«عبدالعاطى» صقر المدفعية المصرية وصائد الدبابات

لقب بصائد الدبابات، كالصقر الذى ينقض على فريسته، كان يتعامل الرقيب محمد عبدالعاطى عطية شرف، المولود فى 15 ديسمبر عام 1950 بقرية شيبة قش مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، مع دبابات العدو حتى أنه أسقط 26 دبابة من دون منظار.
يروى نجله الأصغر أحمد محمد عبدالعاطى الذى يعمل حاليًا ضابطًا بوزارة الداخلية ل«الصباح»، أن البطل التحق بالقوات المسلحة كمجند عام 1969م بسلاح الصاعقة، وظل فيه لمدة عام، وعقب ذلك انضم لسلاح المدفعية، بالكتيبة 35 فهد.
«كان والدى بارعًا فى النشان» هكذا يقول الابن: «وهذه النوعية من الصواريخ تتطلب مهارات خاصة من حيث النظر الثاقب وقوة الأعصاب لأنها ذات حساسية عالية وقوة تدمير هائلة، لذلك كانت الاختبارات تتم بصورة شاقة ومكثفة، وكان الجندى يحمل الصواريخ فى حقيبة كتف تتكون من جهاز يشبه اللاب توب يتمد له أسلاك لقاعدة الصواريخ بجانب وتكون القاعدة على بعد 20 مترًا من قاعدة الصواريخ ويوجد بها زر إطلاق وعصا للتحكم فى توجيه الصواريخ ومنظار لقياس مدى بعد الدبابة عن القاعدة.
يكمل أحمد عبدالعاطى أن والده أنهى الخدمة العسكرية عام 1974م وحصل على رتبة رقيب أول مجند تكريمًا له وحصل على وسام نجمة سيناء العسكرية من الطبقة الثانية، وعقد قرانه على ابنة عمه، وأنجب ثلاثة أولاد وبنت واحدة، بجانب أنه يشعر بالفخر بوالده عندما تقوم الدولة بإرسال دعوة إلى الأسرة لحضور احتفالات أكتوبر، بجانب أنه يظل يتحدث دومًا أن والده اشتهر «بطيبة قلبه» حيث قام برصف طريق قريته.
وأشار إلى أن معاناة والده مع المرض كانت كبيرة خصوصًا مع «دوالى المرىء» وزاد المرض عليه حيث انتقل إلى مستشفى الجامعة بالزقازيق وظل بها إلى وفاته بيوم 24 رمضان 1422 هجريًا الموافق 9 ديسمبر 2001 م.
أول تجربة
بالعودة لحياة صائد الدبابات العسكرية يقول الابن: «قبل الانتهاء من مرحلة التدريب النهائية انتقل والدى إلى الكيلو 26 بطريق السويس، لعمل أول تجربة رماية من هذا النوع من الصواريخ فى الميدان ضمن مجموعة من خمس كتائب، وكان ترتيبه الأول على جميع الرماة، واستطاع تدمير أول هدف حقيقى بهذا النوع من الصواريخ على الأرض، ثم اختير لأول بيان عملى على هذا الصاروخ أمام قائد سلاح المدفعية اللواء محمد سعيد الماحى، وتفوق والتحق بعدها بمدفعية الفرقة 16 مشاة بمنطقة بلبيس، التى كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات فى مشروع الرماية الذى حضره قيادات الجيش».
بعدها تمت ترقيته إلى رتبة رقيب مجند، بجانب أنه طوال حياته كان لا يستخدم المنظار بسبب قوة البصر والسرعة البديهية لديه وسرعة التحكم بالعصا حيث إذا انحرف الصاروخ 1 ملى على الجهاز فإنه ينحرف 10 أمتار من اتجاه الصاروخ على أرض الواقع.
ذكرياته فى الحرب
كان الأب دائمًا ما يسرد لأبنائه ذكرياته مع الحرب وعنها ينقل الابن حكاية يوم النصر عن والده: «فى يوم 6 أكتوبر 1973 بدأ الجيش يتقدم على مقربة من القناة بحوالى 100 متر، وبعد الضربة الجوية الساحقة بدأ العبور للضفة الشرقية للقناة، وكان عبدالعاطى هو أول فرد من مجموعته يتسلق الساتر الترابى لخط بارليف».
وفى يوم 8 أكتوبر وهو اليوم الذى كان يعتبره البطل عبدالعاطى يومًا مجيدًا للكتيبة 35 مقذوفات وله، وفى محاولة لمباغتة القوات الإسرائيلية التى بدأت فى التحرك على بعد 80 كيلو مترًا باللواء 190 المصحوب بقوات ضاربة مدعومًا بغطاء من الطائرات، وقد ضرب 14 دبابة فى نصف ساعة، لدخول باقى الأسلحة والكتائب.
وفى يوم 9 أكتوبر الذى يعتبر يومًا آخر من أيام البطولة فى حياة عبدالعاطى فوجئ بقوة إسرائيلية مدرعة جاءت لمهاجمتهم على الطريق الأسفلتى الأوسط، مكونة من مجنزرة وعربة جيب وأربع دبابات، ثم بدء بضرب العربات، وأطلق الصاروخ الأول عليها فدمرها بمن فيها، فحاولت الدبابة التالية أن تبتعد عن طريقها لأنهم كانوا يسيرون فى شكل مستقيم، فصوب إليها عبدالعاطى صاروخًا سريعًا فدمرها هى الأخرى، وفى تلك اللحظة تقدمت السيارة الجيب إلى الأمام، وبدأت الدبابات فى الانتشار، فقام عبدالعاطى باصطيادها واحدة تلو الأخرى حتى بلغ رصيده فى هذا اليوم 17 دبابة.
فى يوم 10 أكتوبر قام عبدالعاطى بتوجيه ثلاثة صواريخ إليها فدمرها جميعًا، كما استطاع اصطياد إحدى الدبابات التى حاولت التسلل إليهم يوم 15 أكتوبر، وفى يوم 18 أكتوبر، ليصبح رصيده فى صيد الدبابات خلال الحرب إلى 26 دبابة و3 عربيات مجنزرة.