بالمستندات.. مصانع أعلاف فاسدة تدمر الثروة الحيوانية

خسائر بالملايين للمربين فى عدة محافظات بسبب نفوق الدواجن بمزارعهم
مصنع الدلتا للأعلاف تسبب فى خسارة شريكين 2 مليون جنيه بعد نفوق 27 ألف دجاجة بياض
كارثة تهدد الثروة الداجنة فى مصر، بعد قيام عدد من المصانع الخاصة بإنتاج أعلاف مخلوطة بمادة «اليوريا» و«بودرة البلاط»، أدى لنفوق آلاف الكتاكيت والدجاج، الأمر الذى أصاب مربى الدواجن والعاملين بالمزارع بحالة من الرعب، خاصة أن منتجات تلك المصانع والتى يمتلكها رجال أعمال ومواطنون من القطاع الخاص، تتسبب فى نفوق الدواجن بصورة فورية بعد إصابتها بأمراض الفشل الكلوى والكبدى والتسمم، وهو ما تسبب فى خسائر فادحة لصغار المربين، وارتفاع أسعار الدواجن، وسط غياب رقابة الجهات المسئولة وعلى رأسها وزارات الزراعة والتنمية المحلية والتموين.
البداية كانت من البحيرة، حيث استيقظ أحمد عاطف، باكرًا كعادته، وذهب إلى مزرعته، ليكتشف نفوق مئات الكتاكيت، واستمر هذا الوضع لمدة أيام حتى قضى على إنتاج العنابر بالكامل، ليتجه بعد هذه الأزمة للتعرف على أسباب نفوق الكتاكيت، وبدأ بفحص الأدوية والتحصينات وانتهى بفحص عينة من الأعلاف؛ ليكتشف أن الأعلاف هى سبب نفوق الدواجن، وهى أعلاف يعود إنتاجها بمصنع يدعى «نماء للأعلاف».
مربو الدواجن يكشفون ل«الصباح»، عن خسارتهم ملايين الجنيهات، بسبب تلك المصانع وسط رقابة غير محكمة من الجهات المسئولة.
«عاطف» أكد أن التحاليل التى أجراها هو وشريكه عبدالرحمن يحيى جابر، لعينة أعلاف «بادى وتسمين نباتى»، من مصنع أعلاف «نماء للأعلاف»، فى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، كشفت عن انخفاض نسبة البروتين إلى 17 فى المائة فقط، وهو أيضًا ما أكده تحليل لمعهد بحوث صحة الحيوان التابع لوزارة الزراعة بالدقى، حيث أظهر أن نسبة البروتين بلغت 16 فى المائة، ووجود نسبة من اليوريا فى الأعلاف.
وكشف شريكان يعملان فى تربية الدواجن بصور لتحاليل عينات من العلف، عن خسارتهم جميع أموالهم بعد نفوق جميع قطيعهم من الدواجن بسبب أعلاف غير مطابقة للمواصفات، تسبب فى تدمير إنتاجهم من الدواجن البالغ 27 ألف فرخة، وخسارة 2 مليون جنيه.
المهندس جمال سمير أحد المتضررين من العلف أوضح، أنه هو وصديقه تشاركا فى عمل مشروع عبارة عن مزرعتين، يوجد بهما 5 عنابر فيها 27 ألف فرخة بياض، فى دكرنس بالمنصورة بالدقهلية، وتعاقدتا مع مصنع أعلاف يدعى الدلتا للأعلاف بمنطقة المحمودية بدكرنس، لصاحبه يدعى سميح الإمام.
واستطرد: «كان الإنتاج يسير طبيعيًَا، ولا يوجد أى ضرر من وراء العلف، لكن فجأة وجد هو وشريكه نفوق 60 فرخة وأكثر يوميًا من العنابر، دون معرفة السبب، لكن الأطباء البيطريين المشرفين على المزرعتين ومنهم د. علاء خاطر نقيب البيطريين بالغربية، أكد أن الأزمة فى العلف، وأن العلف عبارة عن مخلفات وغير مطابق للمواصفات».
وأكد جمال أنه أخذ عينة من العلف هو وشريكه لتحليلها فى كلية الزراعة بجامعة المنصورة وعينة أخرى لتحليلها فى المركز القومى للبحوث بالدقى، بالإضافة إلى تحليل عينة من الفراخ للتأكد من إصابتها بأى أمراض قد تكون السبب فى النفوق من عدمه، لكن التحاليل أكدت أن العلف غير مطابق للمواصفات، وأنه السبب فى نفوق الدواجن، وأن الإنتاج من البيض غير سليم، حيث إن البيضة تكون ذات قشرة خفيفة وباهتة اللون، وتتعرض للكسر بمجرد لمسها باليد.
التحاليل التى حصلت «الصباح» على نسخة منها، كشفت عدم إصابة الدواجن بأى أمراض خاصة «النيوكاسل»، لكن عينة العلف أظهرت أنه غير مطابق للمواصفات السليمة، حيث إن نسبة البروتين فى العلف تبلغ 15.4 بدل من 18 بنقص 2.6 بروتين، و2800 طاقة بدلًا من 3215 بزيادة 415 طاقة.
الأطباء والمسئولون بكلية الزراعة بجامعة المنصورة وفقًا لجمال، أكدوا له أن الأعلاف غير مطابقة وأنها ليست علفًا لكنها عبارة عن «دش وبودرة»، وأنه على الرغم من ذلك لم يعترف صاحب المصنع بتسبب العلف فى نفوق الدواجن، ولم يعترف أيضًا بالتحاليل.
وقال جمال إنه خسر نحو 2 مليون جنيه، بخلاف 600 ألف جنيه مدين بهم لصاحب مصنع الأعلاف الذى رفض التنازل عنهم، بعد عقد جلسة عرفية حضرها أطباء بيطريون ومربون وعدد من الجمعيات الخاصة بالمربين، مؤكدًا أنه حرر محضرًا فى قسم شرطة دكرنس وحمل رقم 7397/2017 إدارى دكرنس.
التقارير والتحاليل الخاصة بالأعلاف السابقة أكدت ارتفاع نسبة اليوريا فى العلف لتعويض نقص البروتين بالعلف، ما تسبب فى فشل كلوى وكبدى حاد وانهيار شديد فى المناعة، أدى إلى نفوق الدواجن سواء دواجن التسمين أو البياض، بالإضافة إلى التلاعب فى نسب الخامات من بروتين وطاقة وغيرهما.
وقال أحد المربين من محافظة القليوبية، طلب عدم ذكر اسمه، إن هناك مصنعًا بجوار قرية السد بمحافظة القليوبية ينتج أعلافًا مصنعة من بودرة البلاط،، موضحًا أن السيارات تحمل من المصنع وتوزع على محلات فى القاهرة، ولا توزع فى المحافظة لعلم المربين بفساد أعلاف ذلك المصنع.
المهندس عبدالعزيز إمام، رئيس هيئة الأعلاف والرقابة عليها بقطاع الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، قال إن هناك العديد من المصانع التى تتلاعب فى مكونات العلف، موضحًا أن الوزارة لصالح المربى والحفاظ على منظومة العلف وجودته وترخيص جميع المصانع لتنتج فى أمان وتكون تحت مظلة الرقابة المستمرة.
وقال «إمام» ردًا على وجود مصانع تنتج أعلافًا غير مطابقة للمواصفات، إن الوزارة تتبع أى شكوى من المربين وتشكل لجنة وتقوم بأخذ عينات من الأعلاف والخامات وتحليلها بالتعاون مع المركز القومى للأعلاف التابع للوزارة، وإن ثبت مخالفة المصنع لأى شرط من شروط التصنيع فى الخامات يتم توقيع غرامات كبيرة عليه، بالإضافة إلى سحب الترخيص من المصنع فى العديد من الأحيان، لعدم التزامه بشروط الترخيص.
وأوضح رئيس هيئة الأعلاف بوزارة الزراعة، ل«الصباح»، أنه يتم تشكل 3 لجان فى كل أسبوع من مسئولى قطاع الثروة الحيوانية للتفتيش على المصانع، وأن كل لجنة تفتش على مصنعين بإجمالى 6 مصانع فى الأسبوع، و24 مصنعًا فى الشهر، وأن اللجنة تتخذ الإجراءات القانونية تجاه المصنع المخالف بدفع غرامات أو سحب الترخيص.
وأشار «إمام» إلى أن هناك أيضًا حملات تفتيش من شرطة مسطحات البيئة تتم بصورة مفاجئة على مصانع الأعلاف، وتقوم بتشميع أى مصنع مخالف وينتج أعلافًا غير مطابقة، موضحًا أن هناك مصانع تضيف يوريا يسبب فى نفوق الدواجن وأخرى تضيف كميات كبيرة من بودرة البلاط بالمخالفة للمواصفات التى تحدد إضافة 2 كيلو لكل طن فقط، ومصانع أخرى تقلل وتزود فى خامات الأعلاف مثل البروتين وغيرها».