عرفة عمل بالمهنة سنوات طويلة ثم افتتح شركة خاصة.. والسوهاجى زعيمهم فى الجيزة الرفاعية: اليومية من 150 إلى 300 جنيه وبعضنا يرش على جسده ترياق «الوليفة» لجذب الثعابين.. وآخرون يقرأون التعويذات لاصطيادها نمارس المهنة بتصريح من مركز البحوث.. والدخلاء ينصبون على المواطنين ويسحرون أعينهم الثعابين ترى فى عين «وليفتها» صورة قاتلها ولا تتركه إلا بعد قتلة... وثعابين البحيرة مجرد البداية بسبب «الطقس» بعين ناعسة يتمتم ببعض الكلمات على جرف «ترعة» أو مقدمة حقل زراعى أو داخل منزل، كلمات يلقيها من العهد الرفاعى الذى توارثه عن أجداده ليخرج بعدها الثعبان أو الحية طواعية، ليضعه فى جوال أو إبريق من الفخار مقابل بضعة جنيهات قليلة، يرفضون البوح بأسرار عالمهم الخاص، كما يرفضون لقب «الحاوى» ويفضلون لقب «الرفاعية»، اشتهروا فى العقود الماضية بقدرتهم الفائقة على اصطياد أكثر من 180 نوعًا من الثعابين، وذلك قبل ظهور الشركات الخاصة التى تستخدم الوسائل الحديثة فى إبادة الزواحف الضارة، كما انتشروا بقوة فى محافظات الوجه القبلى التى تعد مقرًا دائمًا لهم لا يخرجون منها إلا بالطلب. ومع الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة التى تشهدها مصر هذه الأيام، ما أدى إلى ظهور الثعابين فى محافظة البحيرة وعدد كبير من القرى التابعة لها، كذلك انتشارها بمحافظات أخرى، عادت «الرفاعية» من جديد لاصطياد الزواحف الضارة ليعيدوا الأمجاد من جديد، وهو ما دفعنا إلى إلقاء الضوء على حياتهم وأسرار عالمهم الخاص، وكيف يتعاملون مع الأفاعى السامة. «السوهاجى» صائد الأفاعى بالجيزة قبل 45 عامًا استقر «مصطفى السوهاجى» بقرية وردان التابعة لمحافظة الجيزة، قادمًا من محافظة سوهاج هربًا من نزاع بينه وبين أبناء عمومته على الميراث، وحتى يبدأ حياة جديدة برفقة زوجته التى أنجبت 7 أبناء ولديه 18 حفيدًا، ورغم بلوغه سن الخامسة والسبعين فإنه لايزال يمارس مهنته التى يكسب منها لقمة العيش الحلال وهى اصطياد الثعابين من القرى المجاورة والتى تهدد حياة المواطنين، فهو رفاعى أبًا عن جد. السوهاجى يرفض الحديث للصحافة أو الإعلام، ولكن تحت ضغوط وإلحاح بعض المقربين، وافق على الحديث شرط عدم نشر صورته، وربما لأسباب شخصية تتعلق بخلافات قديمة بينه وبين أقاربه بالصعيد، يروى حكايات عالم الرفاعية قائلاً: كلمة حاوى هى من اختراع بعض النصابين الذين اتخذوا ذلك المجال وسيلة للكسب، والصحيح هو لقب «رفاعى» نسبة إلى الشيخ الجليل أحمد الرفاعى، فهو الفقيه الشافعى الأشعرى الصوفى الملقب ب«أبوالعلمين» وشيخ الطرائق، وهو أحد أقطاب الصوفية وزعيم الطريقة الرفاعية، وكان معروفًا بحبه للحيوانات والعطف عليها، وأقسم عليها بتنفيذ أوامر أتباعه، وهو العهد الذى نلقيه على الثعبان فيأتينا طواعية شرط ألا نقتله فقد حصل منا على الأمان. وتابع السوهاجى، أعمل بتصريح حكومى، حيث أقوم بتسليم الثعابين التى أقوم بإخراجها من المنازل أو الحقول والترع إلى مديرية الطب البيطرى، وذلك بعد أن أقوم بتكسير أسنانها، وتعاملت مع كل أنواع الثعابين وأشرسها ومنها «الطريشة» وتتسبب لدغتها فى قتل الإنسان بعدها بدقائق إذا لم يتم إسعافه من خلال «تشريط» الجزء المحيط باللدغة لمنع انتشار السم. وعن ظاهرة انتشار الثعابين مؤخرًا، أوضح السوهاجى: طبيعى أن تخرج من جحورها بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتنشط بالمناطق ذات الظهير الصحراوى، وانتشارها بكثافة فى محافظة البحيرة عليه علامات استفهام كثيرة، فالمعروف عن الزواحف السامة انتشارها بالوجه القبلى، وغير راض عن الطريقة التى تواجه بها الحكومة الثعابين من خلال البيض المسمم والذى لا يفيد على الإطلاق فى مثل تلك الحالات، وكان عليهم استدعاء الرفاعية لمسح القرية التى ظهر بها الثعابين. وعن أغرب الحوادث التى عاصرها «السوهاجى»، يروى تجربة غريبة مع أحد الأشخاص كان على خلاف مع جارته وابنتها طبيبة بيطرية، فأرادوا الانتقام من جارهم فقاموا بشراء ترياق يتم رشه ولا يشم رائحته إلا الثعابين يشبه رائحة أنثى الثعبان وقت التزاوج، وبعض «الرفاعية» يستعملونه ويرشون منه على أجسادهم، وبالفعل تم استعمال تلك المادة من قبل الطبيبة وأمها، وانتشرت الثعابين فى منزل هذا الشخص وقامت بلدغه هو وزوجته وأبناؤه وتم إنقاذهم، وتمت الاستعانة بى وبالفعل نجحت فى إخراج الثعابين وتطهير المنزل بالكامل. «عرفة» الحاوى الأشهر بالمنوفية وفى محافظة المنوفية، ونظرًا لأن المحافظة ليست ذات ظهير صحراوى كبير ومحدودة المساحة، وهو ما يجعل انتشار الزواحف السامة بها فى هذا التوقيت أمر بالغ الصعوبة، ما دفع الشيخ «حازم عرفة» إلى افتتاح شركة للتخلص من القوارض والحشرات مع نجله، بعدما اشتغل لسنوات طويلة بمهنة «الرفاعية» ونتيجة تغير الظروف تركها ولا يمارسها إلا من وقت لآخر. «عرفة» انتقل مؤخرًا لمدينة السادات وافتتح مقر شركته ويتعامل مع كبرى المصانع والشركات، يروى ل«الصباح» تفاصيل العالم الذى اندمج بداخله لسنوات، قائلاً: بعض الزبائن وهم من المواطنين يشتكون من وجود زواحف سامة «ثعابين وعقارب» ولا تستطيع المبيدات التى نستعملها فى قتلها، وهو ما يدفعنى لاستخدام طريقة الرفاعية التى كنت أرغب فى نقلها لابنى قبل التحاقه بكلية الطب البيطرى، وبالفعل وظفت داخل شركتى ثلاثة آخرين من الرفاعية استعين بهم فى فترة الصيف ويتراوح أجرهم من 250 إلى 300 جنيه، وقد تم استدعائى بمعرفة الأهالى فى البحيرة قبل أيام لمكافحة ظاهرة انتشار الثعابين وقد نجحنا فى اصطياد بعضها باستخدام الطريقة الرفاعية والتى لا نصارح أحدًا بها فهو عهد إذا ما تم إفشاؤه يزول عن صاحبه. وتابع عرفة، هناك 366 نوعًا من الثعابين منها ما هو طيب لا يؤذى ومنها المقاتل الشرس ومنها السام، لكن كل هذه الأنواع فى النهاية تخضع بالأمر للقسم والعهد الرفاعى، لكن هناك أنواع من الثعابين لا تخضع للعهد الرفاعى لذلك لا يمكن التعامل معه، ومنها «الطريشة» التى إذا لدغت يضطر الأطباء إلى بتر العضو الملدوغ، وهى تنتشر فى الصحراء الغربية وفى الواحات واستعان بها الفراعنة لحراسة المقابر الفرعونية. «منصور» ابن المنيا الذى انتقل للقليوبية لصيد الثعابين وفى ضوء حالة الهلع التى يعيشها أهل البحيرة مع الثعابين، رصدت «الصباح» أحد مشايخ الطريقة الرفاعية، والذى يتجول نهارًا على الترع والمصارف لاصطياد الثعابين ويدعى «حمدى منصور» والذى جاء من محافظة المنيا قبل عشر سنوات، وهو الآن فى العقد الرابع من عمره، ويستخدم أسلوب رش الترياق الخاص بالوليفة على جسده لاستخراج الثعابين من المنازل. ويروى «منصور» تفاصيل خاصة حول عمله، قائلاً: يومية الحاوى بالقرى لا تتجاوز ال 100 جنيه والزبائن غالبًا ما يكونون من الفلاحين ممن تعرضت مواشيهم للدغة «الحنش» وهو أحد أنواع الثعابين السامة القاتلة، وينتشر مع ارتفاع درجات الحرارة، ويتم تحديد مكان «الحنش» داخل المنزل بعد قراءة القسم، عندها يقوم الثعبان بإصدار نوع من الرائحة المميزة تعرف لدينا باسم «الكرفة»، فنقوم بتتبعها حتى نجد الثعبان ونمسكه وفى أحيان كثيرة يقوم الثعبان أثناء إخراجه من مخبئه بعض الحاوى لكن عضته تكون غير مؤذية بفضل الله ثم القسم. وتابع منصور، الشركات الخاصة بمكافحة القوارض والزواحف السامة تنافسنا فى مصدر رزقنا الوحيد وأحيانًا تستعين ببعضنا، وهناك حالة تمت الاستعانة بى لاستخراج ثعبان من منزل قام بلدغ زوجة صاحب المنزل وبعد معاناة تمكنت من إخراجه، وعرفت من صاحب المنزل أنه قام بقتل ثعبان آخر وبالقطع هى وليفته فلا تترك الثعابين ثأرها أبدًا فتأتى إلى جثة الوليفة وتنظر بعينها وتعرف صورة قاتلها ولا تتركه إلا بعد لدغه وقتله.