أستاذ بمعهد الفراعنة ل«الطلاب»: مهمتنا ننجحكم ونوصلكم للبكالوريوس لأنكم دافعين فلوس مهزلة كبيرة ضربت الحياة التعليمية فى مصر خلال العامين السابقين، بسبب كارثة تسريب امتحانات الثانوية العامة، التى ثبت تورط قيادات بعينها من داخل وزارة التربية والتعليم فى تسريبها، واعتقدنا أن الأزمة ستنتهى بمزيد من إحكام الرقابة. إلا أن الفساد مرض مُعدٍ، فسرعان ما انتقل التسريب من امتحانات الثانوية العامة إلى امتحانات بعض مواد الجامعات والمعاهد، والكارثة أن التسريب يتم على يد أساتذة المادة أنفسهم ومعيديها، مقابل رشوة، يحصلون عليها من الطلاب. حصلت «الصباح» على نسخة من امتحان معهد الفراعنة العالى للسياحة والفنادق، لمادة علوم الحاسب وإدارة الأعمال ونظم معلومات إدارية، التى وضعها أستاذ المادة، وبيعت فى مكتبات داخل المعهد نفسه للطلاب ليلة الامتحان فى شكل «براشيم»، وهى أوراق مصغرة يوجد بداخلها أسئلة الامتحان وأجوبتها بخط صغير، لدخول اللجان بها. وتكشف «م. ح» طالبة بالفرقة الأولى بمعهد الفراعنة، أن الدكتور قال لهم «مهمتنا إنكم تنجحوا وتاخدوا البكالوريوس، لأنكم دافعين فلوس»، مشيرًا إلى أن أسئلة الامتحانات يتم بيعها علنًا مع إجابتها النموذجية فى المكتبات، ليلة الامتحان، وتتراوح تسعيرة المادة من «50 إلى 150» جنيهًا، حسب الدكتور والمادة. أما فى معهد «ط. ت» الخاص، فالوضع مختلف، وفقًا لما قاله محمد عادل، الطالب بالفرقة الثالثة، بأن الأساتذة ومعيدى المادة هم من يتولون مهام التسريب، فمعيد مادة إدارة الأعمال، سرّب الأسئلة عبر رسائل بلوتوث قبل ليلة الامتحان مباشرة، لعدد من طلابه المميزين، الذين كشفوا لزملائهم عن اتفاق مع المعيد على تسريب المادة مقابل 500 جنيه من كل طالب. وأضاف محمد: «هذا لا يحدث فى المعاهد الخاصة فحسب، بل يحدث كذلك فى الجامعات الحكومية، ولكن من خلال المراكز المتخصصة فى كل كلية على حدة». ولم يقتصر الأمر على هيئات التدريس، فتبين أن هناك مراكز تصنع ملخصات صغيرة تسرب خلالها الامتحان، بحيث تكون الملزمة مكونة من ورقتين على الأقل، ويحدث هذا فى معظم مراكز «بين السرايات» أمام جامعة القاهرة. تخبرنا هدير محمد، طالبة بالفرقة الرابعة فى كلية الآداب جامعة القاهرة، قسم اللغة العربية، أنها منذ الصف الأول الجامعى تقوم بشراء «الملزمة السحرية» من مكتبة «ب. س»، وهى مخصصة لطلاب قسمها فقط، حيث تهتم فقط بالثلاثة أسئلة التى توجد داخل ملزمة كل مادة، وبالفعل يأتى منها الامتحان، حتى أنها عندما وصلت للفرقة الرابعة أصبح لديها من الثقة والثبات ما يجعلها لا تذهب للجامعة أساسًا وتشترى كتب الأساتذة فقط للحصول على درجات أعمال السنة – كما قالت–، أما الامتحان فشراؤه سهل، موضحة «كل الأمر يتعلق باجتهاد القائمين على المركز ومدى خبرتهم بالقسم وبأساتذته». ومن داخل منطقة بين السرايات، يقول أحد السكان «معظم القائمين على المراكز التعليمية والمشرفين عليها، هم بالأساس أبناء أصحاب تلك المحلات أو مستأجرين لها من عشرات الأعوام، لذا فهم يتوارثون المهنة أبًا عن جد، حتى أصبح لكل مركز منهم صيت كبير لقدراتهم على تلخيص المواد وإعداد الملازم النهائية التى لا يخرج عنها الامتحان، داخل عدد أوراق قليل، وربما فى ورقة واحدة أحيانًا». وعلمت «الصباح» أن لكل كلية تسعيرة خاصة لملازم امتحاناتها النهائية، فمثلاً معظم الكليات النظرية مثل الآداب والتجارة والحقوق تبلغ قيمتها حوالى 500 جنيه ولا يخرج عنها الامتحان بأى حال من الأحوال، أما الكليات العملية والنظرية، فلا يقل ثمن الملزمة النهائية لها عن 800 جنيه. ويوضح طارق عوض طالب بكلية العلوم أنه تعجب كثيرًا عندما وجد مكتبة تلخص إحدى المواد، رغم أنها تعتمد فى دراستها على التجارب العملية بشكل كلى، إلا أن الملزمة كان بها تجربتان فقط، وبالفعل وجد فى الامتحان إحدى التجربتين، ومن وقتها وهو يتعامل مع تلك المكتبة، التى أوضح لها صاحبها أن الخبرة وحدها هى التى تمكنه من معرفة محتوى امتحان كل مادة.