صراع على الغسالة والثلاجة والحمام مشترك .. و 11 فرداً على سرير واحد 6 ملايين مواطن مسكنهم الغرفة الواحدة فى القاهرة والجيزة بحسب إحصائية الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مؤخرًا، فلا عجب أن تجد أسرة مكونة من 11 فردًا يعيشون فى غرفة واحدة والمرحاض مشترك مع الجيران.. محررا «الصباح» قاما بمعايشة يوم مع سكان الغرفة الواحدة ليرصدوا معاناتهم. من عزبة الدويقة يتحدث مجدى حسين البالغ من العمر 40 عامًا وأحد قاطنى الغرف الواحدة، قائلًا: «أعول أسرة مكونة من 6 أفراد جميعنا ننام على الأرض وملابسنا بجوارنا حيث لا نمتلك «دولاب» ونخزنهم فى أكياس الوسائد، أعيش بالدويقة منذ 25 عامًا حتى أصبح العقار الذى أسكنه آيلًا للسقوط، ونظرًا لكونى أعمل عاملًا باليومية فلا أستطيع نقل السكن فأنا أعمل يومًا و10 لا. عند دخولك غرفة مجدى يصعب أن تطأ قدمك الأرض المغطاة بالملابس، كما أنه يستحيل عليه أن يفرق بين أبنائه فى المضاجع فتنام الفتيات بجوار أشقائهم الذكور ويلتحفون غطاءً واحدًا فقط، الغرفة أيضًا تخلو من جميع الأجهزة الكهربائية سواء بوتاجاز أو سخان أو ثلاجة ولا يوجد بها سواء غسالة قديمة متهالة تسرب المياه عند تشغيلها، أما المرحاض فهو مشترك مع الغرف المجاورة. اختتم مجدى حديثه بأنه يتمنى الموت يوميًا طالما فشل فى تحقيق الحياة الكريمة له ولأسرته. بينما تروى صفاء السيد البالغة من العمر 35 عامًا ومقيمة بالدويقة منذ عشرة أعوام وتعول 5 أطفال وتقطن بالغرفة الواحدة، أن زوجها لم يستطع تحمل مشقة الحياة فهرب من المسئولية لتصبح هى رب وعائل الأسرة، مؤكدة أن مشقة الحياة فى غرفة واحدة مع 5 أطفال لا تقتصر على ضيق المساحة فقط بل تمتد إلى عدم توفير أى من المرافق الأساسية حيث إنها تجلب مياه الشرب والطهى من الجيران يوميًا بسبب انقطاع المياه الدائم. وتضيف باكية: المأساة الحقيقية هى أن باب غرفتى متهالك فبعض رجال المنطقة يفتحون الباب ليلًا ليشاهدوا جسدى مما دفع أبنائى لارتكاب العديد من المشاجرات معهم لكن دون جدوى، فالأمر يتكرر باستمرار، فكل ما أحلم به هو باب لغرفتى أما الطعام فهو رزق من الله يتنوع بين الأرز والمكرونة فأولادى لا يعرفون طعمًا للحوم أو الفاكهة، أما الكسوة الشتوية والصيفية فغالبًا ما يمنحنى إياها الكرام الذين أعمل لديهم كمنظفة منزل. أما حنان السيد البالغة من العمر 55 عامًا، وتقيم بالدويقة منذ 35 عامًا فى غرفة واحدة مع أسرة مكونة من 11 فردًا، تؤكد أنها لا تعلم شيئًا عن تنظيم الأسرة وأنجبت طفلها رقم 9 منذ شهرين فقط، مؤكدة أنه يستحيل أن تلتف أسرتها على وجبة غداء أو إفطار فيجب أن يأكلوا على مرحلتين نظرًا لضيق المساحة. وتتابع: لا نعرف طعمًا للبروتين سوى «أرجل الدجاج»، وعند النوم تقسم العائلة، جزء على السرير وآخر على الأرض، ويفصل بين الذكور والبنات ستارة متهالكة، ونفس الأمر يتم تطبيقه على استخدام المرحاض ذى الرائحة الكريهة بسبب عدم توافر المياه، لافتة إلى أن أقصى طموحها يتمثل فى مسكن مكون من غرفتين حفاظا على عفة بناتها. عزبة خير الله: محمد شوقى البالغ من العمر 38 عامًا، والمقيم بعزبة خير الله بدار السلام منذ 11 عامًا، وتزوج وأنجب طفلين، توفيت زوجته منذ أيام من شدة رطوبة الغرفة، وأطفاله يعانون من الأمراض الذى تقيم بأجسادهم دائمًا، فنزلات البرد لا تترك جسد أبنائه على حد قوله، حيث يعمل «بائع بطاطا» فى الشتاء لا تتعدى يوميته الخمسين جنيهًا، وربما أقل وصيفًا يعمل عامل يومية. تقاطع حديثه ابنته قائلة إنها تتعرض للعديد من السخرية من زملائها بالمنزل، عندما يطلبون زياتها بالمنزل. ويستكمل محمد قائلا: «أخاف على شرف بناتى، فالحمام دون شبابيك، وبالتالى أقف مباشرة خلف الجدران أمنع الشباب من مشاهدة ابنتى بالمرحاض، ومنعتها من الدخول إليه ليلًا إلا عقب إيقاظى من النوم، فأقصى أمانينا أن نقيم بمنزل به باب وشبابيك». نادية حسين البالغة من العمر 30 عامًا، وتقيم بعزبة خير الله منذ 8 أعوام، حيث كانت تقيم مع زوجها ووالدتها بغرفة واحدة، حتى توفى زوجها منذ أيام بسبب الرطوبة، وتقول إنها حينها شعرت بالحزن والفرح فى آن واحد فعقب زواجهما لم تسطع أن تقيم معه العلاقة الحميمة بسبب وجود ولداتها بشكل مستمر بالغرفة، ودائمًا كان يشغل تفكيرها أنها إذا أنجبت أطفالًا، بأى مكان سوف يجلسون، بجانب أن بالغرفة سريرًا فقط والمرحاض يفصل بينهما ستار متهالك أسود اللون. نادية تؤكد أن الملابس السوداء قدرها، فوالدها توفى بنفس المرض، هو عدم تحمل الرطوبة، فهى كانت ترفض الزواج دومًا، بسبب أنها تريد الخروج من الغرفة، ولكنها تزوجت فقط حتى تنجى من التحرش الذى كانت تتعرض له، فكانت تخشى أن تقوم بالاستحمام بالحمام، أو حتى دخوله، وكانت تخشى أن تنام، فالعديد من المرات قاموا شباب العزبة بالدخول عليها أثناء نومها والتحرش بجسدها، وحينها لم تكن تستطيع فعل شىء سواء العويل والصراخ والبكاء هى وولداتها، فنادية تحلم بشقة لها باب. مناطق آمنة: خالد صديق رئيس صندوق تطوير العشوائيات، يقول فى تصريحات خاصة ل«الصباح»: إننا نتحدث عن 250 ألف أسرة منها أكثر من 120 ألف منزل آيلة للسقوط يقطنون بها وسكانها يتعرضون لخطر يوميًا، فهؤلاء الأهم وهم من يستحقون إيجاد حلول سريعة وجذرية لمشاكلهم، فنحن بصدد إنقاذ مليون مواطن، أما تقرير التعبئة العامة والإحصاء فيتحدث عن المواطنين الذين يعيشون فى حياة غير ملائمة، فهؤلاء بصدد التفكير فى إيجاد حلول جذرية لهم، وهذه معركتنا القادمة بالتعاون مع الدولة ووزير الإسكان المهندس مصطفى مدبولى. بينما يشير محمد إسماعيل أمين سر لجنة الإسكان بالبرلمان فى تصريحات خاصة ل«الصباح»، أن هذا الملف من أهم الملفات المطروحة حاليًا بشكل كبير، فمن هنا ينشأ الاضطراب الأسرى وتحرش وزنا المحارم، فلابد من تعاون الدولة مع منظمات المجتمع المدنى لقضاء على هذه الظاهرة بأسرع وقت ممكن.