مجدى زكى محمد.. هو أحد المخططين لاغتيال المقدم محمد عوض، مأمور سجن استقبال طرة، قضى فى السجن 17 عاما بعدما دخله عام 90 وعمره 28 عاما وخرج فى 29 يوليو 2007، وهو بحسب اعترافاته ل«الصباح» صاحب مبادرة التخطيط لاغتيال الكاتب فرج فودة، الذى تم اغتياله قبل أن ينفذ مجدى مهمته بقتله حتى إنه فوجئ بحادث اغتيال فرج فودة فى الصحف قبل أن ينفذ مهمته.
البداية مجدى زكى الذى عمل منذ تخرجه فى كلية الحقوق مع والده فى مجال المقاولات، قبل دخوله السجن، يعمل حاليا محفظا للقرآن فى عدد من معاهد تحفيظ القرآن الكريم، يبدأ اعترافاته ل«الصباح» قائلا: قبل أن تبدأ علاقتى بالتنظيمات الجهادية، عرفت طريق الالتزام الدينى، عن طريق أخ ملتح كان يدرس معى فى المرحلتين الإعدادية والثانوية فى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات.. وقتها كنت أمارس لعبة كرة القدم فى نادى الترسانة وإسكو، فدعانى هذا الأخ إلى الصلاة فى مسجد الكحال بروض الفرج، وهو المسجد الذى يعتبر معقل السلفية فى منطقة شبرا، وكانت من أبرز الأسماء التى تلقى العلم على طالبيه فى هذا المسجد العالم السلفى ماجد أبوالليل، الذى مازال يدرس حتى الآن، وكذلك الشيخ أسامة منصور، وهشام سمير وغيرهم الكثير من الإخوة والعلماء.. وعندما ذهبت لأول مرة فوجئت بأن المسجد به مجموعة كبيرة من الملتحين وانبهرت كثيرا بهيئتهم وأخلاقهم ومستوياتهم العلمية، فتعرفت عليهم، وتعلمت على أيديهم الدين والفقه والعقيدة، ثم بعد ذلك كنت أذهب إلى مسجد فاطمة الزهراء بشبرا وتلقيت الدروس على يد العالم السلفى محمد عبدالمقصود، ثم دخلت الجيش وكان عمرى 22 سنة، وأثناء فترة تجنيدى تعرفت إلى أحد أعضاء جماعة التكفير والهجرة ويدعى أحمد الخطيب، غير أننى لم أقتنع بأفكاره بسبب تكفيره لكل العلماء، فالجميع فى نظره كانوا كفارا.. وقلبى بفطرته لم يكن يقبل هذا، وبعد خروجى من الجيش أطلقت لحيتى والتزمت بالطريق مع الإخوة.
عندما خرجت من الجيش عدت إلى مسجد الكحال حيث صحبة السلفيين، فى هذه الفترة كنت أسمع عن مسجد فاطمة الزهراء بشبرا أنه معقل إخوة الجهاد، وكان من بينهم محمد سعد عثمان، المتهم فى قضية اغتيال السادات، فكنت شغوفا لرؤيته عقب خروجه من السجن عام 1986 فانبهرت به وبأفكاره، إلا أنه كان متحفظا بعد خروجه من السجن خوفا من أن تكون لى علاقات بأمن الدولة أو أن أكون مندسا عليه، لكننى رافقته فى جميع تحركاته طالبا منه مساعدتى فى الجهاد، فقال لى: «يابنى متوجعش دماغك وانت لسه فى البداية».. كنت قوى البنية ولدى القابلية لتطويعى فى العمليات الجهادية، وظللت أقترب منه حتى تزوج أختى الصغيرة وأصبحنا صديقين، وتعرفت وقتها على الشيخ محمد الأسوانى من قيادات المجاهدين، حتى تم قتل عصام الدين القمرى أصغر رائد أركان حرب بالقوات المسلحة وكان من الحاصلين على وسام نجمة سيناء، وقتل معه أيضا الأخ خميس مسلم أثناء القبض عليهم، وقتها أخذوا محمد الأسوانى وقبض أيضا على محمد سعد عثمان، الذى أصبح صهرى، فيما كنت أنا وقتها غير موجود بالمكان فتمكنت من الهرب.
حرق محلات الخمور فى هذا التوقيت كان عمرى 22 سنة، ولم تكن لدى أدنى نية للانضمام للتنظيمات الجهادية، ولم أعرف سوى ما تعلمته على يد السلفيين، فكنت فقط أثيرا لاندفاع الشباب دون أى ضوابط شرعية فيما يتعلق بقضايا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فكنت أحرق نوادى الفيديو ومحلات بيع الخمور بشبرا، أثناء عودتى ليلا بصحبة مجموعة من الشباب الصغير، سجنوا جميعهم، ولم أجد وقتها من ينقل لى فقه المفاسد والمصالح، فكان معظم العلماء عند سؤالهم عن قضايا الجهاد يخشون التحدث فى هذا الأمر معتقدين أنها خطة من أمن الدولة أو أننى مدفوع من الجهات الأمنية، وفى مقابل ذلك كانت منطقة شبرا مليئة بالخمارات، فاجتمعت بصحبة ثلاثة آخرين كنت أكبرهم سنا، حيث كنا نحضر «جركن بنزين» نقوم بتوصيله بخرطوم، ونضعه أسفل باب الخمارة ليلا بعد إغلاقها حتى يغير صاحب المحل نشاطه، وإذا رأيت شابا يقف إلى جوار فتاة أضربه، إلا أننى لم أكن معروفا وقتها لدى الجهات الأمنية، لهذا كان من الصعب أن تفكر الجهات الأمنية فى ملاحقتى، حتى تمكنت من حرق خمس خمارات وناديين للفيديو، وقتها كان عمرى يقترب من الخامسة والعشرين، وكنت أفعل كل هذا لأنى لم أكن أعرف أنه إذا كان هناك منكر سوف يترتب عليه منكر أشد فلا يجب أن أفعله، وكان العلماء لا يشرحون مثل هذه الأمور ويخافون من الحديث فيها.
بعد ثلاثة أعوام خرج زوج أختى محمد عثمان من السجن، ووقتها كانت قناعاتى فى الجهاد تعمقت، بسبب ما كنت أسمعه عن تعذيب الإخوة المعتقلين فى السجن، حيث كان هذا مع حماس الشباب يثير غضبى ويدفعنى للانتقام، رغم أنى لم أكن منتميا أبدا إلى ما يسمى بتنظيم الجهاد، ولم أكن أعرف عن هذه التنظيمات شيئا، وكانت رغبتى هى الانتقام للناس الذين يقتلون فى المعتقل.
فبدأت الاتجاه للسلاح بعد مقتل الشيخ مجدى العطيفى واغتياله عام 1988 على يد أمن الدولة، حيث قتلوه عندما كان يسير فى شارع الجلاء بوسط القاهرة، ووضعوا إلى جانبه قنبلة ومسدسا، بعدها بدأت البحث عن أسماء ضباط أمن الدولة المتورطين فى مقتل هؤلاء عن طريق دليل التليفونات، تتبعت تحركاتهم عبر الصحف، وقررت الثأر لمقتل العطيفى والانتقام للإخوة المعذبين فى المعتقلات، ولم أتجه إلى السلاح إلا بعد هذه الحوادث، وبالصدفة عندما كنت أقرأ أحد أعداد صحيفة «الشعب» وقتها وجدت اسم العقيد محمد عوض، الذى قيل عنه إنه حول المعتقل إلى سلخانة، فقررت البدء به، فبدأت أعد العدة، وذهبت إلى السجن الذى كان يعمل به وشاهدته، فراقبته أثناء عودته من الليمان ودخوله بالسيارة إلى الصحراوى لما يقارب الشهر حتى عرفت بيته، وكان هذا الضابط جبارا جدا ولا يبدو قلقا من أن يراقبه أحد ليقتله، ثم أخذت ما بحوزة زوجتى من مشغولات ذهبية وبعتها واشتريت بقيمتها أسلحة، وعندما خرج الشيخ محمد سعد، زوج أختى قلت له سأفعل كذا وكذا ولدى العناوين، وأحضرت له العناوين فرفض مساعدتى فى تنفيذ هذه العمليات وطالبنى بالتوقف عن تنفيذ هذه العمليات وقال لى: «انت كده هتودى نفسك فى داهية ومعندكش خبرة»، وبعد حصوله على العناوين الخاصة به، فوجئت من خلال الصحف بمحاولة اغتيال مأمور سجن استقبال طرة محمد عوض، الذى نجا من تلك المحاولة، وبعدها وقعت حادثة اغتيال فرج فودة، وعرفت أن أخوين اسمهما عبدالشافى رمضان وأشرف سيد قتلا، لكننى وقتها كنت لاأزال فى مرحلة التخطيط ولم أنفذ أيا من العمليتين، وبعد فترة قبض على وكانت بحوزتى بندقية.
سبب تعرف أمن الدولة على نشاطى هو أحد «المشايخ الكبار»، الذين كنت أثق بهم، إلا أنه كان مجندا لأمن الدولة ويعمل مرشدا لأمن الدولة، ولا أستطيع أن أذكر اسمه لأن لديه أبناء إخوة أفاضل، وكنت قد حكيت له عن نيتى فى أن نقتل الضابط محمد عوض وفرج فودة، فحاول إقناعى بعدم فعل ذلك، لكنهم عرفوا عن خططتنا وقبضوا على وقضيت فى السجن 4 سنين تحت المحاكمة من 91 إلى 94، وكنت أخفى البندقية لدى أحد أصدقائى الذى لا يعرف شيئا عن هذا الأمر، وعندما اكتشفوه قبضوا عليه أيضا وحكم عليه بالسجن 15 عاما دون أى ذنب.
بعد القبض علينا ألقيت جميع التهم على أحد الإخوة الذى قتل فى أفغانستان، ولم تثبت على أى تهمة، لكن جهاز أمن الدولة لفق لى التهمة وحكم على بالسجن 17 عاما فى قضية محاولة اغتيال مأمور سجن الاستقبال محمد سيد عوض مع محمد سعيد طنطاوى، الذى قضى عاما فى سجن العقرب، ثم نقلوه فى حملة تأديبية إلى ليمان أبوزعبل،
حفلات التعذيب كان يتم تفتيشنا يوميا وضربنا فى أى وقت، مما جعلنا خائفين طوال اليوم منتظرين ميعاد التفتيش، بينما لم يكن لدينا ما يدعو للتفتيش سوى زجاجة مياه وبطانية، وكان طعامنا «فول وأرز وعدس» تخلط جميعها فوق الأرز، وكان الزملاء يقومون بتنقية الدود من الأرز، لكننى كنت أتناول الأرز الملىء بالدود دون أن أعلم.
خلال الفترة من عام 1994 إلى 1996 كان الضرب هو وسيلة التعذيب الوحيدة، لكن بعد أن أصبح وليد فاروق النادى الضابط بمباحث أمن الدولة هو المسئول عن السياسيين بالسجن، وجدت طرقا أخرى للتعذيب، فكان يتم تجريدنا من ملابسنا وضربنا، ومن يرفض خلع ملابسه كان يضرب حتى تتمزق ملابسه ويظل بالسجن دون ملابس بديلة، كما أصيبوا جميعهم بمرض نقص الكالسيوم بسبب نقص الملح فى الطعام وعدم تعرضهم للشمس بالشهور، وكان المعتقلون يصومون لعدم كفاية زجاجتى المياه للشرب والوضوء معا، حيث يوفرون الماء للوضوء.
بعض المعتقلين توفوا لامتناعهم عن الطعام بسبب الاعتداء عليهم جنسيا، وكان يتم ذلك عن طريق وضع مضاد حيوى لمن يمرض حتى ينام ويتم الاعتداء عليه، وأصيب 15 ألف سجين بالدرن ، و30 ألفا أصيبوا بنقص الكالسيوم، وكان مدير السجن فى تلك الفترة ما بين 96 و2004 هو محمد أبوخشب.
شاهد على الموت كما كنت شاهدا على وفاة بعض المعتقلين، فقد توفى أحمد عبدالرحمن الذى كان يعانى من مرض وظل ينزف حتى أصيب بالجفاف ومات، كما توفى خالد جمال أبوالمجد الذى كان يعانى من مرض الجزام، وكان الشاويشية يخشون العدوى، فلم يقدموا له الطعام. أما حسن محمد إبراهيم الذى كان متهما فى قضية طلائع الفتح فتم ضربه بالعصا على ظهره حتى اخترق جزء منها جسده، مما أدى إلى ثقب كبير فى ظهره متسببا فى خراج عميق وكان عندما يقوم بتصفيته تنزل منه المياه بكميات كبيرة جدا حتى مات، وأعطى طبيب السجن حقنة عن طريق الخطأ للسجين مجدى عبدالمقصود من بنها، الذى تم إلقاء القبض عليه خارج مصر أدت إلى وفاته، وذلك فى الفترة من عام 96 إلى 2004. كما توفى نبيل على جمعة الذى ألقى القبض عليه عام 98 على أثر قضية أعمال الشغب فى الفيوم عام 88، وأصيب بالدرن ثم مات.
كما تم ضرب أحمد عبدالعظيم، المتهم فى قضية حزب الله السنى بالإسكندرية، مما أدى إلى وفاته، وأصيب يوسف صديق باشا بنقص الكالسيوم، فأصبح يقضى حاجته على نفسه وامتنع عن الطعام، وظل شهرين دون علاج حتى مات.
فى داخل السجن تعلمت معنى الجهاد ووجدت كل الإخوة هناك، وبمجرد دخولى المعتقل حدث اشتباك بينى وبين محمد عوض، مأمور السجن الذى خططت لاغتياله بسبب قيامى برفع «الغماية» عن عينى، فقال لى: بترفع الغماية ليه، فقلت له: هو إحنا بقر.. وعندما وجد صوتى عاليا تراجع وكان بصحبته بعض الضباط، فأخذونى وأنا أصرخ «هو ده اللى أنا عايز أقتله» إلى المكتب، وسألنى محمد عوض: انت تعرفنى؟ فقلت له: لا.. فقال لى: وعايز تقتلنى ليه؟ ثم ضربنى بالقلم على وجهى، فضربته بقبضة يدى فى وجهه وثارت أزمة فى السجن بسبب ذلك، فحاول إجراء غسيل مخ لى، حيث أخبرنى أن الإخوة كاذبون و«بيضحكوا علىّ» ثم وضعنى فى زنزانة انفرادى، ثم تم وضعى فى عنبر الموت بسبب حدوث أكثر من اشتباك بينى وبين أفراد المعتقل، وهو عبارة عن حجرة من الخرسانة لا توجد به سوى «فتحة» يتم إغلاقها فتتحول الغرفة إلى قبر فى قاع جهنم، وحينها أيضا كسرت ذراع أحد أفراد المعقتل وهو يقدم لى طعاما من داخل هذه الفتحة، التى يطلقون عليها داخل المعتقل «النضارة» وظللت هكذا حتى أرسلوا لى عبود الزمر لتهدئتى، ودخلت معه العنبر وهناك تعرفت إليه وإلى طارق الزمر وأسامة قاسم وقيادات الجهاد التى تعلمت على أيديها.
سجن العقرب خلال تلك الأحداث تم اغتيال الألفى عام 1993 على يد الأخ نزيه نصحى، المتهم الثالث فى قضية اغتيال الضابط محمد عوض، فقرروا الانتقام من الجماعات بترحيلهم إلى سجن العقرب، الذى نقلت إليه، وكان أبرز الموجودين به هم العائدون من أفغانستان عبدالسميع كريم وأسامة عبدالجيد وأسامة جبريل، الذين سافروا ضمن تنظيم الجهاد، فوقتها تنظيم القاعدة قد نشأ ولم يدخل السجون المصرية أى من أفراد تنظيم القاعدة إلا بعد القبض على محمود أبوحليمة الذى فشلت المخابرات الأمريكية فى الحصول على أى معلومات منه فأرسلوه إلى مصر حيث اعترف خلال 24 ساعه بكل شىء، حيث كان كل قيادات تنظيم الجهاد قد انضموا إلى القاعدة بعد ذلك ومنهم أبوحفص المصرى وعلى الرشيدى والدكتور أيمن الظواهرى وأبوعبيدة، وقد قتلوا جميعهم باستثناء أيمن الظواهرى.
مبدأ الظواهرى كل العمليات التى قام بها تنظيم الجهاد كانت مخالفة للمبدأ الذى أسسه الظواهرى، الذى لم يكن يخطط للقيام بعمليات فردية يتم اغتيال بعض الشخصيات فيها، فقد كان يعد إخوة ليكونوا خلايا نائمة للقيام بثورة يصبحون فيها هم الحرس الثورى عن طريق التغلغل فى الجيش وتكوين فريق من الضباط والقيادات داخل الجيش المصرى، فخرج عليه الإخوة قائلين إن الدكتور أيمن الظواهرى «هيدخلنا التلاجة»، حيث كانوا يريدون القيام بمزيد من العمليات الفورية، فطلب الإخوة الذين كانوا موجودين فى أفغانستان وقتها من الظواهرى العودة إلى مصر لتنفيذ بعض العمليات وكان على رأسهم أسامة جبريل وعبدالحميد عبدالله، إلا أنه تم القبض عليهم بمجرد نزولهم إلى مصر، بالإضافة إلى 1000 شخص من طلائع الجهاد.