«البنية الاجتماعية انهارت فى العراق وهناك آلاف من اللاجئين » على هامش منتدى شباب العالم، الذى عقد الأسبوع الماضى بمدينة شرم الشيخ، بحضور 3200 شاب من مختلف جنسيات العالم، وعدد من رؤساء الدول والوزراء والشخصيات العامة، كان ل«الصباح» لقاء خاص مع د. ميرزا دينايى الناشط الحقوقى العراقى وباحث أيزيدى ورئيس منظمة الجسر الجوى عراق-ألمانيا، والتى لها دور هام لمواجهة الإرهاب الداعشى ومعالجة المصابين وإنقاذهم من الأثر الإرهابى لداعش، حيث جاء بصحبة الفتاة العراقية اليزيدية لمياء بشار، لتبهر مصر والعالم بشجاعتها وإصرارها رغم مرارة تجربتها، والتى أبكت الحاضرين ومنهم الرئيس عبد الفتاح السيسى بكلماتها خلال افتتاح فعاليات المؤتمر. فى البداية، رحب «دينايى» بدعوته ولمياء للمشاركة والحضور بمنتدى شباب العالم، مؤكدًا أن الرئيس السيسى أول زعيم عربى يدعو لهذه المبادرة للتواصل مع الشباب، سواء داخل مصر للتحاور بين السلطة وجيل الشباب أو على المستوى الخارجى، ويجمع بين الآلاف من شباب العالم للحوار والإبداع وعرض الأفكار والمناقشات الهامة، لذلك كان المنتدى شيقًا للغاية وثرى بالاستفادة، وأعطى حافزًا للشباب من داخل وخارج مصر. وأضاف أن المؤتمر أعطى الكثير من الآمال للأشخاص نحو السلام والتنمية، حيث أبهرته الآراء والتجارب الشخصية والعملية للشباب، حيث خرج المؤتمر عن الطابع الكلاسيكى إلى تجربة هامة تدرس للعالم، عن حسن التنظيم والضيافة بما فى ذلك عرض الشباب لتجاربهم. وأشار إلى سعادته بأن يكون أحد المدعوين والمشاركين وكذلك لمياء بشار الفتاة الأيزيدية، والتى انتصرت على داعش بعد تجربة مريرة استمرت لسنوات، حيث ألقت تجربتها على الشباب فى مصر والعالم ووجدت من يستمع لصوت الضحية، والتفاعل معها بشكل متحضر، فقد تأثر الحاضرون من ملوك ورؤساء بكلماتها، والقضية التى تدافع عنها من ضحايا المرأة والأطفال وضحايا الحروب والصراعات. وتابع: «جاءت الدعوة لى ولمياء أيضًا للمشاركة ورحبت لأنها أول بلد عربى تزورها لمياء، حيث شعرت بالمحبة للشعب المصرى والعربى، وقبل الحضور تناقشت مع لمياء، حيث إن المنتدى يتزامن مع مؤتمرات أخرى فى ألمانيا وبروكسيل، وبالفعل تم إلغاء بعض الارتباطات والمشاركات لنأتى إلى مصر للمشاركة الفعالة والمثمرة». أما عن حال العراق الآن، قال «دينايى»: إنه مر بتجربة مريرة جدًا لمدة أعوام جاء إثرها ملايين من النازحين من الشعب العراقى واللاجئين بمختلف بلدان العالم، ورغم التغلب على داعش إلا أنه من الصعب العودة لرواسب داعش من دمار وخراب عمرانى، ولكن المؤلم هو انهيار البنية الاجتماعية وهذا تسبب فى صعوبة العودة، حيث يحتاج العراق إلى عشرات السنوات لبناء الدولة والشعب العراقى خاصة الجالية المسيحية الأكثر تضررًا، والتى مات منها الآلاف وهجر منها ملايين وعانت من قتل وسبى واستعباد. وأضاف: «أننا الآن فى المرحلة النهائية من التغلب على داعش شعبيًا وعسكريًا، ولكن الأهم هو التغلب الاجتماعى والفكرى الذى سيستغرق عشرات السنوات». وعلى صعيد متصل، فقد انبهر الحضور من شجاعة وصبر لمياء حجى بشار والتى هربت من ويلات داعش وأصبحت تجول العالم تحكى تجربتها، حيث التقت بها «الصباح» خلال المنتدى، لتبدأ حديثها بالتأكيد على سعادتها البالغة لدعوتها لحضور المنتدى وحفاوة الاستقبال ومدى حب الشعب المصرى لها، خاصة أنها انبهرت بمصر، حيث إنه البلد العربى الأول الذى زارته بعد العراق. وسردت «لمياء» حكايتها مع داعش، بعد الهجوم على قريتها فى عام 2014، حيث قام التنظيم باختطافها مع خمسة من أخواتها وأسر والدتها ووالدها، واقتادوها إلى مدينة الرقة بسوريا، وتم بيعها عدة مرات ولكنها حاولت أيضًا الهروب عدة مرات، وخلالها كان يتم تعذيبها وضربها، وعند بيعها مرة ثالثة كان من اشتراها خبيرًا فى صنع القنابل، فأجبرها على مساعدته فى ذلك، وأخيرًا حاولت الهروب مع زملائها، ولكن فى طريق العودة انفجر لغم أرضى تحت أقدامها فمات الجميع، وأصيبت بحروق بالغة شوهت وجهها وأعمت عينيها، ولكنها أخيرًا نجحت فى الهروب وتم معالجتها بعد ذلك من قبل منظمة الجسر الجوى فى ألمانيا. وأضافت أنها أصبحت تحكى قصتها للعالم، حول ويلات داعش، وكيف أنها تغلبت عليها حيث يعتبر التنظيم أن الأيزيدية ديانة مختلفة عن الديانات الأخرى، ويعتبر متبعوها كفارًا، رغم أنها ديانة موروثة فقط، فهى أقدم ديانة عرفت الله الواحد، ومعناها الشخص الذى يعبد الإله، والأيزيدية يحترمون كل الديانات، ولكنهم يعانون من أكثر من ألف عام من الاضطهاد والظلم، وتعرضوا للكثير من العمليات الإرهابية. وتعد لمياء أحد أهم أمثلة الشجاعة، حيث إنها شهدت تجربة قاسية من خطف واغتصاب وتعذيب، كما شاهدت قتل أهل قريبتها أمام عينيها وسبى النساء، ولكنها لم تستسلم أو تفقد الأمل، بل حاولت حتى أصبحت حديث العالم أجمع.