شبح حقيقى اسمه تغير المناخ يقف شاهرًا أسلحته فى وجه الإنسانية، ليدمر العديد من جوانب حياتنا، بما فى ذلك الصحة وسلامة المياه، وحتى الأمن الغذائى، يقتل ويؤثر على عدد أكبر من الناس فى جميع أنحاء العالم مقارنة بالإرهاب، تأثيرات تغير المناخ لم تتوقف عن ذلك وإنما امتدت للنساء الأكثر عرضة للأزمات بسبب التغيرات المناخية. وإذا كان الرجال يواجهون الظروف الاقتصادية الصعبة لتوفير الرزق لأسرهم، فإن النساء يشكلن غالبية فقراء العالم، ويعتمدن بدرجة أكبر على الموارد الطبيعية فى معيشتهن التى تتأثر بشدة بالتغير المناخى والمخاطر البيئية مثل الجفاف، وعدم الاستقرار فى هطول الأمطار، وبالتالى فإن النساء اللواتى يتحملن مسئولية تأمين الماء والغذاء يواجهن تحديات كبيرة للحصول على رزق أسرهن، علاوة على مواجهتهن لعوائق اقتصادية واجتماعية وسياسية تحد من قدرتهن على التكيف. ويقول تيس جاديا لارا، الصحفى البيئى الأرجنتينى فى معظم البلدان النامية، لا يستطيع الناس الحصول على المياه النظيفة، وللأسف، فإن النساء والفتيات هن من يتحملن عبء جلب المياه لعائلاتهن، ويقضين أوقات كبيرة يوميًا فى نقل المياه من مصادر بعيدة، وتعد عملية جلب المياه محفوفة بالمخاطر كونها غير آمنة وتستغرق وقتًا طويلًا، ففى عام 2012، قدرت اليونيسف أن نساء 25 دولة جنوب الصحراء يقضين 16 مليون ساعة فى جمع المياه كل يوم، لا سيما فى المناطق الريفية والمناطق الأكثر ضعفًا حيث الرجل عادةً مصدرًا اقتصاديًا للعائلات، وفى حالة حدوث مكروه له، فإن المرأة تواجه الحياة وحدها. وخلال إعصار كاترينا، العاصفة المدمرة التى ضربت ساحل الولاياتالمتحدة فى أغسطس 2005، كان 80 فى المائة من الذين سقطوا أثناء عمليات الإجلاء كانوا من النساء، وتشير ربيعة شبيح، وهى منظمة بيئية إلى «إن النساء أكثر عرضة للمخاطر المرتبطة بالمناخ، لا سيما فى المناطق الريفية فى البلدان النامية، لأنهن يحصلن عادة على فرص أقل للحصول على التعليم والمعلومات والتكنولوجيا التى تسمح لهن بالإدارة والتعامل مع الظروف». وهو ما أكده ناشط من دولة الإمارات العربية المتحدة، الذى قال إن معظم النساء فى المناطق الريفية يصل إليهن معلومات غير كافية حول تنبيهات الطقس وما يجب القيام به عند التعرض لمخاطر ذات صلة بالمناخ، ويؤثر ذلك على قدرتهن على الاستجابة بفعالية للتقلبات المناخية، «كما تواجه النساء مخاطر عالية من العنف القائم على نوع الجنس (العنف الجسدى والعقلى والعاطفى المرتكب بسبب جنس الضحية) فى وقت الكارثة وأثناء الاستجابة الفورية والسنوات التى تليها. وكانت الحالات المبلغ عنها للعنف الجنسانى فى العام التالى لحوادث كاترينا أعلى أربع مرات مما كانت عليه قبل العاصفة، فالقيود الثقافية والمجتمعية على حرية حركة المرأة تقيد قدرتها على الهرب فى الوقت المناسب، وبالنسبة لأولئك الذين ينجحون فى الهرب، فإن ما يترتب على ذلك عادة ما ينطوى على وضعهم فى ملاجئ غير آمنة ومزدحمة، حيث يواجهن التحرش الجنسى والتعذيب الذهنى والتعرض لكل أنواع العنف.