قالت إذاعة "فويس أوف أمريكا"، أن خطاب الرئيس المصري محمد مرسي جاء بدون أي مؤشرات لتقديم أي تنازلات ذات معنى أو إلغاء الاستفتاء على الدستور الذي أثار أسوأ أزمة سياسية في مصر في غضون عامين، واتهم مرسي البعض في المعارضة لخدمة بقايا نظام حسني مبارك الاستبدادي، وتعهد بأنه لن يتسامح مع أي شخص يعمل للإطاحة بالشرعية وحكومته. ووفقاً للتقرير الأمريكي فقد رفضت المعارضة بالفعل على الدخول في حوار إلا إذا قام مرسي بإلغاء المراسيم الأولى التي أصدرها إعطائه صلاحيات دون قيود تقريباً، وأرفق مشروع الدستور الذي اعتمد على عجل من قبل حلفائه الإسلاميين في جلسة مطوّلة الأسبوع الماضي، ورغم ذلك قال مرسي أن الاستفتاء على الدستور المتنازع عليه سيمضي قدماً كما هو مقرر يوم 15 ديسمبر، كما رفض إلغاء قرارات 22 نوفمبر. وأشار التقرير أنه من اللافت أن مرسي كان يقرأ من مذكرة معدة سلفاً، على عكس كثير من الأحيان فهو عادة يميل إلى الارتجال في التحدث مع الشعب، وخلال كلمته، كرر أن هناك مؤامرة ضد الدولة، لكنه لم يكشف عن أي تفاصيل عن تلك المؤامرة. ووفقاً للتقرير فإنه في وقت لاحق، انتشرت صورة لمرسي أثناء خطابه على مواقع الشبكات الاجتماعية جنباً إلى جنب مع صورة لمبارك أثناء خطابه لشعب مصر خلال 18 يوماً الأولى للثورة التي أطاحت به، وكلاهما كان يرتدي ربطات العنق السوداء والبدل الداكنة، وأوضح التقرير أن لسان حال الشعب المصري يقول أنه ثبت أنه ليس رئيساً لجميع المصريين، ولكن مجرد ممثل لجماعة الإخوان المسلمين في الرئاسة. وأشار التقرير إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما قام بالاتصال هاتفياً مع الرئيس المصري محمد مرسي يوم الخميس للتعبير عن "قلقه العميق" بشأن القتلى والجرحى من المتظاهرين، وأكد أوباما أن جميع القادة السياسيين في مصر يجب أن يوضحوا لمؤيديهم وأنصارهم بأن العنف غير مقبول مع المتظاهرين، وقال البيت الأبيض أن أوباما رحّب بدعوة مرسي لإجراء محادثات مع معارضيه، لكنه شدد على أن هذا الحوار يجب أن يحدث دون شروط مسبقة، وقال أن الولاياتالمتحدة تواصل دعم الشعب المصري، والتحوّل إلى دولة ديمقراطية تحترم حقوق جميع المصريين، وناشد أوباما الأطياف السياسية في مصر لوضع خلافاتهم جانباً والتوصل معاً إلى اتفاق على المسار الذي سوف تتحرك به مصر إلى الأمام. وأشارت صحيفة الديلي تليجراف البريطانية، على الرغم من أن مرسي دعا للحوار في مصر، ولكنه ظل متحدياً، قائلاً أنه لن يتسامح مع أي شخص يعمل من أجل الإطاحة بحكومته المشروعة، ولم يتنازل عن إجراء استفتاء على الدستور المثير للجدل في 15 ديسمبر والغريب أن على الجميع أن يتبع إرادته. وقالت صحيفة الجارديان البريطانية أنه كان ينبغي للغرب الرد على استيلاء مرسي على السلطة، وإذا لم يتم ذلك فإن الولاياتالمتحدة وحلفائها سيصنعون نفس الخطأ مرة أخرى بتأييدهم للديكتاتورية، إذ لم يظهر مرسي أي علامة على تراجعه، رغم ارتفاع الخسائر البشرية، وقال المحللون أن مرسي خرج عن السيطرة، وأشارت الصحيفة أن الإخوان المسلمين الذين تولوا الحكم أخيراً يريدون الإبقاء على الأسلوب السلطوي في الحكم نفسه، إذ يعتمدون على الأسلوب الإقصائي ويرفضون التعددية، لدرجة أنه في الأيام المائة الأولى من حكم مرسي سجلت 88 حالة من التعذيب على يد الشرطة أدت 34 منها إلى الوفاة، ويكفي النظر إلى الدستور حتى يتضح أن مرسي يريد الإبقاء على الحكم السلطوي، وأضافت الصحيفة أن الإخوان لا يستطيعون تطبيق العدالة الثورية، وهذا ما يؤكد أنه لم تتحقق وعود وآمال الثورة، وهذا يعني أن الثورة مستمرة، وأشارت إلى أنه من الغريب أن يظل مرسي والإخوان يرددون أن الاحتجاجات الحالية هي عمليات تخريب وخيانة وخاصة أنها تتزامن مع استقالات المسؤولين بالرئاسة وتتزامن أيضاً مع رفض المصريين بالخارج للإشراف على استفتاء الدستور. ووفقاً لشبكة فرانس 24 الناطقة بالإنجليزية، أن مرسي مصر على التحدي ويرفض التراجع عن الاستفتاء، ورفض الحد من سلطاته الواسعة أو إلغاء الاستفتاء على الدستور، لكنه دعا لحوار وطني لحل الأزمة السياسية الحالية خلال خطاب تلفزيوني حي وجاءت تصريحاته بعد اشتباكات خلال الليل بين مؤيديه ومحتجين معارضين خارج القصر الرئاسي في القاهرة، والتي أودت بحياة مالا يقل عن سبعة أشخاص وإصابة مئات آخرين بجروح. وذكرت شبكة سي بي إس نيوز عن مراسلها هولي ويليامز أن الاحتجاجات وسفك الدماء لم تجعل مرسي يُقدم تنازلاً كبيراً في خطابه، ولكن ما فعله لم يكن كافياً لإرضاء الغاضبين حول القصر الرئاسي، وأشار موقع روسيا اليوم الناطق بالإنجليزية إلى أنه أعقب خطاب مرسي الموجه مزيد من العنف بدلاً من محاولته للتهدئة والعمل على استقرار البلاد، وقال مراسل الموقع بيل ترو أن المتظاهرون حول القصر رفضوا الخطاب على الفور وكثيراً منهم رفعوا أحذيتهم للتعبير عن غضبهم من صيغة الخطاب. وقال تقرير لشبكة سي إن إن الأمريكية أن مرسي لم يتراجع عن قراراته المثيرة للجدل وبدلاً من ذلك اتهم مؤيدي مبارك لأحداث العنف دون دلائل والمعارضة أيضاً لم تعد تثق في مرسي، وأفقدته شرعيته واتهموه بتوطيد السلطة لنفسه ولجماعة الإخوان المسلمين، وأشاروا أنها ديكتاتورية كاملة، ووفقاً لمراسلي الشبكة فإن المعارضة تدعو لاحتجاج الشرعية المفقودة. فيما قال تقرير لشبكة سي إن بي سي الأمريكية أن مرسي لا يزال يدافع عن صلاحيات واسعة رغم ارتفاع الاضطرابات في مصر، ورأى العديد من المحللين أن خطاب مرسي يُعيد للأذهان أصداء سلفه، حسني مبارك، الذي رأى دائماً أن هناك أيادٍ خفيّة وراء الاضطرابات العامة، ووفقاً للمحللين فإن حكومة مرسي إذا لم تستطع وقف سفك الدماء تفقد شرعيتها. وقالت صحيفة مكلاتشي الأمريكية، في عنوان لافت "مرسي لحظة مبارك"، أن مرسي بدلاً من تهدئة معارضيه أثار خطابه الكثيرون، وأعاد للذاكرة المشاهد التي كانت تشبه إلى حد مخيف الأيام السابقة لسقوط مبارك، ومن الواضح أن مرسي يعتقد أن شرعيته تدفقت من انتخابه للرئاسة، ولم ينتهز الفرصة للتراجع عن الدستور أو الاستفتاء.