مصريون بلا أوراق..وسوريون يتسولون يورو إلى باريس كانت وجهتى، حيث وصلت عاصمة الجمال فى رحلة قصيرة، أتطلع لرؤية شوارعها برونقها المعتاد، لكنى رأيت وجهًا آخر، شاحب طبع على ملمحها أثرًا لا يمحى يشبه تمامًا عيون اللاجئين السوريين البائسة الذين افترشوا أرصفة بعض الشوارع بأسرهم، يتسولون رغم ما يحصلون عليه من منحة من الحكومة الفرنسية بقيمة 700 دولار، ربما لا تكفيهم وهو ما فهمت أنه أيضًا دفع السلطات لعدم التشدد معهم وطردهم من أرصفة تلك الشوارع. أما المصريون هناك فحالهم لم يكن بقدر ما تمنيت، فبعضهم مطارد يعمل في الخفاء، دون أوراق ثبوتية أو رسمية وبعضهم يرثى لحال الآخرين دون قدرة على فعل شىء.. فى رحلة قصيرة إلى باريس رصدت حال العرب من مصريين وسوريين هناك. «آلام السوريين » تفترش شوارع «مدينة النور » مثل كل البلاد التى شهدت قدوم الآلاف من الفارين هربًا من جحيم الحرب في سوريا، تشهد شوارع عاصمة النور تواجدًا كبيرًا لهم، حيث يفترشون الأرصفة.. ينامون ويجلسون عليها ومنهم من يرفع ورقة كتب عليها باللغة الفرنسية، أنا سورى ساعدنى. ورغم حدوث موجة مواجهة في البداية لهذه الظاهرة، إلا أنه في النهاية خضعت عاصمة النور لموجة آلام السوريين التي غزت شوارع باريس، فسمحت لهم بافتراش الأرصفة.. حيث يمارس بعضهم عليها طقوس حياتهم اليومية، حيث يغيرون خفاضات أطفالهم، ويرضعونهم، ويأكلون ويشربون، وكأن أرصفة باريس أصبحت منزًل آمنًا ومأوى لهم أفضل من أحضان بلادهم التى تعانى من خراب ودمار على يد تنظيمات إرهابية. باريس بالمصرى.. «ميت بدر حلاوة » برغم إجادته للفرنسية، كانت الملامح المصرية تغلب عليه،فتفصح عن هويته..ملابسه تعلن عن طبيعة عمله، فهو فرد أمن يتبع شركة مدنية، يقف منتبهًا في محطة قطار الباستيل.. دنوت منه وتحدثت إليه بالعربية.. ابتسم، وبدأ بيننا حوار قصير عرفت منه أنه مصري من طنطا بمحافظة الغربية، يدعى )ع . س( فضل ألا أذكر اسمه إلا بالحروف الأولى، أخبرنى الكثير عن حياته هنا،واستفاض مجددًا شرطه الوحيد .. لا أسماء.. هو متزوج من جزائرية فرنسية، منذ أكثر من 10 سنوات. وعن حاله وأحوال المصريين في باريس، قال لى: أهم مشكلة تواجه المصريين بفرنسا هى عدم امتلاكهم أوراق تقنن أوضاعهم، وتأمنهم من خطر الترحيل من فرنسا، أو ممن يقومون باستغلالهم. مؤكدًا أن من يملكون أوراق قانونية، أوضاعهم أفضل كثيرًا فهم يفتتحون شركات دهانات أو لديهم أماكن للبيع فى السوق، لأن من يستطيع أن يعمل بفرنسا لابد أن يمتلك أوراق قانونية. لكنه يشكو أيضًا مما يعتبره، استغلاًل قاسيًا على النفس، مشيرًا إلى أن المصرى الذى يمتلك ورقا قانويًا يستغل ظروف المصرى الذى لم يقنن اوضاعه بعد، ويمنحه 50 أو 60 يورو فى اليوم، مقابل العمل الشاق، وعلى أن يحصل على أجره كل 45 يومًا،وأحيانًا لا يعطيه شيئا. كما أن العامل المصرى الذى لم يقنن أوراقه يصبح مجرد رقم تليفون، لا مكان له ولا مستقر معروف حتى لا يطارد. وإلى جواره، كان يقف ) ب.أ (، من كفر بدر، بالغربية، وبعدما شدد على عدم ذكر اسمه، تحدث معاتبًا تقاعس القنصلية عن حل مشاكل المصريين. ثم وجه لومه على الظروف التى تحيط بالمخالفين لشروط الإقامة أو التواجد بفرنسا، مؤكدًا أن معظمهم لم يأت إلى هنا إلا لهدف واحد وهو البحث عن عمل. وعن ملامح احتفالاتهم بالأعياد والمناسبات كمصريين في عاصمة النور، أوضح أن مظاهر العيد فى باريس لا تحلو وتصبح احتفاًل بغير مشاركة المصريين لأبناء الدول المختلفة، كما تخصص السلطات الفرنسية أماكن خاصة للذبح، وهناك بعض المزارع التي تقوم بالذبح داخل المزارع المتخصصة في اللحوم الحلال حسب الطريقة الإسلامية. وخاصة أن فرنسا تحترم العبادات وتنظم طرق الاحتفال بها بما يتوافق مع طبيعة كل ديانه. فأيضًا نجد احتفال الهندوس بعيد إله الخير، حيث تغلق الطرق ويسمح لهم بتكسير جوز الهند ومرور الموكب وجر العربات والرقص وممارسة شعائرهم كما يحلوا لهم وفق الإجراءات الأمنية لفرنسا. القنصلية المصرية.. مغالاة فى رسوم الخدمات ارتفاع تكلفة استخراج الأوراق وتجديد جواز السفر أو ما يتعلق بذلك، كان محور شكوى جميع المصريين الذين التقيتهم هنا، فهم يدفعون رسومًا مرتفعة للغاية، مقابل تلك الخدمات من القنصلية المصرية، وطلبوا أن يصل صوتهم للمسئولين بمصر خاصة أن أغلبهم عمال، يعملون مقابل قوت اليوم. وأكد محمد السالمى أنه جدد الجواز الخاص به ب 142 يورو، وبطاقة الرقم القومى ب 60 يورو، وفيش وتشبيه وتوكيل وإجراءات الجواز والطلاق 35 يورو مشيرًا إلى أن تلك الأرقام مبالغ فيها. معالم الهوى الشعبى بالشرق العربى 1- سينما الأقصر في باريس، واحدة من أهم معالم الهوى والولع الفرنسى بمصر وتاريخها القديم، شيدت على الطراز الفرعونى، وعلى جدرانها النقوش الفرعونية مثل زهرة اللوتس والرسومات القديمة. 2- المسجد الكبير بباريس الذى بنى عام 1922 وأهداه المنبر الملك فؤاد الأول عام 1926، وتبرعت بأرضه الكنيسة هناك، كهدية وردًا لجميل المسلمين ودفاعهم عن فرنسا فى الحرب العالمية الأولى التى استشهد فيها الآلاف فى الدفاع عن فرنسا من مسلمين من مصر والجزائر وتونس والمغرب والسنغال وموريتانيا ومالى والنيجر ومعظم الدول الإفريقية. 3- قهوة «المثقفين » التى تضم المثقفين من المصريين والعرب من كل البلاد العربية وأيضًا الأجنبية، جلس عليها العقاد والفنان حامد عبدالله حيث توجد له لوحات في متاحف لندنوباريس ونيويورك والدكتور عبد الرحمن بدوى.