من الأنباء التى تابعتها باهتمام خلال أيام مضت، نبأ قيام وفد برلمانى ليبى بزيارة إلى العاصمة الأمريكية واشنطون، بهدف إطلاعها على تفاصيل دعم تركيا وقطر للميليشيات على أرض ليبيا ! الوفد كان برئاسة طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان الذى يرأسه عقيلة صالح، ويتخذ من برقة فى الشرق الليبى مقرًا له منذ انتخابه! وهناك فى الولاياتالمتحدة التقى الوفد مسئولين فى البيت الأبيض، وفى الكونجرس بمجلسيه، وفى وزارة الخارجية، وفى مجلس الأمن القومى.. وفى الحالات الأربع وضع الوفد أمام كل الذين التقى بهم، ما يفيد أن الدوحة وأنقرة تدعمان ميليشيات كثيرة تقيم فى العاصمة الليبية طرابلس، وتحتمى بحكومة الوفاق الوطنى التى يرأسها فايز السراج ! ومما يعرفه كل متابع للحالة الليبية، أن حكومة السراج تتخذ من طرابلس فى الغرب مقرًا لها، وأنها تشكلت وفق اتفاق الصخيرات الذى جرى توقيعه فى المغرب، وأنها تتسمى منذ تشكيلها بحكومة الوفاق الوطنى، وأنها تحظى باعتراف المجتمع الدولى ! ولا أحد يعرف كيف تكون حكومة وفاق وطنى، ثم لا يكون عليها وفاق بين الليبيين فى العموم، إذ الثابت منذ اللحظة الأولى التى تشكلت فيها، أنها بالكاد موجودة فى العاصمة، وأنها لا تستطيع الخروج من العاصمة إلى غيرها من مناطق الدولة! ولا تخفى هذه الحكومة أنها تحمى ميليشيات فى العاصمة وتحتمى بها، وتضع فى يدها السلاح لتقاتل به الجيش الوطنى الليبى، الذى يقوده المشير خليفة حفتر ويسعى به إلى تطهير طرابلس من الإرهاب والإرهابيين، وكذلك يسعى بالطبع باقى المناطق فى ليبيا كلها ! وعلى مدى الفترة الماضية كان الجيش الوطنى قد أسقط أكثر من طائرة بدون طيار، ثم تبين أنها جاءت من تركيا، وأن حكومة أردوغان هى التى أمدت بها حكومة السراج، وأن هذه الأخيرة قد أطلقتها على جيش البلاد، وأن هذه من المرات النادرة التى تقوم فيها حكومة بمحاربة جيش البلد ! ولم يكن أمر الطائرات بدون طيار التى أسقطها الجيش الوطنى سرًا على أحد، فأخبارها منشورة فى حينها، ومعلنة فى كل وسيلة إعلام، والمؤكد أن هذه الأخبار وصلت إلى واشنطون، وأن المسئولين فى البيت الأبيض، وفى الكونجرس، وفى مجلس الأمن القومى، وفى الخارجية الأمريكية، وفى كل جهة أمريكية مسئولة، على علم ودراية بها ! ولذلك.. حين يقال إن الوفد الليبى قد ذهب يحيط هذه الجهات كلها علمًا، بأن الدولة كذا تدعم الميليشيات، فإن هذا فى الحقيقة من نوع تحصيل الحاصل، كما إنه من نوع الاستخفاف بعقل القارىء والمتابع على السواء ! وإلا، فبالله، هل نتخيل أن هذه الجهات الأربع التى التقى الوفد مع مسئوليها، لا تعرف تمام المعرفة ما ذهب الوفد يضعه أمامها ؟! تعرفه وتعرف أضعاف أضعافه فى هذا الملف بالذات، ولو كانت أمينة مع نفسها، ومع الإخوة فى ليبيا، ومع باقى الناس فى المنطقة بكاملها، لكانت قد وقفت فى وجه العاصمتين.. الدوحة وأنقرة.. كما يجب أن يقف كل محب للإنسان، وكل راغب فى ألا ينال من إنسانية الإنسان شيئًا !