الصناعات اليدوية فى غرفة الإنعاش.. وعمال «الفايبر» مشردون بالإسكندرية رجل أربعينى يغلب عليه النعاس، داخل ورشة سمكرة ممتلئة بالمعدات.. شاب يجلس على الجانب الآخر يرتدى قميصًا متشحمًا وبيده كوب من الشاى، وسيجارة ما بين شهيق وزفير، وعلى يمينه طفل لم يتعد عمره العشر سنوات يمسك بيد مقشة، ينظف أمام الورشة مرددًا (يا مهون هون). هذا المشهد أصبح يصف حال الحرفيين فى مصر، بعد حالة الركود التى أصابت المدن الخاصة بهم، بسبب ارتفاع أسعار الخامات، فضلًا عن عزوف أصحاب السيارات عن إصلاحها. البداية كانت مع العمال بمدينة الحرفيين ببنى سويف، حيث يقول صقر حسين، سمكرى سيارات إن كيلو البويات وصل إلى 250 جنيهًا بعدما كان لا يتعدى 120، مع تضاعف أسعار الأدوات الرفيعة والخامات ثلاث مرات. أما محمود طه، صاحب ورشة سمكرة، فأكد أن هناك ارتفاعًا فى أسعار الخدمات بالمدينة، وتضاعفت أيضًا فواتير الكهرباء، وإيصالات النظافة وصلت إلى 30 جنيهًا شهريًا، بينما القمامة تملئ جوانب المدينة. طارق الصوفى، صاحب باكية لبيع كماليات السيارات، أوضح أن الركود الذى تشهده المدينة أدى لعزوف أصحاب الورش عن شراء الكماليات، لافتًا إلى أنهم يؤجرون الباكيات من مجلس المدينة ب 800 جنيه شهريًا، وهناك شرط فى العقد ألا يتركوها قبل انتهاء ثلاثة أعوام، وهذا يمثل عبئًا شديدًا عليهم فى ظل هذا الركود. الصناع الحرفيون بقرى محافظة المنوفية، العاملون بصناعة الفخار والجريد والسجاد اليدوى، يواجهون أيضًا مشاكل لا حصر لها، حيث أكد فرج محمود، من قرية وملة الأنجب التابعة لمركز أشمون، والذى ورث هذه المهنة أبًا عن جد، أن المسئولين أهملوا هذه المهن مع ارتفاع أسعار الخامات ونقل المنتجات بسبب غلاء المواد البترولية. وأشار باسم عادل، حرفى، إلى أن هناك عزوفًا من الشباب للعمل بهذا المهنة فى ظل الغلاء، لافتًا إلى أن الحال ازداد سوءًا بسبب كثرة المحاضر التى تحُرر ضدهم من قبل مسئولى وزارة البيئة، لوجود الأفران اللازمة لصناعة الفخار. سكان قرية ساقية أبو شعرة، التابعة لمركز أشمون بالمنوفية، إحدى قلاع صناعة وتصدير السجاد فى المحافظة، ويبلغ عددهم حوالى 67 ألف شخص، كانوا يصدرون السجاد للخارج، إلا أن الصناعة تراجعت فيها بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام، وعدم وجود معارض لعرض المنتجات فيها، لذلك يطالب الصناع الحكومة بتشجيع هذه الحرف، عن طريق توفير المواد الخام بأسعار مناسبة، وإنشاء معارض لها. أما صناعة الفايبر بالإسكندرية، فلم يختلف واقعها المؤلم عن غيرها من الحرف، حيث يعانى عمال الفايبر بشركة الإسكندرية لصناعة الفايبر بمنطقة العامرية، بعدما أغلق مالكها المستثمر الهندى المصنع، ليتشرد أكثر من 500 عامل. أحمد عيد، أحد عمال المصنع، أكد أنه أغلق فى نهاية عام 2015، ولم يحصل العمال على رواتب أو حوافز فى العشرة شهور الأخيرة، أو حتى مكافآت نهاية الخدمة. على السيد، عامل، أكد أن المصنع كان الأول فى مصر والشرق الأوسط فى إنتاج الفايبر بجميع ألوانه، لكن فى آخر سنواته قبل التصفية والغلق، قل إنتاجه بسبب قيام صاحبه باستيراد خامات رديئة وقطع غيار مستعملة للمكينات وخطوط إنتاج مستهلكة، وادعى أنه أصبح يتكبد خسائر كبيرة والديون تراكمت عليه، لكن هذا لم يحدث، ونتيجة هذه السياسات الخاطئة تم إغلاق المصنع.