انعكست مجريات الأحداث التى شهدتها البلاد على مدار العام الجارى على اهتمامات المواطنين وخاصة المواطن السكندري ، حيث أثرت فى تحديد مسار فعالياته الاحتجاجية واختيار ساحاته خلال العام 2012 قياسا بالعام الأول لثورة 25 يناير 2011. ولاتزال الساحة المقابلة لمسجد القائد إبراهيم متصدرة المشهد بوصفها ميدان الثورة بالإسكندرية ؛ لتتكالب عليها القوى السياسية لتنظيم فعاليتها لحد يصل إلى الاشتباك والخلاف على الساحة بسبب التباين والاختلاف في الآراء السياسية بين قوى تيار الإسلام السياسي من جانب ، والقوى المدنية والليبرالية على الجانب الآخر. وتحفل أجندة عام 2012 بالأحداث التي انطلقت ووقعت بساحة مسجد القائد إبراهيم لأهميته الجغرافية بتوسط مركز مدينة الإسكندرية وكانت أكثرها حدة وعنف خلال الربع الأخير من العام بسبب تصاعد الخلافات بين القوى السياسية. الساحة الممتدة والمتسعة لآلاف المتظاهرين ، باتت ضيقة يتصارع عليها تيارات مختلفة لتقع اشتباكات على مدى الشهرين الأخيرين من العام بدءا باقتحام مقر الأمانة العامة لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) والقريب من الساحة، وتستمر لما وصفته تيار الإسلام السياسي بمحاصرة المسجد اعتراضا على الخطاب التوجيهي للشيخ أحمد المحلاوي الإمام التاريخي للمسجد وأحد أقطاب الحركات الإسلامية. وهذه الساحة هي التي انطلقت منها احتفالات ذكرى العام الأول لانطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير وسيطر على التنظيم جماعة الإخوان المسلمين ، وهي قبلة العديد من المرشحين الرئاسيين السابقين لجذب أكبر مساحة من التأييد، وهي نفس الساحة التي شهدت تكثيف التواجد الأمني لمنع اشتباكات وقعت رغم كافة الإجراءات خلال الشهر الجاري. وهناك ميادين هجرها المتظاهرون والمحتجون بسبب غياب رمزيتها بعد تطورات المرحلة الانتقالية وعلى رأسها الساحة المقابلة لقيادة المنطقة الشمالية العسكرية بشرق الإسكندرية ؛ والتي بدأ التحول عنها خلال النصف الثاني من العام ، فيما شهدت آخر التجمعات الحاشدة لها يوم إعلان نتائج انتخابات جولة الإعادة الرئاسية معلنة عن فوز الرئيس محمد مرسي. فبعد أن أصبحت تلك الساحة قبلة لكافة المسيرات ، التي تنطلق إسبوعيا لدوافع سياسية مختلفة من ساحة مسجد القائد إبراهيم أصبحت مجرد محطة لا يتم التوقف فيها بينما تستمر المسيرات إلى ساحات وأماكن أخرى. وكانت آخر الفعاليات الحاشدة التي شهدتها الساحة المقابلة لقيادة المنطقة الشمالية العسكرية خلال مسيرة لجماعة الإخوان المسلمين تأييدا للإعلان الدستوري الذي أصدره رئيس الجمهورية ، والتأكيد على مفهوم الشريعة الإسلامية في الدستور الذي لم يقر آن ذاك كمحطة اضطرارية للتوقف بسبب وصول مسيرات أخرى مناهضة للإعلان الدستوري واحتشادها بالساحة المقابلة لمحطة قطار سيدي جابر على مسافة عشرات الأمتار الفاصلة بين الحشدين. وتوقفت المسيرات بشكل تام وعلى مدار العام من الاتجاه إلى قصر رأس التين غرب الإسكندرية ، فيما تفيد آراء النشطاء ومنظمي الفعاليات الاحتجاجية إلى أن رمزية تلك الساحتين انخفضت بعد تسليم المجلس العسكري السلطة إلى رئيس الجمهورية المنتخب وعودة القوات المسلحة إلى دورها وثكناتها. ورغم ذلك لاتزال القوات المسلحة تتخذ تدابيرها الاحترازية لتأمين منشأتها التي تمر بها المسيرات والفعاليات السياسية عبر نشر قواتها بالإضافة إلى الأسلاك الشائكة والمتاريس والحواجز. وتحول الامتداد الجغرافي في المسيرات التي تنطلق بالإسكندرية إلى الساحة المقابلة لمحطة قطار سيدي جابر ؛ فقربها الجغرافي من قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وتوسطها شرق الإسكندرية كان دافعا لمنظمي الفعاليات الاحتجاجية لاختيار هذا المكان ، فضلا عن رمزيته في ثورة الإسكندرية بسبب تنظيم أحد الاعتصامات خلال فترة الثمانية عشر يوما به. وبدأت قوات مديرية أمن الإسكندرية منع أية احتكاكات بين المشاركين في الفعاليات الاحتجاجية والمواطنين ، من خلال تحويل كافة المسرات المرورية المؤدية إلى الساحة إلى أخرى بما يعطل خلال تلك الفترة أحد أهم الشوارع الرئيسية بالمحافظة شارع أبي قير. وهي نفس الساحة التي شهدت واقعة الاعتداء علي القيادي الإخواني صبحي صالح، في أحداث العنف المتبادل التي استهدفت شخصيات بارزة من طرفي اللعبة السياسية (التيارين الإسلامي والمدني) ، ونالت من المرشح الرئاسي السابق من قبل أبوالعز الحريري. وعلى الجانب الآخر..بدأت ساحات أخرى تجذب اهتمام المواطن السكندري؛ ارتبطت بعمليات التحول الديمقراطي ، ومنها انتخابات الرئاسة بجولتيها (الأولى ، والإعادة) بالإضافة إلى الاستفتاء على الدستور لتجمع تلك الساحات اهتمام قرابة الثلاثة ملايين وستمائة ألف ممن يحق لهم المشاركة في ذلك العام تحديدا. وهناك ساحات أخرى غير سياسية بدأت في الانتشار والترسخ في أذهان السكندريين بمواسم سنوية ؛ تتمثل في ساحات صلاة عيدي الفطر والأضحي ، ومحاولة بعض التيارات السيطرة على تلك الساحات ومنها (محطة مصر ، ستاد الجامعة ، أرض المعسل ، الترعة المردومة) وغيرها لتعبر عن احتشاد الآلاف مع اختلاف الدعوات على مر العام.