بمجرد أن تدق عقارب الساعة التاسعة صباحًا، يجلس الصيادون على رصيف الميناء الشرقى بمنطقة بحرى، يجهزون شباكهم، استعدادًا لاستقلال قواربهم الصغيرة والنزول للبحر بحثًا عن الرزق. على سواحل البحر الأبيض المتوسط، يقف العشرات من صيادى الإسكندرية، تحت حرارة الشمس الحارقة، باحثين عن الرزق وسط مشقة الصيام. «الصيام بيقوينا على الشغل وربنا بيقدرنا».. هكذا بدأ عم محمد، صياد، الذى يبلغ من العمر 69 عامًا، والذى أفنى حياته فى البحر، قائلًا: أعمل فى البحر منذ أن كنت فى العاشرة من عمرى، حيث ورثت مهنة الصيد أبًا عن جد، فكل عائلتى يعملون فى الصيد ولا نعرف لنا مهنة غيرها، موضحًا أنه اعتاد العمل مع تحمل مشقة الصيام، وكذلك باقى الصيادين. وأوضح أنه يعمل منذ الصباح الباكر فى تجهيز الشباك وتحضير الأدوات ليبدأ فى أول طرحة وقت الظهيرة ورمى الشباك ثم لمها بعد ساعتين بمعاونة أحد الصيادين العاملين على القارب، مشيرًا إلى أن عملهم يستمر حسب رزق البحر، قائلًا، بنرمى الطرحة الثانية أو نكتفى بذلك الرزق فقط. ألتقط الريس محمود أطراف الحديث، قائلًا: لابد أن نعمل سواء كان البحر به خير أو رزقه قليل، فالصياد قوته يوم بيوم، ولا يوجد لنا مصدر دخل غيره إذا توقفنا عن العمل، مضيفًا أنه عند التوقف عن العمل يكون رغم إرادتنا، وهو أثناء النوبات فى الشتاء والمناورات، وعندما يصبح الجو صالحًا للإبحار؛ يغلق البحر بدون اسباب، ونحن على ذلك الحال أعوامًا عديدة ولا يوجد لدينا تأمين صحى، وسن المعاش الصياد 65عامًا ويتقاضى مبلغًا بسيطًا. وعن مشقة العمل فى الصيام، قال الريس محمود: نبحر فى نهار رمضان واعتدنا على تحمل تلك المشقة منذ صغرنا، حيث كان أهالينا ينزلون للصيد طوال اليوم الصيام متحاملين على أنفسهم من أجل كسب رزقهم، فالصيد يعلم الصبر، وكذلك الصيام، وأى مشقة لا نشعر بها فهى بركة الشهر الكريم.