يحتفل العالم في 30 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للترجمة، موافقةً لعيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس الذى يعتبر قديس المترجمين، والتي بدأ الاحتفال بها عام 1991، عندما أطلق الاتحاد الدولي للمترجمين الذي يرعى هذه المناسبة حاليًا، فكرة الاحتفاء باليوم العالمى للترجمة كيوم معترف به رسميًا. وأُطلق "اليوم العالمى للترجمة"، من أجل إظهار تعاون المترجمين فى جميع أنحاء العالم ولتعزيز مهنة الترجمة فى مختلف الدول، ولعرض مزايا هذه المهنة التى تزداد أهمية يوما عن الآخر فى عصر العولمة. إلا أنه على الرغم من هذا الاحتفاء الرسمي، الذي يقام بانتظام كل عام، تُثار بالتزامن معه إشكالية أخرى، وهي مدى موافقة الترجمة للنص الأصلي، حيث تجنح بعد الأصوات إلى الترويج لما عُرف ب"خيانة المترجم"، وهي للتعبير عن خروج القائم على ترجمة النص من مقصوده، أو الدوران حوله دون الكشف عن ماهيته. وتبرز هذه المشكلة بجلاء، عند ترجمة نصوص الأدب والشعر ونصوص ترتكز قوتها على القراءة، مثل القرآن الكريم وترجمته، إلى أن انتهى الرأي إلى أن القرآن لايُترجم بل يُشرح مفسرًا. ومن أكثر الأمثلة توضيحًا لما يطلق عليه المهتمون "خيانة المترجم"، ما روي أن مترجمًا في إحدى الدول العربية كان يتحدث في مقدمة كل كتاب ترجمه ( مثلا ) انه اهمل ترجمة الفصل الاول من الكتاب ( لعدم حاجة القارئ له )، وفي ترجمته لحياة لورانس، يقول في بعض الهوامش ( كلام نابي وخادش للحياء آثرنا حذفه ) الحقيقة مايفعله هذا المترجم هو الخيانة والمفروض ان تمنعه دور النشر من حذف أي شئ من النصوص لأنه لا يمكن أن ينصب نفسه قيمًا على مايفيد القارئ ومايخدش حيائه. ويعد الشعر الاصعب ترجمة، لأنه تنزاح فيه اللغة وتستعير وتتلاصق وتتباعد وفيه مجاز ومنولوج وتفاصيل لاتسعف اللغة المجردة لتوصيل الفكرة. إلا أنه يوجد هناك من يعارض هذا الطرح أصلًا، رافضًا فكرة "خيانة المترجم"، معللًا ذلك بان الترجمة ليست خيانة، لأن الخيانة الكبرى هي أن يُترجِمَ أحد نصا عظيما بطريقة ضعيفة وظالمة لا تجسد الجهد المبذول في النص الأصلي، وإذا لم يجد هذه القوة المفترضة سيتحول النص إما إلى مجرد فبركة إعلامية أو أن المترجم خان، لم ينجح في نقل النبض العالمي المخبأ في عمق النص، فخانت الترجمة نصا عظيما وكبيرا وأوصلته بشكل صغير. وهذا يحدث أحيانا. وللموازنة بين الأمرين، هناك من اشترط في المترجم البحث عن الشكل المناسب للتعبير عن تلك الفكرة أو الشعور بأكبر قدر من الصفاء والدقة والشفافية، بحيث يتمكن القارئ من التقاطها مثلما تصورها المؤلف، حيث كلما اقتربت الترجمة من هذا الهدف كانت أقرب إلى الكمال, لكن بلوغ الهدف في معظم الأحيان يبدو ضربا من المستحيل.