لم يكن الأزهر أكبر وأشهر جامع فى القاهرة فقط، لكنه كان مدرسة يأتي لها الطلاب من جميع أنحاء البلاد لتلقي العلم، سمي بهذا الاسم تيمناً بلقب السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم، بدأ جوهر الصقلى فى انشائه في 14 رمضان سنة 359 ه - 970م، وتم الإنتهاء منه في شهر رمضان سنة 361 ه - 972 م. تم توظيف 35 عالماً بعد الانتهاء من المسجد لشرح الدروس وتعليم الطلاب، وتعتبر جامعة الأزهرالتابعة للجامع، ثاني أقدم جامعة بعد جامعة القرويين، وتخصصت فى شرح اصول الدين والمذهب السني والقانون الإسلامي.
أصل كلمة الأزهر: قيل أن كلمة الأزهر تعني "المشرق" وهي كلمة مذكرة لكلمة "الزهراء"، وقيل أيضاً أن الأزهر كلمة مشتقة من كلمة "القصور الزهراة"، وذلك تيمناً بالحدائق الملكية بالقاهرة. كان جامع الأزهر يفتقر إلى وجود مكتبة به، ولكن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي وهبه مكتبة وأصبحت تضم الآلاف من الكتب والمخطوطات، والتي فقد الكثير منه بعد سقوط الخلافة الفاطمية.
وتحول الحال بعد سقوط الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي بالنسبة لجامع الأزهر، حيث رفض تعليم الشيعة مثلما كان سائداً أثناء الخلافة الفاطمية، كما أمر صلاح الدين بإزالة شريط فضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه فى محراب المسجد، كما أمر بإزالة شرائط فضية مماثلة كان قد تم وضعها فى عدد آخر من المساجد.
دمرت المكتبة وأصبح الجامع يعتمد على التعليم الشافعي، فضلاً عن تجريد الأزهر من مركزه كمسجد لصلاة الجماعة، ولجأ المعلمين الذين ازدهروا فى عهد الفاطميين إلي ترك الأزهر والبحث عن وسيلة أخري لكسب عيشهم.
الدولة المملوكية: فى عصر الدولة المملوكية، أعيد تأسيس الأزهر بأمر من السلطان بيبرس فى 1266، وتحول الجامع لمكان خاص لإلقاء خطبة الجمعة، ولم يكن المماليك متشددون بوضع قيود بالمذهب الحنفي الذي كان ينتمون إليه فى ذلك الوقت. وبدأت الأعمال التوسعية بالجامع فى عصر المماليك، وأستعاد الأزهر شهرته التي كان قد فقدها وقام بأعمال التصليح علي يد "الظاهر برقوق"، وهو أول مماليك الشركس، الذي أولى استئناف الرعاية المباشرة خلال نهاية حكم المماليك. كما تم ادخال تحسينات وإضافات من قبل السلاطين قايتباي وقنصوه الغوري، كل واحد منهم أشرف على العديد من الإصلاحات وبناء المآذن، وكان الجميع يتسابق ليكون جزء ممن ساعد فى إصلاح ما تم تخريبه فى الأزهر علي يد الأيوبين، وتمنى كل سلطان أن تكون له لمسة مرموقة في الأزهر. فى بنائه استخدمت مواد مأخوذة من فترات متعددة من التاريخ المصري، من "قدماء المصريين"، من خلال القاعدة اليونانية والرومانية، إلى الحقبة المسيحية القبطية، في بنية المسجد المبكر، والتي استفادت من الهياكل الأخرى الفاطمية في أفريقيا.
شكل الأزهر: بني المسجد في البداية على شكل قاعة للصلاة مع خمسة ممرات وفناء مركزي، ومنذ ذلك الحين وُسِّع المسجد عدة مرات مع منشآت إضافية محيطة تماما بالهيكل الأصلي، شكل العديد من حكام مصر في الفن والهندسة المعمارية للأزهر، من المآذن أضيفت من قبل المماليك، وبوابات المضافة أثناء الحكم العثماني للتجديدات الأخيرة مثل تركيب المحراب الجديد، كما أن بعض المآذن أو القباب الأصلية قد نجا، مع بعض المآذن الحالية التي قد أعيد بناؤها عدة مرات.