ظهرت أولى تداعيات قرار مجلس الوزراء بسحب صلاحيات إدارة «الحجر الزراعى» ونقلها لصالح «الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات» التابعة لوزارة التجارة والصناعة، بدخول شحنة تقاوى بطاطس مصابة ب «العفن البنى»، وذلك لعدم تخصص الهيئة فى الاكتشاف الدقيق للشحنات المصابة بأمراض وحشائش وفطريات غير موجودة بالأراضى الزراعية فى مصر. وقال مصدر مسئول بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إن شحنة بطاطس مستوردة مصابة بمرض «العفن البنى» دخلت الأراضى المصرية خلال الأيام الماضية، رغم أن قوانين الوزارة وتشريعات الحجر الزراعى تمنع ذلك، مشيرًا إلى أنها ظلت بميناء الإسكندرية الأسبوع الماضى ورفضت إدارة «الحجر الزراعى» دخولها، لكن مستوردها نجح فى تحويلها إلى لجنة الصحة النباتية ب«الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات»، والتى وافقت على دخولها. وأوضح المصدر الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن ثبوت إصابة الشحنة ب «العفن البنى»، وتحويلها إلى «الصحة النباتية» يؤكد انتزاع اختصاصات الكشف على المحاصيل الإستراتيجية «القمح، الذرة، الفول، الصويا» من «الحجر الزراعى»، وتحويلها إلى «الرقابة على الصادرات والواردات»، ما يعنى وضعها تحت تصرف التجار والمستوردين، وفتح الباب أمام دخول التقاوى والمحاصيل المصابة التى تدمر النباتات، وتعمل على توطين أمراض نباتية لم تكن موجودة فى التربة المصرية. وفيما يتعلق بتفاصيل الشحنة الأخيرة التى دخلت البلاد، أشار إلى أنها تابعة شركة يمتلكها مستورد تقاوى، وهو مسئول فى الوقت ذاته فى وزارة الزراعة، ومن ضمن المرشحين لتولى حقيبتها فى أقرب تشكيل وزارى مرتقب. وكشفت مصادر بالوزارة أن «العفن البنى» هو أحد الأسباب الرئيسية فى الحظر الروسى على البطاطس المصرية، وفك الحظر لمدة وبشروط معينة، واقتصار تصدير البطاطس المصرية إليها على المناطق الخالية من «العفن البنى» و«النيماتودا» بعد حظرها المؤقت لدخول أى شحنات بطاطس من مصر إليها. من جهته، قال محمد فتحى سالم، أستاذ الأمراض بجامعة المنوفية، إن هناك عشرات الشحنات المصابة بأمراض وفطريات مختلفة دخلت البلاد خلال الأيام الماضية، والسبب هو قرار رئيس مجلس الوزراء رقم «2992»، الذى قرر فيه إسناد فحص جميع السلع الإستراتيجية المستوردة لوزارة الصناعة متمثلة فى «الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات»، وإعفاء الحجر الزراعى والصحى من تلك المهمة. وأشار إلى أن مسئولى «الرقابة على الصادرات والواردات» لهم نظرة مختلفة عن مسئولى «الحجر الزراعى» المنوط به حماية الصحة النباتية فى مصر من الآفات وفحص الشحنات المستوردة، مؤكدًا أن القرار لصالح الشركات التجارية، ويخدم رجال الأعمال المستوردين. وأضاف «سالم»: «إلى جانب دخول شحنة بطاطس مصابة بالعفن البنى هناك معلومات بدخول أقماح مصابة بنسبة عالية من فطر الإرجوت السام، وفول صويا مصاب بفطر العفن الأبيض، وشحنات بطاطس مصابة بفطر القشرة الفضية، بالإضافة إلى دخول فطر الإمبروزيا»، موضحًا أن هذه الأمراض من الأمراض الخطيرة القابلة للتوطن والانتشار بسهولة فى مصر لملائمة طبيعة التربة والمناخ فى البيئة المصرية لها. ونوه إلى وجود تخبط شديد فى ملف الاستيراد والتصدير، آخرها قرار وزير الزراعة فى يونيه الماضى برفع نسبة السماح بالقشرة الفضية للبطاطس إلى 25 فى المائة بعدما كانت أقل من 1فى المائة، تحت ضغوط على معهد أمراض النباتات، والحجر الزراعى. وأكد أن المتخصصين فى الحجر الزراعى وحماية النباتات حذروا من تسبب قرار مجلس الوزراء فى فتح المجال أمام هذه الأمراض، خاصة فى ظل رفض «الحجر الزراعى» لعشرات الشحنات المصابة بأمراض من شأنها الضرر بالصحة النباتية والاقتصاد المصرى فى المستقبل، مشيرًا إلى أن «الحجر الزراعى» رفض فى الفترة الماضية 12 رسالة فول صويا مستوردة من عدة دول لإصابتها ب «العفن الأبيض»، والذى توافق وزارة التجارة والصناعة على استيراده رغم خطورته. ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة، فإن مصر استوردت فى الفترة من نوفمبر الماضى إلى ديسمبر الجارى نحو 82 ألف طن من تقاوى البطاطس، لزراعتها فى العروة الصيفية المقبلة التى تبدأ فى يناير المقبل، ليتم كسر جزء من إنتاجها كتقاوى للعروة الشتوية التى تزرع فى أكتوبر.