جاء تطبيق تجربة «حكم الفيديو المساعد» أو VAR خلال بطولة كأس القارات المقامة حاليًا فى روسيا ليثير ضجة كبيرة فى كل أنحاء العالم. الفكرة تقوم حول وجود حكم مساعد يجلس فى غرفة منعزلة ويتابع المباراة عبر شاشات خاصة، ويكون على اتصال بحكم المباراة مباشرة لمراجعة بعض القرارات أثناء سير المباراة، وبناء عليها قد يقوم الحكم بتغيير قراره فى إحدى اللعبات، وهو ما حدث بالفعل خلال مباراتى البرتغال والمكسيك، ثم تشيلى والكاميرون. فى مباراة البرتغال والمكسيك سجل المدافع بيبى هدفًا للمنتخب البرتغالى، وبعد قرابة الدقيقة من احتفالات اللاعبين أشار الحكم الأرجنتينى بيستور بيتانا بيده بعلامة التليفزيون، ليرفع بعدها يده معلنًا تسلل أحد لاعبى البرتغال فى اللعبة التى سبقت تسجيل الهدف، ليقوم بإلغائه وسط حالة من الدهشة التى سادت أرض الملعب. الأمر تكرر مع الهدف الثانى للبرتغال فى المباراة والذى سجله سيدريك سواريز، حيث توقفت المباراة بعد الهدف لدقيقتين كاملتين ليراجع بيتانا مع حكم الفيديو موقف تسلل سبق الهدف، قبل أن يعلن فى النهاية احتساب الهدف.
الأمر تكرر مرتين فى مباراة تشيلى والكاميرون. فى نهاية الشوط الأول سجل إدواردو فارجاس هدفًا لتشيلى احتسبه الحكم السلوفاكى دامير سكومينا، قبل أن يعود بعد دقيقة ونصف الدقيقة من المشاورات لإلغائه لوقوع مسجل الهدف فى موقف تسلل. وفى الدقيقة الأخيرة من المباراة عاد فارجاس ليسجل هدفًا رفع حامل الراية إشارته مشيرًا بتسلله ليلغيه سكومينا وتتوقف احتفالات لاعبى تشيلى. لكن الحكم عاد بعد أكثر من دقيقة ليشير بصحة الهدف بعد مراجعة حكم الفيديو لتعود الاحتفالات من جديد.
لائحة استخدام حكم الفيديو المساعد تنص على اختصاصه بمراجعة أربع حالات أثناء المباراة وهى الأهداف، وما إذا كان هناك أى خرق للقانون أثناء عملية الهدف نفسها أو التمهيد لها، واحتساب ركلات الجزاء، وعمليات الطرد المباشر، وحدوث خطأ فى هوية اللاعب الذى سيحصل على إنذار أو طرد خلال المباراة، بمعنى أن يقوم الحكم بمنح البطاقة للاعب مختلف عن مرتكب الخطأ. وتؤكد اللائحة أن مراجعة قرار الحكم وتغييره عن طريق حكم الفيديو المساعد يجب أن يكون نتيجة «خطأ واضح للغاية»، وليس لحالات الشك.
حكم الفيديو المساعد، ومعه حكمان آخران مساعدان له يجلسون فى غرفة مراقبة ويقومون بمراجعة الحالات المذكورة سابقًا عبر عدد من الشاشات الموجودة فى «غرفة عمليات الفيديو» كما يطلق عليها، بمعاونة شخص مسئول عن إعادة الكرة من أكثر من زاوية. ويمكن أن يقوم حكم الفيديو المساعد بمراجعة اللعبة بناء على طلب من حكم المباراة عبر الاتصال الصوتى بحكم الفيديو المساعد. وفى حالة عدم حدوث خطأ مخالف لقرار الحكم، لا يجب على حكم الفيديو إعادة الاتصال بالحكم، وهو ما يطلق عليه «مراجعة صامتة»، وهى بمثابة الإشارة للحكم ليواصل اللعب بصورة طبيعية.
فى حالة تأكد حكم الفيديو المساعد من وجود خطأ مخالف لقرار الحكم، يقوم بإخطار الحكم بهذا القرار، وهنا يكون أمام حكم المباراة خيار من ثلاثة، إما أن يغير قراره بناء على توصية حكم الفيديو، أو أن يتوجه بنفسه لمراجعة إعادة اللعبة فى منطقة معينة على خط الملعب يطلق عليها «منطقة مراجعة الحكم» بمعاونة شخص مختص عن هذا الأمر، أو أن يتمسك بقراره الأصلى دون مراجعة اللعبة.
ويسمح للحكم بإيقاف اللعب للاتصال بحكم الفيديو المساعد أو لمشاهدة اللعبة فى منطقة المراجعة، لكن دون أن يقوم بعملية إيقاف اللعب هذه أثناء هجمة واعدة لأحد الفريقين. ويجب أن يقوم الحكم حينما يلجأ لحكم الفيديو المساعد برسم علامة المستطيل بيده فى الهواء، فى إشارة لشكل الشاشة، حتى يعرف لاعبو الفريقين أنه ينتظر قرار الفيديو.
ولا يسمح لأى لاعب بمطالبة الحكم بالرجوع لحكم الفيديو المساعد أو بتقليد هذه الإشارة، ويعاقب عليها بالحصول على إنذار مباشرة. وينطبق الأمر نفسه على أى لاعب يحاول دخول منطقة المراجعة التى يتابع فيها الحكم إعادة للعبة، وإذا قام أحد أفراد الجهاز الفنى بدخول هذه المنطقة لمتابعة الإعادة يقوم الحكم بطرده. وتنص اللائحة أيضًا أن حكم الفيديو المساعد يجب أن يكون حكمًا دوليًا سواء حاليًا أو سابقًا. ويمكن أن يكون موقعه داخل الملعب أو فى أى مكان آخر طالما كان على اتصال مباشر بحكم المباراة.
مجلس الاتحاد الدولى لكرة القدم وافق على بدء تجارب استخدام حكم الفيديو المساعد فى يونيو 2016، وكانت أول تجربة فى الدورى الأمريكى للمحترفين فى إحدى مباريات فرق الرديف فى أغسطس 2016. وفى الشهر التالى تم تطبيقها خلال مباراة ودية دولية جمعت إيطاليا وفرنسا فى بارى. ثم تم تطبيق نظام «منطقة مراجعة الحكام» خلال بطولة كأس العالم للأندية 2016 باليابان.
وأصبح الدورى الأسترالى أول دورى فى العالم يطبق الاستعانة بحكم الفيديو المساعد، وذلك اعتبارًا من إبريل 2017، فيما أعلنت رابطة الدورى الألمانى «البوندسليجا» نيتها تطبيق هذه القاعدة فى موسم 2017-2018. ومن المنتظر أن يراجع الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» نتائج المحاولات التجريبية، تمهيدًا لإدخال القاعدة ضمن قوانين اللعبة وتطبيقها بشكل رسمى خلال مونديال روسيا 2018