خمسة أفلام سينمائية أجازها جهاز الرقابة على المصنفات الفنية يربط بين هذه الأعمال هامش واحد هو أن موضوعاتها تحمل أفكارا جريئة تتحدى حالة التشدد الديني التي باتت ملحوظة في المجتمع أخيرا ، وهذه الأفلام هي "إسلام حنا " ، و"ثانية اعدادي" ، "الراهب" ، "تحت النقاب" ، "الصمت" ، أما الدكتور سيد خطاب رئيس جهاز الرقابة فذكر في تقريره أن إجازة هذه الأفلام مرهونا بخضوع السيناريو للتعديلات التي طلبت الرقابة إجرائها على السيناريو كشرطا للبدء في تصويرها. في تقاريره الرقابية على إجازة هذه تسببت ملاحظات جهاز الرقابة على المصنفات الفنية على فى تجدد المشاحنات والتصريحات بين رئيس الجهاز الدكتور سيد خطاب، وبين صناع تلك الأفلام الذين يؤكدون أن أسلوب الرقابة لم يتغير بعد الثورة خاصة أن أساليب القمع لا زالت مستمرة فى ظل التحدى الصارخ على حد وصفهم لحرية الإبداع. وتأتى ملاحظات الرقابة على ما تتضمنه تلك الأفلام من مشكلات شائكة قد تتسبب فى أزمة بين قطبى المجتمع من مسلمين ومسيحيين بسبب ما يمكن تفسيرة على أنه نوع من التشدد الدينى من جانب، أو الخوف من هجوم السلفيين والإخوان على الرقابة بسبب فيلم يأتى على رأس القائمة فيلم "تانية إعدادى" للمخرج عمرو سلامة والذي سبق وأن رفضته الرقابة عدة مرات عندما كان يحمل إسم "لامؤخذا" ، إلا وأن عمرو سلامة أعاد تقديمه مرة أخرى تحت إسم "تانية إعدادي" ، ولكن الرقابة أيضا طالبت بتعديل بعض الأحداث الجوهرية في رواية الفيلم حيث تدور قصة الفيلم الذى يحكى عن أسرة مسيحية يتوفى عائلها والأزمات التى تحيط بالأسرة، بإدخال طفل مسيحى مدرسة حكومية، وبسبب تشابه الأسماء يعتقد المدرس المتشدد بأن الطفل مسلم، لتبدأ حالة من الإضطهاد بتخلى الطفل عن دينه وإخفاءه له حتى لا يتعرض للتعذيب الجسدى من وجهه نظره كطفل، ويمارس الطقوس والعادات الإسلامية فى حاله من حالات القهر النفسى الإنسانى، بهدف القول بأن النظم التعليمية فى مصر قد تساهم فى ممارسة القهر ضد الأقباط. وجاء فى تقرير الرقابة أن الفيلم يرصد حالة متصوره غير واقعية، لأن أطفالنا الأن عندما يمارس ضدهم العنف يقومون بإخبار أهلهم وتقوم الدنيا ضد هذا العنف، فما بالك بقهر دينى، خاصة أنه عالم إفتراضى غير مبرر، ناهيك عن البعد الإجتماعى السوسيولوجى. وثاني الأفلام هو فيلم تحت النقاب الذى وضعت ايضا الرقابة بعض الشروط لإجازته لما يحتويه من إساءة متعمدة للمنتقبات، وهو ما أستغله المنتج والمخرج هانى جرجس فوزى على حد تعبير رئيس الرقابة للترويج للفيلم ، إلا أن مؤلفه عاد وتقدم بالفيلم بصورة مخففة ليظهر تقرير الرقابة بعدد من الملاحظات التى تمسك بها هانى جرجس لبناء حملته الدعائية. أما فيلم الراهب الذى تقدم به السيناريست مدحت العدل للرقابة فى قائمة الأفلام الأكثر جدلاً خلال الفترة الأخيرة بعد تصريحات مؤلفه بأنه حصل على "إجازة رقابية" بالتصوير، وهو ما نفاه رئيس الرقابة سيد خطاب، مؤكداً أن تقرير لجنة القراءة شدد على عدد من الملاحظات، أهمها أنه لا يتعمق فى الحالة، بالإضافة إلى بعض التفاصيل المرتبطة بالعبادات ومنها خلط الطوائف بعضها ببعض أرثوذكس وكاثوليك، والعلاقة بين الراهب وطالب الرهبنة وغيرها، وبالتالى تم رفض الفيلم لحين إجراء التعديلات التى شدد عليها مدير الرقابة عبد الستار فتحى بإعادة كتابة الفيلم مرة أخرى قبل منحة التصريح بالتصوير. وفيلم "إسلام حنا" والذى تم الإستقرار على البطل فيه فقط "عابد فهد" بعد إعتذار نيللى كريم، ومن بعدها سولاف فواخرجى عن بطولته فقد جاءت موافقة الرقابة على السيناريو الذى كتبه ويخرجه صفى الدين حسن مشروطة بتنفيذ قائمة من الإحتياطات التى يجب الإلتزام بها حتى لا يتعرض الفيلم لأزمات مع الرقابة، ومن أبرزها تخفيف المشاهد التى تجمع بين القس حنا الذى أشهر إسلامه، والقساوسة أثناء محاولة إعادته إلى ملته مرة أخرى، خاصة أن الفيلم ربما يشكل حالة من الصدام مع التيارات الإسلامية، رغم تأكيد ملاحظات الرقابة على الصدق والواقعية . فيلم "الصمت" للمخرجة إيناس الدغيدى والذى التى كان عليها الملاحظات، نظراً لمحتوى الفيلم الذى يدور فى إطار مناقشة قضية "زنا المحارم" والإعتداء على الأطفال جنسياً من المقربين منهم، والأثار النفسية التى تترتب على تلك الممارسات، خاصة أن الفيلم ملئ بمشاهد التحرش الجنسى بين أب وأبنتيه. ورغم الموافقة "المبدئية" على الفيلم والذى جاء بتقرير رقابى جيد، إلا أن المخرجة ظلت تثير الأزمات حولة كنوع من الدعاية المجانية على حد وصف رئيس الرقابة، حيث جاء في التقرير أن السيناريو ليس به مشهد واحد خادش للحياء أو تحرش جنسى، حيث يناقش القضية سيكولوجياً بعيداً عن وجود أى مشاهد مباشرة، والفيلم يمثل إضاءة للمشكلات النفسية الناجمة عن مشكلة الإعتداء الجنسى على الأطفال بدون الكشف عن عورات المجتمع .