيقاظ منتفخًا البطن؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    إنتر ميامي يضم صديق ميسي    خالد الغندور: الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة جديدة    مفاجأة مالية في صفقة انتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس كرو الأمريكي    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    ارتفاع جديد للطن.. سعر الحديد اليوم السبت 26 يوليو 2025 أرض المصنع    التموين خفض أسعار الدواجن المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية من 125 جنيهًا ل 110 جنيهات    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    مصر تنفذ مشروعًا مائيًا لحل مشكلة انسداد مخرج بحيرة كيوجا في أوغندا ب«ورد النيل»    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    ودعت أبنائها ورحلت.. مشهد وداع تحول إلى مأساة على رصيف محطة إسنا بالأقصر    فلكيا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر    عرض أفلام تسجيلية وندوة ثقافية بنادي سينما أوبرا دمنهور ضمن فعاليات "تراثك ميراثك"    في ذكرى رحيله.. توفيق الحكيم رائد المسرح الذهني ومؤسس الأدب المسرحي الحديث في مصر    حتى الآن.. ريستارت ل تامر حسني، يحقق يقترب من 93 مليون جنيه بما يعادل 717 ألف تذكرة    تقارير: إيفرتون يقترب من الانضمام إلى بيراميدز    كريم فؤاد يرد على شائعات إصابته بالرباط الصليبي: "اتقِ الله يا أخي"    المعز علي: مونديال الناشئين 2025 حافز قوي لصناعة جيل جديد من النجوم    مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقي    كم مرة يجب تغيير «ملاية السرير»؟.. عادة بسيطة تنقذك من مشكلات صحية خطيرة    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    الاتحاد الإفريقي يرحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطين    جيش الظلم يعلن مسئوليته عن هجوم المحكمة في إيران.. و5 قتلى كحصيلة أولية    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    30 يوليو.. انطلاق الملتقى العلمي الأول لمعهد بحوث الصناعات الغذائية    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصباح" تنفرد .. 4 شهادات ليهود مصريين.. هتلر وناصر والإخوان سبب خروجنا من مصر
نشر في الصباح يوم 11 - 01 - 2013

فى رسالة بعث بها إلى محمود درويش، الشاعر الفلسطينى، بعد خروجه من حيفا، قال شحاتة هارون: «تحية من القاهرة، صخرتى التى لن أبيعها باللآلئ، حبيبتى التى لن أهجرها، أنت وأنا الأمل.. لو عدت أنت لحيفا وصمدت أنا فى القاهرة».
مصرى ديانته اليهودية، عشق وطنه، وعاش على ترابه ودفن فيه، وظل يرفض الخروج منها، متشبثا بمصريته، مناهضا لما يسمى بدولة إسرائيل، التى تأسست على جماجم أطفال فلسطين، يساريا يؤمن بالعدالة الاجتماعية ويرفض معاهدة كامب ديفيد ويعلى صيحة: لا سلام مع احتلال.
فى كتابه «يهودى فى القاهرة» كتب: لكل إنسان أكثر من هوية، وأنا إنسان مصرى حين يُضطهد المصريون، أسود حين يُضطهد السود، يهودى حين يُضطهد اليهود، فلسطينى حين يُضطهد الفلسطينيون.. هكذا كان إنسانا بامتياز ومصريا خالصا بامتياز ويبدو أن الأقدار أرادت له أن ينشأ مختلفا، فقد كان أبوه «الخواجة هارون» يعمل موظفا فى «شيكوريل» ولما لاحظ أن ابنه ضعيف العلم بتعاليم اليهودية أحضر له حاخاما لتدريسه إياها وحين لاحظ ضعفه باللغة العربية أحضر شيخا أزهريا، بينما كان يدرس بمدرسة «الفرير الكاثوليكية».
هكذا تشربت نفس الطفل، الذى ولد سنة 1920 وتوفى 2001، مبادئ الإنسانية وأفكار التسامح والتعايش وعاش مؤمنا بالآخر.. وهو الإيمان الذى ساقه إلى إعلان العداء لدولة الكيان الصهيونى، لأنها تريد إلغاء الشعب الفلسطينى.
فيما كان اليهود يبحثون عن مهرب مما كانوا يعتبرونه جحيم مصر، قرر «شحاتة» البقاء إلى درجة أنه رفض الخروج إلى فرنسا لعلاج ابنته «منى» من إصابتها بمرض فى الدم، لأن الحكومة اشترطت عليه الخروج بلا عودة.. فما كان إلا أن ماتت الطفلة بين ذراعيه.
أحب عبدالناصر.. وعارض كامب ديفيد، وأوصى بألا يصلى عليه حاخام إسرائيلى، فاستقدمت ابنتاه نادية وماجدة حاخاما من فرنسا، ونشرت فى الصحف نعيه كما أحب أن يعيش.. إنسان مصرى يسارى يكره الظلم ويؤمن بالعدالة الاجتماعية، ويقف إلى جوار الإنسانية.
هذا مصرى.. أحب مصر، لاحقته اتهامات بالخيانة، فبقى.. خسر فلذة كبده فبقى.. طورد فبقى.. اتهم بالخيانة والتجسس لصالح إسرائيل، فبقى.. ولم يهرب إلى ما يسمى أرض الميعاد، ولعله لو كان بيننا الآن، لسخر من دعوة الدكتور عصام العريان إلى الذين اختاروا المشروع الصهيونى وتنكروا لأرضهم بأن يعودوا إلى هذه الأرض.
فى السطور المقبلة، نماذج أخرى للذين ولوا الأدبار وهجروا مصر بحثا عن حلم «أرض الميعاد».. ومنهم من حاربوا ضد بلدانهم الأصلية.
ديفيد حاموى:
لست نادمًا على الهجرة من وطن يعادينى لأنى يهودى
عندما حاولت الالتحاق بالجامعة، قيل لي: عليك أن تغير اسمك من ديفيد إلى داود، حتى يتم قبولي.. شعرت آنذاك بالمرارة، فقررت أن أهجر مصر، غير نادم على هذا الوطن، الذى يعادينى لمجرد أنى يهودى.
ويقول ديفيد الذى غادر مصر سنة 1962: عام 1948 كنت فى السادسة من عمرى، وحينها بدأ الصراع العربى الإسرائيلى «حرب فلسطين»، ولما كنت أغط فى النوم، سمعت قرعًا عنيفًا على الباب، وفجأةً اجتاح جنود المخابرات المصرية منزلنا بالقاهرة للتفتيش.
أتذكر وجه والدى وعلمات الرعب ترتسم عليه، كان أبيض البشرة شاحبًا، وكان يضمنى إلى صدره ليهدئ من روعي، وعندئذٍ شعر أبى أن حياة السعادة فى مصر، ذهبت إلى غير رجعة.
ويضيف «كانت السعادة تملأ حياتنا، بعد خطوبة زوجتى روزيت، وكان أحد الجيران قد أخبر الشرطة بأن عائلتنا، تعقد اجتماعات صهيونية، وجاءت المخابرات فى الليل للبحث عن أدلة وأسلحة، فقلبوا المنزل رأسًا على عقب وفتشوا كل زواياه ومزقوا المفارش، وأخذوا محتويات الأدراج، وفى صباح اليوم نفسه أصيب والدى بنوبة قلبية بسبب ما حدث، هذا رغم أنه كان رجلاً قوياً وصاحب شركة لصناعة النسيج ومتعهد عقارات.
ويضيف ديفيد «كنت فى القاهرة أثناء نشوب ثورة يوليو عام 1952، وأتذكر أن الدخان غطى سماء العاصمة المصرية» فى الأيام التى أعقبت خروج الملك فاروق إلى إيطاليا، وسيطرة جمال عبدالناصر على مقاليد الحكم، وكان والدى قد وافته المنية قبل بضعة أشهر من قيام الثورة، وكنا وحدنا مع والدتي، لم نكن نعرف أى مصير ينتظرنا، خصوصًا أن نظام عبدالناصر كان معادياً لليهود.. حسب قوله.
ويقول: كنا خائفين جداً، وعندما اندلعت حرب السويس فى عام 1956، اختبأت مع عائلتى فى المناطق الريفية خارج القاهرة، وأتذكر صوت الطائرات ودوى المدافع المضادة للطائرات، اتذكر اختبائى تحت السرير وطلاء المصابيح باللون الأزرق حتى لا تتمكن الطائرات من رؤية المنزل، وخلال نفس الفترة بدأ ناصر ترحيلنا وتأميم جميع ممتلكاتنا.
ويتابع قائلاً: اضطرت شقيقتى وزوجها إلى مغادرة مصر، وسافرا على متن الطائرة الأولى التى غادرت مصر وفى حوزتهم 20 جنيها لا أكثر، وأُغلقت حساباتهم المصرفية، وتركوا منازلهم، ولم تصب أسرتى بأذى، «كانت والدتى أرملة ولديها أطفال صغار لم نفكر مطلقًا بأننا نشكل تهديدا على مصر.
قصدت فرنسا.. وهناك استقبلتنى إحدى المنظمات الصهيونية العاملة بمجال تهجير اليهود إلى «أرض الميعاد».. لقد أرسلهم الرب لإنقاذي.
«جوزيف واحد» إسرائيلى من أصل مصرى:
هجرت القاهرة هربًا من «معاداة السامية» وسأدافع عن «أرض الميعاد» ضد الإخوان
مازلت أحمل فى ذاكرتى بعض ذكريات عن مصر وشعبها، حيث عشت فى عصر البراءة بالقاهرة، وحين كنت ألعب الكرة فى الشوارع، مع محمد ومصطفى وبطرس.
هكذا تحدث جوزيف واحد، الإسرائيلى الجنسية من أصول مصرية، عن حياته بمصر، وذكريات الخروج منها، قاصدًا الدولة الصهيونية.
جوزيف البالغ من العمر الآن، نحو 76 سنة، وخرج من مصر، فيما كان فى نحو الخامسة عشرة من العمر.
يقول: والدى وجدى من المصريين اليهود، لكنى إسرائيلى وسأبقى ضد كل أعداء «دولتنا» وعلى رأسهم الإخوان المسلمين الذين يريدون القضاء على دولة إسرائيل «كما يدعي».
ويتابع قائلاً: «أنتمى إلى ما يقرب من مليون لاجئ يهودي، من الإسرائيليين من أصول عربية، ممن تم طردهم من تسع دول عربية، تاركين خلفنا ميراث كبير من الثقافة والتراث والممتلكات الدنيوية، واليوم هناك أقل من ثمانية آلاف يهودى يعيشون فى الدول العربية، بعد تهجيرنا.
وردًا على سؤال عما إذا كان قد تم تهجيره أو هاجر بمحض إرادته يقول: بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهرت فى مصر قوتان، هما جماعة الإخوان المسلمين التى كانت تعادى اليهود، وتسعى لتهجيرهم عن عمد، والقومية العربية.. وبالتوازى مع ذلك، ظهرت دولة إسرائيل، «أرض الميعاد»، فطبيعى أن يكون خيارى الرحيل.
كان العداء لليهود قد بلغ أشده مع نجاح قائد الجيش النازي، روميل ثعلب الصحراء من اجتياح ليبيا، وتأهبه لدخول مصر، حيث بدأ بعض المصريين يرفعون لافتات مكتوباً عليها: «مرحبًا رومل».. عندئذٍ شعر والدى أن المستقبل ليس على هذه الأرض، لأن «معاداة السامية».. سكنت فى نسيج المجتمع المصري.
ويقول: كانت هذه حقبة حالكة الظلام من تاريخنا، وكان لابد من الخروج، وهكذا ضاع كل ما كان يتحلى به المصريون من ثقافة التسامح والانفتاح على الآخر، رأيت كيف تحول الحب الى غضب أعمى وسلوك عنصري؟ وتم قتل المئات من اليهود ووضع الكثير منهم فى السجن، وخسر رجال الأعمال ممتلكاتهم، وكانت طريقة العرب فى التعامل معنا وحشية جدا وخاصة فى العراق وسوريا واليمن ومصر، حيث ردد المصريين فى القاهرة «إن اليهود هم كلاب العرب»، ووضع اليهود فى المعتقلات خلال حرب «الأيام الستة» التى كسرت ظهر المصريين.. حسب تعبيره.
ولم يشأ جوزيف الخوض فى حديث عن انكسار أسطورة الجيش الذى لا يقهر فى حرب «الساعات الستة» ومن قبلها الاستنزاف متجاوزًا السؤال إلى مواصلة حديث الخروج من مصر حيث يقول: خرجنا من مصر، وقررنا أن نشارك فى تأسيس دولتنا التى نعيش فيها كرماء، ونجحنا واعترف العالم بنا رغم أنف العرب.
لا نريد العودة إلى مصر، ولا نرغب فى وطن باستثناء دولتنا، وعلى العرب ألا يفكروا فى مناوشتنا، فدولتنا أصبحت قادرة على ردع الذين يريدون القضاء عليها، نسينا كل أيامنا فى مصر، ولا نريد تذكرها، ولا تعنينا دعوة عصام العريان، بالعودة لأننا لا يمكن أن نعود إلى بلد تحكمه جماعة الإخوان.
ويختتم قائلاً: لو وقعت حرب بين مصر وإسرائيل، سأكون إلى جانب دولتي.. التى ليس لى دولة سواها، دولة إسرائيل.
مايكل دانا: هاجرت من مصر خوفًا من هتلر.. وأسست صناعة النسيج فى إسرائيل
يبلغ الإسرائيلى من أصول مصرية مايكل دانا، من العمر الآن نحو 77 عامًا، لكن ذاكرته قلما تخونه حين يتحدث عن ذكرياته فى مصر، التى غادرها بعد وفاة والده سنة 1945، وذلك «كما يزعم» بعد طرده منها.
يقول: ذكرياتى الأولى عن مصر تدور حول حقبة الحرب العالمية الثانية، حيث كانت لدى والدى مخاوف كبيرة من تمكن جيش هتلر من اجتياح مصر، شعر اليهود بمرارة كبرى حين رحب المسلمون بجيش هتلر وطالبوه بتخليصهم من الاحتلال الإنجليزي.. كان هذا يعنى بالضرورة إحراق اليهود، كما حدث فى الهولوكوست النازي.
هذه الفترة صدرت قوانين ساهمت فى فقدان اليهود لوظائفهم، ولما ضاق الرزق، بدأت أسرتى تهاجر.. عمى ارتحل إلى الأروجواي، وخالى إلى إسرائيل، وبدأت الاتهامات بالتجسس تنهال على اليهود، بعد وصول الضباط بقيادة عبدالناصر إلى الحكم.
بعد العدوان الثلاثى على مصر، بدأت الملاحقات الأمنية تزداد، وتم تجميد حسابات مصرفية لأسرتي، وكنت آنذاك أدرس بإنجلترا، وبصعوبة بالغة تمكنت والدتى من إرسال الأموال لى هناك، لمدة ثلاث سنوات، حتى التحقت بالجامعة بالولايات المتحدة.. ومن ثم غادرت مصر، وتركت ما تبقى من أموال هناك.
وفى سن السادسة عشرة، كنت طالبا بالتكنولوجيا والهندسة النسيجية فى برادفورد، عشت هناك دون أسرتى، حيث كان عمى يعيش فى ميلانو، والآخر يعيش فى نيويورك، ووالدتى فى ذلك الوقت انتقلت إلى الأرجنتين، وكانت أختى لا تزال تعيش فى مصر.
بعد التخرج هاجرت إلى إسرائيل، عام 1960 حيث تم بناء قاعدة صناعة المنسوجات التى كانت واحدة من الصناعة الرئيسية هناك، وتوفرت لى الفرصة، حتى أصبحت واحدًا من أهم وأبرز رواد هذه الصناعة بإسرائيل.. بل إنى أعتبر نفسى مؤسس صناعة النسيج هناك.
كانت الحياة فى إسرائيل صعبة بالنسبة لي، فعاداتى كانت كعادات كل المصريين، والمجتمع غربى الطابع، ولم أكن أتقن العبرية، فشعرت بشيء من الغربة أول الأمر، لكنى لصغر سنى سرعان ما تأقلمت، خلافًا للكبار فى السن، الذين لم يتمكنوا من التأقلم مع الظروف الجديدة، وعاشوا فى «أرض الميعاد» غرباء.
ويقول: أعتقد أنى فعلت القرار الصائب، ولست نادمًا على الهجرة من مصر، فهى وإن كنت أحمل لها ذكريات طيبة، لم تعترف بنا وعاملتنا بعدائية شديدة، هذا خلافًا لدولتنا.. لكن ماذا عن معاملة ما تسميه بدولتكم للفلسطينيين.. السكان الأصليين على أرضهم التى استعمرتموها؟
هذا سؤال لا يجيب عليه مايكل دانا.
«مارك خضر» اليهودى المصرى فى أمريكا:
أحب الملوخية وأغانى أم كلثوم وفريد ورفضت الهجرة لإسرائيل
«عت كملك فى مصر»، جملة استهل بها مارك خضر اليهودى المصرى البالغ من العمر 63 عاماً ويعيش حاليًا فى فرنسا.
ويقول: خرجت مع عائلتى مع حرب 1967، وكنت فى نحو الثامنة عشرة من العمر، ولظروف ما لم ألتحق بالجامعة، فعملت مدرسًا للرسم بمعهد أمبوسكو، وحصلت على راتب حوالى 18 جنيهًا فى الشهر.
كان هذا المبلغ كبيراً بما يكفى لأن أعيش كالملوك بالقاهرة، التى لم أفكر يومًا الخروج منها، لكن فى صبيحة السادس من يونيو عام 67، ألقى القبض على من ضمن كثيرين من المصريين اليهود، وانهارت فكرة التعايش السلمى بين أتباع الديانة اليهودية والمسلمين فى مصر، يوم ألقى القبض علينا، ووجدنا أنفسنا سجناء فى سجن أبوزعبل الذى يبعد ساعتين عن القاهرة.
وفى صباح اليوم التالى أُجبر 400 من السجناء اليهود على الجرى فى الفناء، فيما كان أحد الجنود المصريين يقوم بضربنا بالحزام، وسألنى إذا كان لدى مشكلة فى قلبي، الذى كانت دقاته سريعة جداً، لشدة خوفى فقلت: نعم.. فوضعنى فى غرفة أخرى للمسنين والمرضى، وكانت الغرفة رقم 24 بنفس حجم غرفة رقم 21، ومرة أخرى حُشر فى داخلها ستون شخصاً، وأثناء الليل شكلوا ثلاثة صفوف فى كل منها عشرون شخصا، ولما ذهبت إلى الحمام ليلاً رجعت فلم أجد مكانى لأن شخصاً آخر انتقل إليه.
ويضيف خضر «بعد أيام قليلة جاء قطار من الإسكندرية محملاً ب 200 يهودي، وكانوا متعبين ومصابين بجروح بعد قضائهم مدة طويلة فى القطار، وقال المصريون هؤلاء «أسرى حرب تم القبض عليهم بعد إسقاط طائرات إسرائيلية» وأثناء سفرهم ضُربوا بالحجارة.
ظللت فى أبوزعبل لمدة ثمانية أشهر قبل نقلى إلى «سجن طره»، الذى كان على مسار الطائرات الحربية الإسرائيلية.
ويعتقد خضر بأن المصريين أرادوا أن يفجر الإسرائيليون السجن وقتل السجناء اليهود الموجودين داخله، وأنه رأى فى إحدى المرات طائرة إسرائيلية تحلق فوقهم على ارتفاع يقل عن ارتفاع منخفض، فرأى «نجمة داود» عليها، وكان الطيار يعرف بأن فى السجن يهودًا، فأسقط قنابله باستثناء السجن الذى كنا فيه، رأيت بعض الدخان الأسود واعتقد المصريون أنه تم إسقاط الطائرة ولكنها حلقت عاليًا جداً فى الهواء وبسرعة كبيرة.
وبعد مرور 3 سنوات وشهر واحد أُفرج عنى وطُردت من مصر، وانضمت إلى والدتى وأختى وأخى ووالدى وسافرنا معًا إلى باريس، وعشت هناك لمدة ثمانية أشهر أعمل فيها فى متجر لبيع الملابس النسائية.
ويقول: فى فرنسا اكتشفت المعنى الحقيقى للحرية، ثم انتقلت مع عائلتى إلى سان فرانسيسكو، حيث كان شقيقى الأكبر قد وصل إليها قبل حرب 1967 وعمليات الاعتقال التى أعقبتها، وفى سان فرانسيسكو عملت فى متجر آخر لبيع الملابس لمدة عشر سنوات، واشتريت متجر «تيون – آپ شوپ»، وهو فرع من امتياز منتشر فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، ثم التقيت بزميلة يهودية مصرية وتزوجت منها ولنا ثلاثة أطفال.
ويختتم كلامه قائلاً: لم أحب الذهاب إلى إسرائيل، فأنا مازلت مصريًا رغم كل شيء، وطباعى رغم خروجى من مصر منذ أكثر من 45 عامًا مازالت مصرية، وأحب الطعام المصري، وخصوصاً الملوخية، وأعشق أغانى فريد الأطرش وأم كلثوم.. ربما أعود يومًا ما، ربما.. لولا الحرب لما كنت خرجت من مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.