عربات الكارو تتحصل على 5 آلاف جنيه شهريًا من المستشفى الواحد.. لتلقى بالنفايات فى أماكن مجهولة «الحق فى الدواء»: صيانة فاشلة لمدفن الخانكة العطلان كلفت الدولة مليون جنيه فؤاد: أصحاب الكارو وراء تعطيل المدفن الصحى.. وشهود: رأينا أعضاء بشرية فى عربات النفايات تعانى محافظة القليوبية من ارتفاع نسب التلوث البيئى، بسبب انتشار المصانع والمحارق التابعة لوزارة الصحة، فهذه المحافظة «حظيت» بنصيب الأسد من التلوث. المدافن الصحية المتواجدة فى مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، تعطل عن العمل منذ عدة أشهر، وهذا ما أدى إلى انتشار السيارات الكارو فى محافظة القليوبية، بالأخص أمام المستشفيات الرئيسية بالقليوبية، ومنها مستشفى بنها العام، ومستشفى الخانكة والقناطر، لجمع المخلفات والنفايات الطبية التى تخرج من المستشفيات يوميًا وحملها إلى بعض مناطق مجهولة، والكارثة انتشار هذه النفايات أمام المستشفيات لأيام، وكذا فإن حمل هذه النفايات على أسطح السيارات والسير بها فى الشوارع يؤدى إلى سقوط بعضها. انتشار النفايات أمام مستشفى بنها العام، كان بمثابة طرف الخيط الذى التقطته «الصباح»، للكشف عن هذه الكارثة التى تهدد ما يقرب من مليونى مواطن بالقليوبية، وذلك وفقًا للتعداد السكانى بجهاز التعبئة والإحصاء. من خلال هذا التحقيق استطلعت «الصباح» شكاوى المواطنين، التى كشفت أن مستشفيات بنها التعليمى والقناطر وشبين القناطر، تبيع النفيات الخطرة إلى تجار القمامة، دون إعدامها. مستشفى بنها التعليمى دقت الساعة 12 ظهرًا، وعلى الأبواب الخلفية يظهر الممرضون وعمال النظافة وهم يحملون أكياسًا سوداء اللون، وأكياسًا لونها أحمر ومدون عليها «نفايات خطرة ملك مستشفى بنها التعليمى»، ويضعون هذه الأكياس داخل غرفة النفايات المتواجدة بالباب الخلفى للمستشفى، حيث توجد ثلاث غرف من المفترض إنها للنفايات الطبية، ولكن غرفة منهم تحولت إلى مطعم، وغرفة مدون عليها وحدة الكشف المبكر للأورام، وغرفة يتم وضع النفايات بها حتى بيعها. انتظرت «الصباح» أمام تلك الغرف لساعات طويلة، فرصدت العديد من الأكياس السوداء داخل الغرفة ووضع الأكياس الحمراء. أحد رجال النظافة بالمستشفى يجلب الأقفاص الخشبية التى يتم وضع الفاكهة بها، ويقوم بتكسيرها ووضعها داخل الغرفة، معالم الأكياس تختفى بالدماء، وعلى الرغم من ذلك يتم نقلها بين الممرضين وعمال النظافة بكل سهولة، وبلا زى واقى بحيث لا يلمسون النفايات ولا يستنشقون رائحتها، وأثناء وضع تلك الأكياس داخل الغرفة جاء مدير شركة الأمن وأخذ يدون أعداد الأكياس السوداء والحمراء، على الآلة الحاسبة. شهود مطاوع حسين، أحد سائقى المواصلات المتركزة أمام الباب الخلفى للمستشفى روى ل«الصباح» قائلاً: «يوميًا يقوم ممرضون وعمال نظافة المستشفى بإلقاء النفايات داخل الغرفة، ويأتى بعدها العديد من العربات الكارو، ويقومون بوضع الأكياس السوداء والحمراء والأقفاص على عرباتهم، ويتحركون بها فى الشوارع، ووجدنا أنهم يضعون أعضاء بشرية على العربية، ويقوم سائقو الكارو بإعادة تدوير النفايات الخطرة ببيعها، فمفرمة النفايات الطبية بالمستشفى معطلة منذ عدة أشهر، ولم يقوموا بتصليحها». عوض عبد المقصود، أحد أهالى مدينة بنها بمحافظة القليوبية، قال ل«الصباح»، «إنهم يشاهدون يوميًا سيارات كارو تسير فى شوارع المدينة، وذلك من أجل جمع المخلفات والنفايات الخاصة ببعض العيادات الخاصة والمستشفيات، ومنها مستشفى بنها العام». مستشفى القناطر الخيرية واقعة مستشفى القناطر لم تختلف كثيرًا عن مستشفى بنها التعليمى، فالمحرقة الأم للنفايات ومقرها مدينة الخانكة معطلة منذ فترة، ولذا تنتشر النفايات أمام المستشفى. وتقول سعاد لبيب التى تبيع الشاى أمام (باب النفايات) بمستشفى القناطر قائلة: «مدير المستشفى لو طال يبيع أبواب وسراير المستشفى هايبيعها، دون أن يخشى من أحد، ومع نهاية اليوم وتحديدًا الساعة السابعة مساءً يكون الشارع الجانبى خالٍ من المارة، وقتها يضع رجال القمامة النفايات الخطرة على عربات الكارو ويدفعون أموالًا باهظة لأحد العاملين بالمستشفى مقابل النفايات»، مشيرة إلى أن أهالى القناطر يتساءلون «هل تتاجر إدارة المستشفى فى النفايات». محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء كشف ل«الصباح»، عن أن المدفن الصحى المتواجد فى مدينة الخانكة، معطل منذ عدة أشهر، بعد فشل إصلاحه، رغم صرف وزارة الصحة مليون جنيه على تصليحه، وتنتشر الأقاويل بأن سائقى الكارو التى تحمل النفايات من أمام المستشفيات هم من وراء تعطل هذا المدفن بسبب أنهم يجنون أموالًا كثيرة جراء نقلهم لهذه النفايات، ولا أحد يعلم أين تذهب هذه النفايات طالما المدفن معطل، فهل يلقونها فى الصحراء أم المصارف أم يحرقونها فى مناطق بعيدة، أم يعيدون تدويرها مع مافيا متخصصة فى ذلك؟». وأشار إلى أن هناك فى القليوبية 3 مستشفيات هى بنها العام والقناطر العام وشبين القناطر، تخرج منها النفايات الطبية على الكارو، وذلك لعدم تواجد مدفن صحى، مشيرًا إلى أن كل مستشفى به مفرمة، وبعد الفرم يتم نقل النفايات إلى المدفن الصحى لتدفن، وتعطل مدفن الصحة يثير التساؤلات عن أين تذهب النفايات»، مشيرًا إلى أن كل مستشفى يدفع ما يقرب من 5 آلاف جنيه شهريًا من أجل إخراج هذه النفايات، والمريض هو من يدفع ثمن إخراج هذه النفايات إلى الشارع، لأن المستشفيات حاليًا تتعامل بالنظام الاقتصادى بعد الساعة ال12»، مشيرًا إلى أن هناك أماكن أخرى تنتشر بها النفايات الطبية فى الشوارع؛ منها منطقة وسط القاهرة». وأوضح الدكتور ياسر خاطر أمين صندوق التجمع الصيدلى المصرى ل«الصباح»، أن بعض النفايات الطبية تأتى من الصيدليات والمعامل والمستشفيات، وأكثرها يأتى من المعامل الطبية، وما يحدث هو أن هذه المؤسسات تلقى النفايات داخل سلة القمامة، رغم حظر خلطها بالقمامة لأن بها سرنجات مستعملة وأجهزة محاليل وقطن ملوث وبقايا دم، بالإضافة إلى الكانيولات، وهذه تتسبب فى نقل الأمراض بالأخص لعمال النظافة، خاصة أن معظم السرنجات غير مغطاة، فسنها المكشوف يعد أسرع ناقلًا للمرض»، موضحًا أن كل صيدلية يجب أن يتواجد بداخلها مفرمة؛ عبارة عن ماكينة تفرم السرنجات المستخدمة، وبقايا النفايات الطبية يتم وضعها فى عبوات معينة تحرق ولا تخلط مع النفايات العادية، خاصة القطن والشاش يتم حرقها حتى لا يعاد تدويرها، مشيرًا إلى أن أسباب عدم قيام الصيدليات بهذه الخطوة هو الإهمال وعدم رقابة وزارة الصحة ووحدة العلاج الحر بالوزارة والإدارة الصحية بالنسبة للصيدليات، وأكثر العيادات التى تتسبب فى النفايات الطبية هى عيادات التوليد والعظام لأنهم يستخدمون مستلزمات طبية كثيرًا». الدكتور على عبد الله مدير مركز البحوث الدوائية ومكافحة الإدمان أوضح أن «النفايات الطبية سبب مباشر ومسئول عن 32فى المائة من إصابات فيروس B و40فى المائة من فيروس C و5فى المائة من إصابات الإيدز، ولذلك من المهم جدًا الالتزام بالقوانين والتعليمات المتبعة للتخلص منها، سواء فى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو التعليم العالى أو الصيدليات أو المعامل الطبية، ويجب استمرار التعاون بين وزارتى الصحة والبيئة من أجل تشجيع التخلص من هذه النفايات، ولكن ما نراه على أرض الواقع هو عدم الالتزام أو الخوف من تطبيق القانون وليس أدل على ذلك مما نراه فى مجارى الترع والمصارف وهى تحمل تلك النفايات وقد تكون صلبة أو سائلة أو بقايا بشرية أو أجزاء من حيوانات التجارب، وبالطبع فإن المعامل غير المرخصة لن تلتزم بأى قانون للتخلص من تلك النفايات فهى قامت فى الأساس على مخالفة القانون ولن تجرؤ على التعاون أو إبلاغ جهاز حماية البيئة أو السيارات التى تجمع النفايات من المستشفيات والمؤسسات الطبية لإيصالها للمحارق أو المفارم، ويجب السعى لإغلاق تلك المعامل وتطبيق العقوبة على أصحابها، كما يجب متابعة مسئولى منع العدوى فى المستشفيات للتطبيق الحازم للتخلص الأمن من تلك النفايات». ونفت مصادر بمستشفى بنها العام، ل«الصباح»، بيع النفايات لأى صاحب سيارة كارو واصفة ذلك ب«الشائعات»، ومشيرة إلى أن هناك لجنة من جامعة بنها تراجع منظومة النفايات لمعرفة هل هناك أزمة أم لا، وقالت المصادر «يتم دفع 3.5 جنيه لكيلو النفايات إلى وزارة الصحة مقابل نقله». وفى ذات السياق، أكد محمد الجزار مدير قسم الاستقبال والعيادات بمستشفى بنها العام ل«الصباح»، أن وزارة الصحة تقوم بأخذ النفايات من المستشفى فى سياراتها الخاصة لحرقها فى محرقة أبو زعبل التابعة لمستشفى بنها، موضحًا أن النفايات الطبية الخطرة تعبأ فى شنط حمراء، وتوضع فى المفرمة داخل المستشفى، وبعد ذلك تذهب إلى المحارق، ولكن المفرمة حاليًا معطلة، وبالتالى تقوم وزارة الصحة بأخذ النفايات».