ساهم فى 40 مسلسلًا و55 فيلمًا.. وحارب الإخوان بال«العزف» منزله يحتوى على أنتيكات وصور ومكاتب تراثية وجوائز حصل عليها يرتفع الستار وتتحد خلفه الأضواء، أعلى مسرح عريق، لتسلط على بدلته الأنيقة، وهو يشير بعصاه السحرية لعازفين تفصلهم مسافات ليست بقليلة، لكن أعينهم تتابع إشاراته بتركيز تام، يحاولون توحيد أناملهم وحواسهم مع الأب الروحى لهم «عمر خيرت»، والذى تشهد حفلاته أكبر تجمع شبابى فى مصر والوطن العربى كله. «خيرت» طل مؤخرًا من مدينة بطرسبرج الروسية، وتحديدًا من مسرح «مارينسكى»، بعد انطلاق بطولة كأس العالم، حيث أقام حفلًا عالميًا جمع خلاله بين موسيقاه الشرقية الكلاسيكية مع أوركسترا المارينسكى الروسية، فى تحفة غير مسبوقة بدمج الحضارتين من خلال الموسيقى. شهرة شبابية اكتسب «خيرت» شهرة كبيرة بين أوساط الشباب، وهو أمر نادر الحدوث بالنسبة لسنه، والموسيقى التى يقدمها حيث يصفها البعض بأنها كلاسيكية قديمة، بعيدة عن الموسيقى الصاخبة التى يتجه لها جيل الشباب، ورغم ذلك يرتفع عدد متابعيه يومًا بعد الآخر، حتى تجاوز عددهم على جروبه الشخصى وصفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» المليون ونصف المليون متابع، يحرصون على تبادل مقطوعاته الموسيقية بشكل يومى. المقربون من الموسيقار الكبير، أكدوا أنه يقضى وقت فراغه القليل جدًا فى الإسكندرية أو الغردقة بصحبة أصدقائه، وأنه أب لولد وبنت، فالأول يدرس الإخراج السينمائى فى أستراليا، أما ابنته «شيرين» فتعيش فى أمريكا، حيث تخرجت فى الجامعة الأمريكية وتزوجت، وانتقلت للعمل هناك فى مجال التدريس، وأنجبت «آدم» الحفيد الوحيد للموسيقار الكبير. عائلة موسيقية «خيرت» الذى ولد فى 11 نوفمبر 1947، ينتمى لعائلة موسيقية عريقة، فعمه هو الموسيقار أبو بكر خيرت مؤسس الكونسرفتوار المصرى، وقد بدأ «عمر» حياته الموسيقية بالعزف على آلة البيانو، وكذلك هو حفيد المحامى محمود خيرت، الشاعر والأديب الذى اهتم كثيرًا بالفنون والرسم، وكان لديه صالون دائم للفنون يناقش خلاله أمور الفن والثقافة، ويدعو له النخبة من الفنانين والمثقفين بشكل دائم. أما والده فكان مهندسًا معماريًا مهتمًا بالعمارة الإسلامية وبناء المساجد، فضلًا عن كونه عازفًا للبيانو، وهو ما يشير إلى أن عائلة «خيرت» كان لديها حس فنى عال، كان وراء عشقه للفن والموسيقى، و«البيانو» على وجه الخصوص، حيث درس العزف على يد البروفيسور الإيطالى «كارو»، ولم يكتف بالتدريبات العملية فحسب، بل حرص على إثقال موهبته بدراسة نظريات الموسيقى المختلفة، وانتقل بعد ذلك لدراسة التأليف الموسيقى فى لندن، حتى اكتملت ملامح شخصيته الموسيقية المستقلة كمؤلف محترف له رؤية خاصة فى الموسيقى التى يقدمها، وانضم بعد ذلك إلى فرقة «لى بتى شاه» كعازف درامز. وكان الظهور الأول ل«خيرت» كعازف، من خلال الموسيقى لتصويرية لفيلم «ليلة القبض على فاطمة» عام 1983، وشارك بعدها فى تأليف العديد من تترات المسلسلات والموسيقى التصويرية بطريقة مميزة خاصة به، حيث استطاع دمج الموسيقى الأوركسترالية الغربية بالأنغام الشرقية، مستخدمًا آلات غربية مثل البيانو والأكسليفون وآلات النفخ كالكلارنيت والأبوا والساكس، بالإضافة إلى الآلات الشرقية المميزة كالأكورديون الشرقى والعود والقانون والكمان، ومن أهم أعماله «البخيل وأنا وغوايش وقضية عم أحمد». مسيرة النجاح حرص عدد كبير من الفنانين على التعاون مع «خيرت» لتلحين أغانيهم، على رأسهم على الحجار ومحمد منير وأنغام وحنان ماضى، كما ساهم فى إعداد الموسيقى التصويرية لما يقرب من 40 مسلسلًا، منهم مسلسل فرقة ناجى عطا الله والداعية ودهشة، أما الأفلام فساهم فى الموسيقى التصويرية ل 55 فيلمًا، منهم إعدام ميت وخلى بالك من عقلك والوحل. توالت حفلات «خيرت» حتى قدم أوبريت الشيخ زايد فى الإمارات عام 2000، وحصد جائزة الأوسكار من جمعية فن السينما عام 2003، وحصد عام 2005 جائزة أوسكار السينما المصرية على فيلم «السفارة فى العمارة»، من بطولة الفنان عادل إمام. سفير الموسيقى اهتم «عمر» كثيرًا بالمناسبات الوطنية، حتى أنه حرص خلال فترة حكم الإخوان على تقديم عدد كبير من الحفلات، كرسالة ضمنية منه أن الفن لن ينتهى، وسيعبر كل القيود والأزمنة، كما حرص على المشاركة فى حفل افتتاح قناة السويس بتقديم مقطوعات موسيقية نادرة، وهذا لم يكن أمر جديد بالنسبة له، فقد شارك من قبل فى بعض المناسبات المصرية، منها موسيقى «باليه العرافة والعطور الساحرة» لفرقة الباليه الكندية عام 1989، وألف موسيقى العيد الوطنى لسلطة عُمان عام 1993، والعيد الوطنى لإيطاليا فى العام نفسه، هذا بخلاف مشاركته فى الاحتفالات المصرية والعالمية، مثل افتتاح دورة الألعاب العربية فى القاهرة عام 2007. يشترط «خيرت» فى الأعمال التليفزيونية والسينمائية التى يطلب منه أن يؤلف موسيقاها التصويرية، أن تتوافر بها عدد من الشروط، منها أن يكون العمل جيدًا، خصوصًا السيناريو، كما أنه يهتم كثيرًا بمخرج العمل، أما فيما يتعلق بأعماله الخاصة، فاتجه «عمر» مؤخرًا لطرح ألبوماته أونلاين عن طريق الإنترنت.