الشهداء يدفعون أرواحهم فداءً لهذا البلد، ففى الأسبوع الماضى كان الحدث الأشهر فى الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى هو صورة ضمت معها عبارات التعازى، والتعبير عن الغضب والاحتقان ضد كل عمل إرهابى يذهب ضحيته الكثيرون، كان آخرهم ما وقع للعقيد أحمد منسى الذى استشهد، صباح يوم الجمعة الماضى، بعد استهدافه من قبل مجموعة من الإرهابيين فى هجوم على بعض نقاط التمركز جنوب رفح. ففى حياة هذا البطل الشهيد الكثير من الأسرار، حيث تولى الشهيد قيادة الكتيبة 103 صاعقة خلفًا لشهيد سبقه أيضًا، وهو العقيد رامى حسنين الذى استشهد فى أكتوبر الماضى، وتحدث الكثيرون عما تمتع به المنسى من أخلاق كريمة، وتفانٍ فى العمل، وبطولات رائدة، حيث قال أحد أقاربه: «الشهيد أحمد منسى كان من أكفأ ضباط الصاعقة استلم قيادتها بعد استشهاد العقيد رامى حسنين لكفاءته، وكان مشهورًا بالكفاءة وكان مميزًا فى كل حاجة، ومؤهلًا ولا يوجد أحد تعامل معه إلا ولمس فيه أدبه وانضباطه وتفوقه -الله يرحمه-. والشهيد العقيد أحمد منسى لديه 3 أبناء، ابنه الكبير حمزة، فى الصف الثالث الابتدائى، وابنته الأصغر تدعى عاليا فى مرحلة رياض الأطفال، وأخيرًا على الذى لم يكمل عامه الثانى بعد. تمنى الشهادة العقيد أحمد منسى كان يتمنى الشهادة دائمًا، واختار تسمية ابنه الكبير «حمزة» تيمنًا بسيدنا حمزة الذى اعتبره قدوة ومثلًا أعلى فى شجاعته واستشهاده، حيث كان يعتبره مثلًا أعلى له فى الشجاعة، وكان يتمنى أن ينال الشهادة مثله وقد نالها بالفعل». وتداول بعض مستخدمى «فيسبوك»، صورًا للشهيد أحمد منسى، وكتابات له نشرها عبر صفحته الخاصة، وكان من أبرز التدوينات التى تداولها المستخدمون للشهيد، صورة تجمعه بالشهيد العقيد رامى حسنين، فى يوم 29 من شهر أكتوبر الماضى، وقد كتب المنسى معلقًا على الصورة: «فى ذمة الله أستاذى ومعلمى، اتعلمت عل يده كتير، شهيد بإذن الله العقيد رامى حسنين إلى لقاء شئنا أم أبينا قريب». أقوى ضباط القوات الخاصة لم يكن الشهيد أحمد منسى مجرد رجل قتال من طراز فريد، بل كان أيقونة قوة وشجاعة وحب لتراب مصر، وعن ذلك يقول أحد المقربين من أحمد المنسى خلال تصريحات له: «منسى لم يكن مجرد قائد كتيبة وبطل صاعقة من طراز فريد، إلا أنه كان أحد أكفأ ضباط العمليات الخاصة فى العالم، فقد حصل على فرقة «السيل» من أمريكا، وهذه الفرقة فيها أعنف تدريب بشرى عرفه العصر الحديث فى فنون القتال، وكان الأول على هذه الفرقة بتقدير عام إمتياز، ومن حصل على هذه الفرقة فى مصر منذ سنوات طويلة لا يتجاوز عددهم 10- 15 ضابطًا فقط، وهؤلاء الأبطال أشبه بأبطال الأساطير منهم أحمد منسى، كما انضم بعد ذلك للفرقة 999 قتال وحدة فرق الإرهاب الدولى، وهى أقوى فرقة فى الشرق الأوسط. كلمة السر لكل منا شخص بعينه أو أكثر يعد بالنسبة له هو سبب نجاحه ودافعه الأول لتحقيق مزيد من النجاح، وقد عرف معظم المقربين من المنسى أن والده كان له المساحة الكاملة ليحتل لقب المثل الأعلى والقدوة فى حياته وهو الدكتور صابر، حيث كان أهم شخصية فى حياته كلها وقد ارتبط به ارتباطًا وثيقًا، وبعد وفاته كان يشعر أن رسالة والده انتقلت له تلقائيًا، فوالده كان أشهر طبيب أطفال فى العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، والذى ظل حتى تاريخ وفاته بفترة قصيرة مصممًا على أن تكون تذكرة الكشف فى عيادته 5 جنيهات فقط، حتى لا يثقل كاهل البسطاء والمرضى، بالرغم من ارتفاع الأسعار، وارتفاع تكاليف تذاكر الأطباء لأسعار باهظة، إلا أنه ظل نصيرًا للغلابة والبسطاء، وقد كان الشهيد أحمد يرى فى عظمة والده طريقًا واضحًا لكل المآثر التى عُرف بها أحمد، لهذا كانت كل تعاملاته مع المحيطين به سواء كان يعرفهم أم لا ترتكز على هذه القاعدة (الإنسان أولًا وأخيرًا)، لهذا وعلى الرغم من كل بطولاته المعروفة وغير المعروفة فى تاريخ خدمته كضابط مقاتل فى الجيش المصرى، كان إنسانًا استثنائيًا يساعد الغريب قبل القريب بكل همة وحماس، ولم يتأخر عن خدمة أحد أبدًا، وكان يقدم هذه الخدمة بمنتهى التواضع دون أى تعالٍ أو تكبر. الشهيد والأطفال عرف معظم المقربين من المنسى أنه يحب الأطفال كثيرًا، حتى أنه خصص الكثير من وقته لزيارة أطفال سيناء فى مدارسهم، وقد كان يهتم خلال تلك الزيارات بأن يروى لهم تفاصيل وقصص وحكايات واقعية عن تاريخ البطولات للجيش المصرى وأفراده، وكان حريصًا على التقاط الصور الخاصة معهم والتى توج بها صفحته الشخصية كثيرًا.