«القومي للمرأة» ينظم لقاءً موسعًا حول استراتيجية التمكين    السيسي: لا يوجد مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر    وزير الإسكان: 15 يونيو بدء تسليم دفعة جديدة من مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    الجودة السعودية: السماح للمصانع المصرية بالحصول على علامة الجودة لتسهيل التصدير للمملكة    قناة إسرائيلية تؤكد مقتل محمد السنوار.. وتكشف عن بديله    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية    ضد التهديد الفضائى وتستغرق 3 سنوات.. ماذا قال ترامب عن القبة الذهبية؟    بالفيديو والصور.. مصرع 4 أطفال وإصابة 35 اخرين اثر هجوم استهدف حافلة مدرسية في باكستان    دوري أبطال إفريقيا.. ممدوح عيد رئيسًا لبعثة بيراميدز في جنوب إفريقيا    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    صحيفة برازيلية: الأهلي ريال مدريد أفريقيا    حالة الطقس في السعودية.. موجة حارة وعوائق ترابية تحجب الرؤية    إحالة أوراق أحد المتهمين بقتل نجل عمهم والشروع فى قتل أبنائه بالشرقية للمفتى    تأجيل محاكمة عمر زهران فى اتهامه بسرقة مجوهرات شاليمار شربتلى ل18 يونيو    ضبط 61 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم.. صور    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    بعد أنباء عن طلاق السقا وزوجته.. رسائل ومنشورات مها الصغير الفترة الأخيرة    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد وحدة رعاية طفل وإدارة التل الكبير الصحية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    الحل السحري لإنقاص الوزن.. طريقة الاستخدام الصحيح لخل التفاح (3 فوائد)    «المستشفيات التعليمية» تُنظم المؤتمر الدولي السنوي الرابع للمعهد القومي للكلى    وزير بريطاني: لم يعد بوسعنا تحمل الهجوم الإسرائيلي على غزة    طالب بجامعة الجلالة يشارك في مؤتمر دولي للأمم المتحدة حول الأمن السيبراني    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على اسعار الفراخ اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 فى أسواق الإسكندرية    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    تفاصيل رحلة بيراميدز من القاهرة إلى جنوب أفريقيا لخوض نهائي دوري الأبطال    ارتفاع أسعار الدواجن في الأسواق اليوم 21-5-2025 (موقع رسمي)    «التضامن» تقر تعديل وقيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج    البيدوفيليا؟!    صحيفة عكاظ: نيوم قدم عرضا بقيمة 5 ملايين دولار لضم إمام عاشور    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025 فى البنوك الرئيسية    أمريكا وتركيا تؤكدان التزامهما بوحدة سوريا وتعزيز الشراكة الثنائية    "جيو تيان" تبدأ تجاربها 2025.. الصين تطلق أول حاملة طائرات مسيرة فى العالم    بوتين من كورسك: المسيرات تعد واحدة من المجالات الرئيسية التى نسعى لتطويرها    نادي مصري يقترب من التعاقد مع معلول.. ومفاجأة بشأن مصير رضا سليم    مصرع 3 أطفال غرقًا فى حادثين منفصلين بترع مركز المراغة سوهاج    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    حظك اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)    «غزل المحلة» يعلن مفاوضات الأهلي مع نجم الفريق    وزير الخارجية يلتقي رؤساء وفود الاجتماع الإفريقي الأوروبي    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    محافظ الدقهلية يشهد حفل تجهيز 100 عروس وعريس (صور)    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    لميس الحديدي عن أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبدالعزيز: هناك من عايش الزيجة 20 سنة    نائبة تطالب بتوصيل الغاز الطبيعي لمنطقة «بحري البلد» بأسيوط    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    عضو مجلس يتقدم بطلب لتفعيل مكتب الاتصال الخدمي بنقابة الصحفيين (تفاصيل)    «منصة موحدة وكوتا شبابية».. ندوة حزبية تبحث تمكين الشباب وسط تحديات إقليمية ملتهبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما تبقى من ذلك الزمن!
نشر في صباح الخير يوم 06 - 10 - 2009

أنا من جيل عاش كل حروب مصر مع إسرائيل.. من حرب 84 وكنت وقتها طفلا فى التاسعة من عمرى، وبيت والدى فى بنى سويف حيث كان يعمل نائبا لمأمور المركز.. وأحاديث الحرب تجمع الجيران وزملاء عمل والدى.. ولم أكن أدرك تماما حقيقة ما يحدث فى فلسطين أكثر من أنها معركة بين العسكر والحرامية الذين يحاولون سرقة الأرض.. وفى عدوان ,65. كنا قد انتقلنا إلى القاهرة لأدرس فى الجامعة، ومن شرفة بيتنا فى شبرا نرصد كشافات الأضواء التى تبحث عن طائرات العدو فى سماء القاهرة المظلمة مع نداءات إطفاء أنوار المنازل والشوارع وأصداء الأغانى الوطنية وخطب عبد الناصر التى تدعو لشرف القتال ويملؤنا الغضب والإصرار على رد هذا العدوان الهمجى على أراضينا، وتحول الشارع المصرى إلى كتلة من الحماس الثائر، وتوارت كل الاهتمامات الشخصية فى إعلان الانتماء والدفاع عن الوطن.. حتى جاءت حرب 76 وفجيعة الهزيمة.. وانكسار الروح.. وشيوع اليأس وإعلان عبدالناصر التنحى وخروج المظاهرات الشعبية الحاشدة تطالبه بالاستمرار.. وكان الرد العملى لعبدالناصر هو إعادة بناء القوات المسلحة وبداية حرب الاستنزاف والتى تكللت بانتصارنا فى حرب 37 بقيادة السادات.
شريط طويل ملىء بالأحداث عندما أتذكره الآن أشعر وكأنى عشت ألف عام.. لم أشارك فى كل هذه الحروب إلا بسلاح القلم.. أكتب فى الصحافة وأكتب للإذاعة والتليفزيون، ولا أدعى البطولات.. ولكنى أفتخر أننى حافظت على نفسى وكرامتى وأعطيت كل جهدى وخبرتى للعمل الصحفى وشرف الكلمة ووقفت بجوار أجيال متلاحقة من شباب الصحفيين حتى أصبحوا ملء السمع والبصر.. وهذا أعظم ثروتى.. ليست بحسابات البنوك وإنما بحسابات الأهداف والمواقف والذكريات.
ربما من أعز الذكريات الآن.. ونحن نحتفل هذه الأيام بأعياد انتصار أكتوبر.. ذكرى صداقتى بشاب جامعى توطدت علاقتى به من خلال ما كان يقرؤه لى.. ثم نلتقى ليناقشنى بجرأة ورغبة فى الفهم والاقتناع.. وقد جاءنى ذات مساء ليدعونى لحفل زفافه وقبل أن يمضى أخبرنى بسرعة وبلهجة واثقة.. أنه انضم لصفوف الفدائيين فى حرب الاستنزاف!!
وتملكتنى الدهشة.. ما هو مستقبل شاب يعرف جيداً أنه بين ساعة وأخرى قد يفقد حياته.. وكيف تفكر عروسه فى مستقبل بيت وأسرة وهى تدرك تماما أن حبيبها وزوجها قد يخرج ذات مرة ولا يعود؟!
طاردتنى هذه الأسئلة وأنا وسط هذا الفرح الصاخب بالدفوف والزغاريد.. وهو يجلس أمامى محتضنا بعينيه عروسه الجميلة الرقيقة فى حفل زفاف غير تقليدى.. لا تحكمه الملابس الرسمية ولا الوجوه المستعارة.. ضحك وهو يجلس بجوارى ويقول: »صدقنى أننى أستمتع بأية أغنية أو منظر حلو أكثر من أى إنسان عادى،والعمل الفدائى يعمق الإحساس بالإنسانية والجمال.. عندما أحببت هند زوجتى الآن لم نفكر أبدا فى الموت ولحظات الخطر كما تقول لماذا نعطل حياتنا خوفا من الموت.. الموت قد يأتى فى أية لحظة.. فلماذا لا نعيش حياتنا بالشكل الأفضل.. منذ شهور طويلة كنت طالبا فى ليسانس الآداب كما تعلم.. وما لا تعلمه أننى كنت أمارس نوعا من الترف.. عندما كانت أمى تطهو العدس كنت أهرب من البيت إلى أى مطعم.. كنت أقف أمام المرآة وأتساءل يوميا.. أى قميص أرتديه وأى بنطلون؟!
الآن تغير كل شىء فى معسكرات الفدائيين.. نأكل العدس.. نستحلب الزلط.. لا يهم.. حلقت ذقنى.. لم أحلقها.. أمر شديد التفاهة.. ننام على قطعة من القماش.. ننام على الرمال.. لا يهم.. المسألة ليست مظاهر وشهوات.. المسألة هى درجة الإحساس بكيانك ووجودك.. وإيمانك بأن هناك خطرا وعليك أن تتغلب عليه لتعيش فى كرامة.
أيام لا تنسى.. أيام الكرامة والإحساس القوى بالانتماء والشموخ.
هذا الصديق الفدائى علمت فيما بعد أنه استشهد فى إحدى المعارك العسكرية فى حرب الاستنزاف.. ولكن مازالت كلماته ترن فى أذنى حتى هذه اللحظة.. نموذج لجيل اعتنق هدفا ورسالة فى زمن لم يبق منه غير بعض الذكريات.. وبعض الحسرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.