على حدود القاهرةالغربية، تحديدا فى منطقة منشية ناصر، يقع حى الدويقة، الذى يئن من إهمال الدولة منذ سنوات طويلة، فمساكن الدويقة قديمة متهالكة، يتألف كل منزل بها من دور واحد يحتوى على غرفتين أو ثلاثة بحمام مشترك، تعيش كل أسرة فى غرفة مغلقة، لايوجد فى الغرفة غير "كنبة"، يستخدمها أحد أفراد الأسرة للنوم عليها والبقية يستلقون أرضا، ولاتوجد مرافق ولاكهرباء ولامياة، ليس ذلك فحسب بل هناك أسر بأكملها يهددها الموت بين لحظة وأخرى، تارة بصخرة تسقط من جبل الدويقة فوق رؤوسهم، وأخرى بمنازل تنهار بفعل تغيرات الزمن التى لم تستطع تحملها .. وفى النهاية يتذكرهم المسؤلون بإطلاق تصريحات عن تعويضات للقتلى والضحايا ونقل محدود للأسر المضارة .. لينتهى الحال بنقلهم إلى منفى يعيشون فيه بلاخدمات، ويسقطون فجأة من حسابات المسؤلين إلى أن تحل عليهم كارثة أخرى.. وربما تنفس سكان الدويقة الصعداء مع وعد الرئيس عبد الفتاح السيسى، عندما أعلن عن تخصيص مليار جنية لتطوير المنطقة، يساهم فيها صندوق "تحيا مصر" ب500 مليون جنية، وتساهم الدولة بباقى المبلغ.. قال محمد سيد حرفى :" أسكن فى منطقة الخزان، وهى إحدى عشوائيات الدويقة، ولا أعرف مواطنا غيرها، أعيش أنا وزوجتى وطفلتى التى تبلغ من العمر سنة فى غرفة واحدة بحمام مشترك نقف على طابور، إذا داخلت هذه الغرفة، ستستنشق رائحة غير مستحبة، ستجد الحشرات فى كل مكان، ناهيك عن الثعابين والسحالى والعقارب التى يراها يوميا كل من يعيشون بالمنطقة". وأوضح قائلا :"لم أستطع ترك المنطقة لأن الشقة التى تقدمها لنا الحكومة فى مكان معزول، وبعيد عن مكان عملى، فأنا أعمل فى ورشة استورجى بقرب سكنى الحالى بالدويقة، ولو أرادت الإنتقال دخلى لن يتحمل نفقات المواصلات من وإلى مكان العمل، وأصبح طوق النجاة بالنسبة لى ولأسرتى هو تنفيذ وعد الرئيسى السيسى بتطوير المنطقة، لأنى أتمنى السكن فى شقة آدمية". وأشارت الحاجة قطر الندى 75 سنة أكبر سكان الدويقة وأقدمهم إنها تعيش بمنطقة الدويقة منذ ما يقرب من 30 عاما بعدما إنهار منزلها وقررت الحكومة نقلها إلى مساكن إيواء بالدويقة بشكل مؤقت لحين توفير شقق لهم وتعاقبت العشرات من الحكومات والمحافظين ومنذ ذلك الحين وهى تعيش بتلك الشقة المشتركة مع أسرة أخرى يتقاسمان الشقة بينهما، مشيرة إلى أن الشقق المشتركة مأساة للذين يعيشون بها فأنت تعيش مع أسرة لا تعرفها ونجمت عنها مشاكل كبيرة منها قد تصل لحد القتل بسبب الخلافات المستمرة بين الأسر المشتركة فى شقة واحدة. وذكرت عفاف - إحدى سكان حى الشهبة بالدويقة - :"اعيش فى غرفة صغيرة مبنية على جبل فى منطقة الشهبة مع أولادى الأربعة ،إيجارها 250 جنية ولا أستطيع أن أدفعها فى كل الأوقات لأ ليس لدى مصدر دخل ثابت، كما لا تتوفر لدى متطلبات الحياة الأسياسية من مياه و كهرباء و صرف صحى، والمنطقة تتعرض لهجمات عديدة من بعض البلطجية لذلك نحاول إتقاء شرهم عن طريق دفع إتاوات لديهم، ناهيك عن مقالب الزبالة التى تحيط بنا من جميع الجهات والتى ترتب عليها انتشار الأمراض بين أهالى المنطقة، أملنا كبير فى وعد السيسى بتطوير المنطقة، ولكن نحن فى حاجة لأن يتم تحقيق ذلك فى أسرع وقت". واستنكر عادل عبد الجواد، صاحب كشك، ما يعيشه أبناء المنطقة قائلا :"أحنا عايشين في غابة فيها كل حاجة بلطجة وفرض إتاوات وتحرش وإغتصاب عيني عينك لكن محدش بيسمع، دا غير الفقر والجهل وقلة المرافق، إحنا أحلامنا والله بسيطة نفسنا نعيش في أوضة نضيفة مقفولة علينا إحنا وأولادنا، نفسي أأكل أولادى نضيف وأعيشهم عيشة بني أدمين، إحنا مأجرين أوضة ب300 جنيه عايشين فيها كلنا والحمام مشترك بينا وبين الناس إلي ساكنة معانا، ودا حال كل اللي عايشين هنا، يرضي مين دا !!". ترجلت إلى شارع آخر بمنطقة (التلاتات)، وجد منازل تشبه المدافن وآيلة للسقوط، من بينهم منزل تسكوه القمامة قال صحابه إنه أصيب وأولاده بالأمراض بسبب أن القمامة تحيطه من كل جانب مما أدى إلى انتشار الحشرات والأوبئة فشقته تشبه (صندوق القمامة) من كثرة القمامة التى تحيط ببيته، وأثناء ترجلى شاهد مجموعة من الأطفال فى وصلة رقص على أغنية (مفيش صاحب) يرقصون بالخناجر والسكاكين فى فرح بمهارة تؤكد أنها ليست المرة الأولى التى يمسكون فيها السكاكين رغم صغر سنهم. وأكدت رحمة السيد ربة منزل وأحد سكان المنطقة من الحكومة أن أهالى المنطقة معدمون يعيشون تحت خط الفقر مع انعدام الخدمات، وفقدان الأمان، وعدم توافر فرصة عمل كريمة بالإضافة إلى الشعور بالدونية واستغلال أصحاب النفوذ أهل هذه المناطق للدعاية فقط، وغياب القانون. وتعجبت قائلة :" قبل وعد السيسى بتطوير المنطقة، الحكومة كانت عاملة عبيطة منتظرين لما البيوت تقع علينا وبعدين يتحركوا، فأهالى المنطقة كل يوم حد منهم يموت تعبان، أملنا تجدد بوعد السيسى وجميع أهالى الدويقة منتظرين تطوير المنطقة، ولكن الأهم متى سيتم تطويرها، والله ده لو مسؤل زارنا مش هيستحمل يمر على البيوت بيت بيت". واختتمت حديثها بقولها :" لى رجاء أن يتم الإصلاح بشكل شامل، وإلا يقتصر على جانب واحد ويهمل جوانب، فلا يعقل أن يكون التطوير نقل أسرة تضم 6 أو 7 أفراد لشقة مكونه من غرفة أو غرفتين، كما أن جميع أهالى الدويقة يكتسبون رزقهم من أعمال بسيطة يقومون بيها بالقرب من سكنهم، فإذا تم نقلنا لمناطق بعيدة، فكيف نكسب رزقنا؟!".