بدأت مخاوف عودة النظام المنحل الفاسد ليتحكم فى حريات الفنانين تعود متجسدة بنظام متخفٍ خلف وعود التجديد والبناء، فوسط اتساع الفجوة بين المبدعين ووزارة الثقافة وبين تناثر المشكلات الفنية المختلفة التى تتجاهلها الوزارة المنوطة بالاعتناء بها، ظهرت موضة إدارية جديدة متمثلة فى تدخل الرقابة فى الأعمال الفنية لفنانى مسارح الدولة. القضية الأشهر الآن، هى تعرض مسرحية «عاشقين ترابك» التى تجسدها رؤية المخرج «محمد الشرقاوى» على خشبة صلاح جاهين بمسرح البالون لتدخلات من الرقابة الوزارية، بحجة وجود مشاهد وجمل حوارية بالنص تهاجم الذات الحكومية المتمثلة فى الرئيس «مرسى» وإدارة «هشام قنديل» رئيس الوزراء بوجود بعض الاسقاطات فى السيناريو على نظام الحكم الإخوانى بمصر فى الفترة الأخيرة، مما دفع لجنة الرقابة التابعة لوزارة الثقافة لإيقاف المسرحية عن العرض يوم انطلاقها فى الأول من نوفمبر الجارى، رغم أن اللجنة قد شاهدت بالفعل بروفة كاملة «جينرال» للمسرحية قبل افتتاحها، بالإضافة إلى موافقتها على النص قبيل البدء فى المشروع من الأساس، إلا أنها ولسبب غير مفهوم اتخذت من ستار الرقابة مدخلا جديدا لمفهوم التحكم فى حرية الإبداع، متعللين بوجود بعض الجمل التى تهاجم شخص «قنديل»، ووجود بعض التلميحات الساخرة على إدارة مرسى للبلاد واسقاطات كوميدية لعدة قضايا ومشكلات مرت بمصر منذ انطلاق الثورة، هذا بالإضافة إلى تشددهم بمنع ظهور أى ممثل يرتدى اللحية.
موجة التدخل هذه ما لبثت أن اصطدمت بتضامن الفنانين الشباب الهواة منهم والمحترفين والذين لا يجمعهم سوى الدفاع عن حرية الإبداع لفنون المسرح والذين تجمهروا وساندوا المخرج «محمد الشرقاوى» فى قضيته، ليتمكنوا بوقفتهم الموحدة من إجبار الرقابة على السماح بالعرض بعد عدة مفاوضات مع المخرج حول تعديل بعض الجمل والمشاهد فى المسرحية، لتفتح أخيرا قاعة صلاح جاهين ستار خشبتها لاستقبال التجسيد المسرحى لعرض الكباريه السياسى المشابه فى أسلوبه العرضى لنمط الفنان الكبير «جلال الشرقاوى» والذى يعتمد على نقل الوضع السياسى الحالى فى صورة كوميدية واقعية بشكل مسرحى بسيط معنون بالكباريه السياسى، ليتسنى بذلك لعشاق هذا اللون الفنى متابعته، متجسدا فى عرض «عاشقين ترابك» يوميا فى التاسعة مساء ولمدة شهر.