200 ألف عنصر ميليشيا مسلحة فى إفريقيا.. والدوحة أكبر داعم لهذه الجماعات بالمال والسلاح هناك أطراف خارجية تسعى إلى إثارة الفوضى فى السودان وعدم استكمال الترتيبات الانتقالية أكد السفير على حفنى، نائب وزير الخارجية المصرى للشئون الإفريقية سابقًا، أن الإرهاب يعوق التنمية المستدامة فى القارة الإفريقية، مؤكدًا أن هناك دولًا على رأسها قطر وأجهزة استخباراتية تدعم هذه العناصر الإرهابية بالمال والسلاح». وأضاف السفير على حفنى فى حوار خاص مع «الصباح»، أن هناك بعض الأطراف لا تريد مرور الترتيبات الانتقالية فى السودان بسلام، وأن الوضع فى ليبيا «متأزم» يدفع إلى ضرورة تمكين الجيش الليبى لإيجاد حل سياسى. وإلى نص الحوار.. * فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى.. ما أبرز الملفات التى لابد من الاهتمام بها فى إفريقيا؟ - هناك قضيتان تحظيان باهتمام الزعامات الإفريقية، وهما الأمن والتنمية، بالنسبة لقضية الأمن الإفريقى فهى قضية ملحة تفرض نفسها وتعطى لها مصر اهتمامًا خاصًا، بإطلاق مبادرة لأن يكون عام 2020 هو عام «إسكات البنادق»، بوضع حد للنزاعات المسلحة، فالقارة الإفريقية هى الأكبر التى تعانى من نزاعات مسلحة. القضية الثانية وهى قضية لا تقل أهمية عن الإرهاب والنزاعات المسلحة، وهى اتفاقية التجارة الحرة، التى تم التوقيع على الاتفاق المنشأ لها فى شهر مارس من العام الماضى، والذى نسعى من خلالها كدول وحكومات فى القارة الإفريقية إلى تنشيط التجارة بين الدول، ووقع الاتفاق المنشأ لها حتى الآن حوالى 52 دولة، وصدق عليها حوالى 27 برلمانًا إفريقيًا لتدخل حيز التنفيذ الآن». هذا الاتفاق سوف يحدث نقلة نوعية كبيرة فى إفريقيا، من حرية انتقال أفراد وبضائع وتحقيق الحلم الذى كان يداعب الجيل الأول من الزعامات الإفريقية، خاصة أن التجارة البينية ما زالت لا تمثل إلا هامشًا من حجم تجارة إفريقيا مع العالم الخارجى، بسبب عدم توافر البنية التحتية الكافية من طرق وخطوط سكك حديد وحركة ملاحية بحرية أو نهرية، وغيرها، ونعمل الآن على إنشاء خط ملاحى يربط بين البحر المتوسط وبحيرة فيكتوريا». هذا بخلاف 7 تكتلات اقتصادية دون إقليمية نعمل من خلال أجندة الاتحاد الإفريقى 2063 على إحيائها للقيام بدورها فى التنمية الاقتصادية. * لكن فيما يخص الجانب الأمنى وجهود مكافحة الإرهاب..كيف يمكن مواجهة التطرف فى إفريقيا؟ - لا يمكن أن تنهض بمستويات الشعوب الإفريقية طالما هناك نزاعات تجتاح القارة، وهو ما نعمل من خلال أجندة الاتحاد الإفريقى، وللأسف تلقينا ضربة مؤثرة للغاية فى العقد الأخير لإمكانية تحقيق النمو والتنمية المستدامة، وهى الفوضى فى دول شمال إفريقيا، ومشاكل مزمنة فى غرب القارة فى مالى وانتشار حركة بوكو حرام الإرهابية، وامتداد تأثيرها فى دول أخرى كالكاميرون وغيرها، ووجود عمليات تلاقى فى الأهداف بين هذه التنظيمات الإرهابية فى منطقة الغرب والشرق الإفريقى، فالصومال أيضًا غير قادرة على النهوض بسبب حركة الشباب الإرهابية». حالة الفوضى سمحت بانتقال الكثير من العناصر والميليشيات الإرهابية من منطقة الشرق الأوسط إلى سيناء وليبيا ودول الساحل الإفريقى الشمالى والغرب، من داعش وجبهة النصرة والقاعدة والشباب وبوكو حرام، التى حدث بينها تلاقى فى الأفكار». وهناك 4 مناطق إفريقيا أصابها الإرهاب، بمساعدة بعض الدول التى تعمل على استشراء نشاط وتأثير هؤلاء الإرهابية، خاصة أن هناك 200 ألف عنصر إرهابى وميليشيات لديها الأسلحة الخفيفة والثقيلة من خلال دول تمولهم. * لكن ما هى مصادر تمويل هذه العناصر والجماعات الإرهابية بالأسلحة والمال وغيرهما؟ - من أكثر الدول الممولة للإرهاب فى الوقت الحالى هى قطر، فهى توظف إمكانيات تركيا فى توفير الملاذ الآمن والعلاج وفرص للتدريب والتسليح، فكثير من الأسلحة القطرية والتركية وجدناها فى أيدى هذه العناصر الإرهابية، ليس فقط فى إفريقيا، ولكن أيضًا فى دول أوروبية كما حدث فى إيطاليا مؤخرًا». هناك رعاة للإرهاب ودول تتدخل فى كل ما يخص الإرهاب فى الدول الإفريقية وشئونها الداخلية، ورأينا ذلك فى تسريبات إحدى الصحف الأجنبية حول دعم قطر للإرهاب فى الصومال وغيرها من التقارير الدولية التى تظهر تصرفات قطر الحمقاء التى تضر بالمنطقة العربية وتثير الفتن فيها». وهناك أطراف أخرى، على رأسها تنظيم الدولى الإخوان، والذى تورط مؤخرًا ممثلًا فى حركة حسم الإرهابية فى انفجار معهد الأورام فى مصر، فعلاقة هذا التنظيم بتركياوقطر وتلاقى مصالحه مع التنظيمات الأخرى واضحة بصورة كبيرة بدليل حظر الكثير من الدول لهذا التنظيم، لكن على الرغم من ذلك فهناك بعض الدول الغربية توظف ذلك لتحقيق أجندات لا تسهم فى تحقيق التكاتف الدولى الذى نسعى بتحقيقه لاحتواء هذه الظاهرة، التى ندعو منذ عام 1985 المجتمع الدولى التنبه لهذه الظاهرة واستفحالها وقد حدث، وطالبنا أيضًا بالعزوف عن توظيف هذه الجماعة والإرهاب والسكوت عليها، ومواجهة عمليات غسيل الأموال التى لا تحصل على الجدية الكافية. ومصر والقيادة السياسية تعطى اهتمامًا خاصًا من مصر بملف مكافحة الإرهاب، وعمل عمليات تدريب مشتركة مع كثير من الدول خاصة الإمارات والسعودية والبحرين والكويت وأيضا أمريكا ودول غربية وغيرهم. * فيما يخص ملف السودان.. نريد ملخصًا للوضع هناك بصورة مبسطة؟ - تطور هام ونتمنى أن تتكاف جهود كل السودانيين فى التعامل مع الترتيبات الانتقالية بكل جدية حيث إنها تضع أساسًا لسودان المستقبل ولدولة مدنية حديثة ودولة تركز على التنمية المستدامة، وتطورات مهمة ستكون لها آثارها على المنطقة بأكلمها بما فيها مصر، لكن ذلك يواجه العديد من التحديات والصعوبات». وآخر هذه التطورات، تم التوقيع على الوثيقة الدستورية بين أطراف جادين لتحويل السودان إلى واقع جديد ومختلف يلعب دورًا بناءً، لكن طالما توافرت الإرادة المشتركة والرغبة فى طى صفحات الماضى، وإشراك الجميع فى السودان فى هذه الترتيبات الانتقالية وحل المشاكل العالقة فى أرجاء السودان المختلفة، وهناك إجراءات تم اتخاذها من المجلس العسكرى الانتقالى بالتنسيق مع قوى الحرية والتغيير كان لها أثرها الكبير داخل الجماعات التى ما زالت نشطة فى السودان ولها أجندتها، مثل الإفراج على المعتقلين وإلغاء عقوبة الإعدام. لكن هناك قوى من مصلحتها ألا تستمر هذه الترتيبات الانتقالية، وهناك أطراف خارجية ستسعى للتدخل فى الوضع فى السودان، وهو ما يدعونا لتقديم كل أنواع الدعم والمساندة للوصول لترتيبات نعائية ومستقبلية لاستعادة السلم والأمن. * لكن كيف ترى الوضع المتأزم فى ليبيا فى ظل التطورات الأخيرة؟ - الوضع فى ليبيا أضحى يراوح مكانه رغم الاتفاقيات التى تم توقيعها، لكن استمر تعامل المجتمع الدولى مع الشأن فى ليبيا بشكل يطرح الكثير من التساؤلات، فهناك برلمان شرعى البعض لا يتعامل معه على هذا الأساس، وهناك جيش وطنى، ما زال يعانى من المقاطعة وحظر حصوله على أى معدات عسكرية. وانتشار الإرهاب فى ليبيا وكثرة التنظيمات الإرهابية ونشاطها ووصولها إلى السلطة فى العاصمة طرابلس وابتزازها للقوى السياسية وإخضاعها لتنفيذ أجندتها، لن يحقق الاستقرار واستعادة والأمن والسلم فى ليبيا. وهناك ظاهرة نحن عانينا منها فى مصر، وهى عملية التسريبات والتسلل عبر حدودنا، وهو أمر ارتبط بفاتورة باهظة التكاليف وأزهقت فى إطاره العديد من الأرواح، ونحن نسلم فى مصر بأن الوضع فى ليبيا لن يتم حله من خلال الحلول العسكرية، وإنما من خلال ترتيبات سياسية دستور جديد، وانتخابات رئاسة وتشريعية، لكن هناك مشكلة نعانى منها، وهى انتقال أعداد غفيرة من الإرهابيين والميليشيات المسلحة الذى حاصرته الكثير من القوى داخل سوريا والعراق، لينتقل إلى ليبيا بدعم من بعض الدول الإقليمية، ما يشير إلى ضرورة تقديم الدعم الكامل للجيش الليبى لمواجهة الإرهاب ونشاطاتها، ويحاصرها، وحل الأزمة الليبية حلًا سياسيًا جامعًا شاملًا لا يستثنى أحدًا فى ليبيا». * كيف ترى التغييرات التى قام بها «آبى أحمد» فى إثيوبيا وقضية سد النهضة؟ - إثيوبيا نجحت فى تحقيق طفرة فى معدلات النمو لكن ينقصها الكثير فى تحقيق التنمية المستدامة، فحرصها على الحفاظ على ما تحقق والانطلاق منه إلى آفاق أوسع تفرض عليها تحقيق السلم والأمن والاستقرار داخل إثيوبيا ودول القرن الإفريقى وكل دول الجوار. نأمل من الحصافة ما يكفى لحل إشكاليات سد النهضة وما طرحه من مشاكل بالنسبة لمصر بنفس النظرة الثاقبة والبصيرة، وأملنا أن يتحول الخلاف على السد إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا، لكن مصر لم تتلق حتى الآن إشارات كافية من إثيوبيا حتى اليوم بشأن عملية ملء الخزان أو الإدارة للمشروع، للاطمئنان فى مصر ونتعاون سويا لمواجهة أى مشاكل من الممكن أن تحدث».