منذ سنوات عديدة لم يحظي كتاب عن جون قرنق ، مثلما جاء في كتاب الصحفية سالي عاطف "مانديلا الجنوب ، ورحلتي الي جويا " ، لقد تقابلت مع الزعيم الراحل قرنق عدة مرات ، وقرأت كثيرا كتب عنة مثل :(كتاب الكاتب فليب ضيل فليك المصور بأدارة التصوير الاخباري بوكالة السودان ، وهيلدا جونسون، وكتاب الصحفي ضياء الدين بلال، وغيرها من الكتب والدراسات الهامة عن قرنق ، لكن الاسلوب الانساني لكتاب مانديلا الجنوب يختلف عن كل تلك الكتب الجديرة بالاحترام. لقد قدمت سالي عاطف نوع جديد من الكتابة وهي "كتابة الخبرة " سواء خبرة الكاتبة ، او خبرة المكتوب عنة ، وحول خبرة الكاتبة تقول سالي :".... عندما تخرجت في قسم الاعلام بكلية الاداب ، وحالفني الحظ من الدخول الي في افريقيا المجهولة عبر عملي بقنصلية جنوب السودان التي فتحت ابوابها في القاهرة كمكتب اتصال للحكومة عقب التوقيع علي اتفاقية السلام نيفاشا في عام 2005 ، وخلالها بدات اتحسس خطواتي نحو القارة السمراء وما بها عبر احتكاكي المباشر واليومي بجزء منها وهو اشكالية السودان وجنوب السودان .." وتضيف :" عند دخولي الي القنصلية في اليوم الاول من عملي هناك وجدت صورتين أعلي الحائط في كل غرفة ، من غرفها العديدة ، الصورة الاولي للزعيم والمناضل الدكتور جون قرنق دي مبيور، لم يلفت انتباهي ولمس وجداني صوت صديقتي الجنوبية وهي تحكي بكل تأثر وولع بشخصة وقامتة ...". انتقل هذا الولع الي قلب قلم سالي عاطف لذلك الانسان الذي لم تراة ، ولكنها تعرفت علية من رحلاتها الي الجنوب ، ومقابلاتها مع رفاق دربة ونضالة ، وتحول الكتاب الي رؤية نضالية وانسانية تحكي خبرة قرنق من الطفولة وحتي الرحيل ، لقد جسدت سطور الكتاب حالة بنوة وانسنة من ابنة لابيها الروحي ، وعشق خاص للارض التي انجبتة وللقضية التي كرس لها قرنق حياتة ، لذلك ليس غريبا ان تقول سالي عاطف في حفل توقيع الكتاب بالمعرض :" "مانديلا الجنوب"، نتاج 8 سنوات من العمل والتوثيق والبحث في جنوب السودان، لافتة إلى أن الكتاب يهدف لتعريف المجتمعات المختلفة بقيمة الزعيم الراحل جون قرنق دي مبيور"، تلك كلمات تعبر عن منهج كتابات الخبرة التي تكتب عن سيرة ذاتية لقرنق من واقع تجربة معاشة وعلي ارض الواقع مدة ثمانية سنوات نقلتها كشهادة حية علي احداث وصراعات ارض الثروات والخيرات في جنوب السودان . بالطبع تلك التجربة وهذة الخبرة عن قرنق كما ترضي كثيرين فلن يقبلها اخرين ، كما حدث لجون قرنق في حياتة ، والا ما كان قرنق حارب في مماتة اكثر مما حارب في حياتة ، ولعل هذا ما يحسب للكاتبة الابنة التي لم تري ابيها ، فلقد تحملت في تسامح قسوة النقد ، اكثر مما تحملت قسوة ومشاق البحث عن سيرة مانديلا الجنوب ، ولذلك يجب توجية التحية الصادقة لسالي عاطف لانها الفتاة المصرية التي احبت افريقيا والسودان جنوبا وشمالا ، وجسدت هذا الحب في رمز قرنق ، وسافرت ووثقت ، واحيت تاريخ طويل بدأ وكاد ينتهي لولا ان وجدت كتابها واهتمامها الحي والانساني بأفريقيا. سالي عاطف امتداد جديد للاجيال العظيمة التي اسست العلاقات مع افريقيا مثل محمد فايق وحلمي شعراوي وغيرهم ، وبكتابها ومسيرتها واهتماماتها تؤكد علي ما يحاول فية الرئيس السيسي في العودة الي افريقيا ، وايضا القتراب مصر من رئاسة الاتحاد الافريقي ، تحية لسالي عاطف وللاجيال الجديدة التي تحاو العودة الي قارتنا الام ، والي عذوبة النيل ومهد الحضارة.