مستشار شيخ الأزهر: فتوى «خطيرة» وتتعارض مع القرآن.. ومرزوق: يعتمد على قول منسوب لسيدنا على «الصعيدى»: يجب منعه من الظهور فى وسائل الإعلام وسرعة إصدار قانون الفتوى.. والمتولى: اتفق معه تمامًا فتوى جديدة أصدرها سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قلبت الأمور رأسًا على عقب داخل المؤسسات الدينية الإسلامية، فالفتوى هذه المرة تتعلق بزواج الرجل من بنت زوجته، حيث أباح الهلالى هذا الزواج بشرط أن تكون قد تربت بعيدًا عنه. كلام نسمعه لأول مرة، وأزمة كبيرة داخل الأزهر بسبب الفتوى الصادمة، وحالة من الغضب بين صفوف علماء الدين، ودهشة داخل مجتمع يتلقى الفتاوى من الهلالى وغيره دون تفكير – إلا من رحم ربى- لكن هذه المرة منعته الصدمة من الاستسلام للفتاوى الصادرة عن الأزهريين كعادته. مطالبات عدة خرجت للنور خلال الفترة الأخيرة من علماء بالأزهر بضرورة محاكمة الهلالى لمخالفته صحيح الدين بفتاوى شاذة على حد تعبيرهم، متهمين إياه باستناده فى فتواه الأخيرة على قول منسوب للإمام على بن أبى طالب فى تلميح واضح لاعتماد الهلالى على كتب شيعية منسوبة للإمام على. محمد مهنا مستشار شيخ الأزهر، مندهش أيضًا -كعامة الناس- من فتوى «الهلالى» والتى وصفها ب«الخطيرة» لأنها تتعارض مع صريح القرآن الكريم، علاوة على أنها تهدم القيم الأسرية على حد تعبيره فالقرآن حدد المحرمات فى نص واضح. وأكد أن هناك إجماعًا من جمهور الفقهاء على حرمانية زواج الرجل من ابنة زوجته ما دام قد دخل بالأم، فتحريم الربائب جاء للمحافظة على العلاقة الوثيقة بين الأصل والفرع والحفاظ على صلة الأرحام من القطع أو التمزيق، مطالبًا «الهلالى» بضرورة الابتعاد عن الفتاوى والآراء الشاذة المضللة والالتزام بما توافق عليه جمهور الفقهاء، لأن القاعدة الأصولية تقول «إن العقد على الأمهات يحرم البنات» فهذه الفتاوى المضللة تؤثر بشكل سلبى على خطوات تجديد الخطاب الدينى. سألنا «مهنا»، هل قانون ضبط الفتوى المزمع تجهيزه من قبل الأزهر سيتصدى لهذا النوع من الفتاوى حتى لو صدرت عن عالم أزهرى؟ مهنا قال : نعم بالتأكيد، القانون يحدد الجهات التى تصدر الفتاوى والقانون يمثل خطوة هامة فى مجال ضبط الإفتاء، معربًا عن ترحيب الأزهر ببنود القانون، التى تتمثل أبرزها فى منح ترخيص إصدار الفتوى لأربع جهات فقط، وهى هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء، والإدارة المختصة بالأوقاف، بالإضافة إلى أن الإمام الأكبر ناشد البرلمان بسرعة إصدار القانون لمعاقبة كل من يفتى من دون علم ويحدث بلبلة فى عقول المواطنين. أكد لنا «مهنا» أن الهلالى قد يتعرض لعقوبات قاسية قد تصل للحبس 6 أشهر وغرامة مالية قد تصل إلى 20 ألف جنيه إذا أصدر هذا النوع من الفتاوى مجددًا بعد إقرار القانون. عبد المنعم فؤاد عميد كلية الوافدين بجامعة الأزهر، يرى أن «الهلالى» فى فتواه يتبنى منهج تقديم «المرجوح» على «الراجح»، ويقدم أفكارًا شاذة كل يوم على الفضائيات كفتوى جواز زواج بنت الزوجة «الربيبة» إذا لم تكن تسكن فى البيت معه، مخالفًا بذلك ما أجمع عليه العلماء، ومن قبلهم الصحابة الأجلاء من فساد هذا القول، بل أكد القرآن بفساد ذلك فى قوله تعالى «وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن»، بالإضافة إلى أن ما أفتى به يعد من سخف القول. «عبد المنعم» قرر أن يبعث برسالة قصيرة للهلالى من خلالنا، قائلًا: اتق الله ولا تتمادى فى إضلال الناس. محمد الصعيدى عضو لجنة الفتوى بالأزهر، لم ينشغل بتوضيح صحة الفتوى من عدمها، واكتفى بتأييد ما قاله «مهنا» و«عبد المنعم» سريعًا ليتفرغ لتصريحاته النارية التى تطالب المجلس الأعلى للإعلام باتخاذ موقف حازم ضد الهلالى، انتصارًا لمبدأ احترام المشاهد والحرص على وعيه، وطالبها بضرورة منع «الهلالى» من الظهور فى وسائل الإعلام المختلفة لأن كل آراءه «شاذة» –على حد قوله- فلو أحل للرجل أن يتزوج ربيبته، وللبنت أن تتزوج زوج أمها، لتقطعت الأرحام، وتهدمت الأسر. مختار مرزوق أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بعد أن وصف فتوى الهلالى بالشاذة والمضللة، أضاف إلى موضوع الفتوى المثيرة للجدل بعدًا جديدًا، حيث أكد أن الهلالى يعتمد فى فتواه على قول منسوب لسيدنا على بن أبى طالب، وشرح لنا الأمر قائلًا: إذا افترضنا جدلًا صحة صدور هذا القول من الإمام على، فهل فات أستاذ الفقه المقارن، أن قول صحابى أو حتى الرسول لا يلغى ولا يمكن أن يخالف نصًا فى القرآن الكريم، فلماذا البدع وإثارة الناس طلبًا لغرض «خالف تُعرف» فإذا كان هذا تصرف أستاذ فكيف بالجهلة الأدعياء ؟. بحثنا كثيرًا عن أزهريين يتفقون مع «الهلالى» فى فتواه، وبعد بحث مرهق عثرنا على الشيخ حمدى المتولى أحد أبناء الأزهر الشريف الذى قال لنا بمجرد أن طرحنا الأمر: «أنا مع «الهلالى» قلبًا وقالبًا لأنه لم يصدر فتوى «شاذة» كما يردد البعض فيجوز شرعًا نكاح بنت الزوجة إذا لم تكن ربيبة فى حجر الزوج لأن التحريم مقيد بأن تكون فى حجر الرجل لقوله تعالى «وربائبكم اللاتى فى حجوركم»، مضيفًا أن هناك قاعدة أصولية تقول إن «الدخول بالبنات يحرم الأمهات» أما القسم الآخر من القاعدة، فأيضًا قاصر وليس على عمومه لنرى ذلك من خلال النص القرآنى المذكور عندما اشترط لتحريم نكاح بنت الزوجة أمورًا وهى الدخول بالأم نكاحًا وأن تكون بنت الزوجة ربيبة للزوج وكذلك أن تكون هذه التربية فى حجر الزوج. وأشار إلى أن الشروط الثلاثة مجتمعة تحرم نكاح البنت على زوج أمها، وأى خلل فيها ينقض حكم التحريم ويعيد الأمور إلى حكم الإباحة مثلاً : إذا كانت الزوجة عندها بنت شابة لم تتربّ فى حجر زوج أمها وماتت الأم فيباح لزوج الأم أن ينكح بنت زوجته الشابة كونها ليست ربيبته فالنص القرآنى حجة على الأفهام، وما يبيحه الشارع لا ينبغى أن يحرمه أحد كائنًا من كان، وكذلك لا ينبغى التلاعب والإنقاص من بلاغة النص القرآنى. بالطبع حاولنا التواصل مع سعد الدين الهلالى للرد على بركان الاتهامات الذى ثار مؤخرًا فى الأزهر عقب فتواه الأخيرة، لكنه لا يرد على هاتفه كالعادة.