احتمال أن يكون شيخك أو كاهنك مدمنًا للدين مديرك الناجح أدمن عمله ويحتاج لعلاج أحمد زكى فنان قدير ومدمن أيضًا لا تشتكى من تسوق زوجتك واذهب بها لأقرب طبيب نفسى ارتبطت كلمة المدمن فى وجداننا جميعًا بالشخصية التى جسدها العبقرى أحمد زكى فى الفيلم الذى حمل نفس الاسم «المدمن»، أو بمعنى أدق الضائع صاحب الملابس غير المهندمة، المستعد لفعل أى شىء للحصول على المخدرات. العلم الحديث ينفى هذه الصورة تمامًا، ويؤكد أن المدمن ربما يكون الشيخ فى المسجد أو الكاهن فى الكنيسة، أو مديرك الناجح، أو أنت شخصيًا دون أن تعرف ودون أن تتعاطى أى نوع من المخدرات طوال عمرك. توضيحًا يجب أن نعرف أن الإدمان هو 42 نوعًا أربعة منها فقط سيئة السمعة وهى إدمانات المخدرات والخمور والمقامرة والجنس، أما بقية الأنواع ففى مجتمعنا العربى فلا نشخصها، بل فى بعض الأحيان نعتبرها نجاحًا وربما ورعًا وتدينًا أيضًا. لذلك أطلق العلم على ال 38 نوعًا من الإدمان الباقية مصطلح الإدمانات الخفية. من أشهر أنواع الإدمانات الخفية (إدمان الدين، العمل، الطعام، الحب، الغضب، الكذب، الاعتمادية، التنافس، جمع الأشياء، التسوق، المثلية، التليفزيون، المخاطرة، الإنترنت، التسوق وإدمان المشاعر). وقبل أن تنطلق الأفواه لتكفرنا تقول إننا نطلق على الدين إدمانًا، نوضح أن الدين فى حد ذاته هو العبادة والتشريع الذى أرسلهما الله لنا نعيش وفق تشريعه ونمارس عباداته، أما أن ننقطع للعبادة، ونترك التشريع والحياة نفسها، فذلك إدمان يدمر حياة الشخص بصورة لا تقل أبدًا عن المخدرات نفسها، وهو رأى ثانى الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، عندما سأل رجل انقطع للعبادة فى المسجد النبوى عن مصدر كسبه فأخبره أن له أخًا يحتطب فى الجبل فيبيع ما يحتطبه فيأكل منه ويأتيه بكفايته، فقال له عمر: أخوك أعبد منك. أما إدمان العمل، فنشاهده بكثافة فى رجل أغلق حياته على عمله، ولا يشعر بالنشوة أبدًا إلا عندما يحييه من حوله بقول إنه أبرعهم وأكثرهم عملًا، وربما ينتشى عندما يسمع الآخرين يطلقون عليه مصطلح «حمار شغل»! ولهذا النوع، مساوئ تدمر الحياة، فرغم نجاح مدمن العمل فى حياته العملية، فإنه يفشل فى حياته الاجتماعية، فإن كانت له أسرة يترك تربية الأبناء لشريكه، وغالبًا ما لا يرتبط أصلًا. ولهذا الإدمان أيضًا أعراض انسحاب، فعندما يصاب صاحبه بمرض جسدى يقعده عن العمل لفترة تسوء حالته الصحية أكثر، وإن تحامل على نفسه وذهب للعمل، تختفى تمامًا كل الأعراض الجسدية! لو طبقنا ما يقوله العلم مثلًا على الفنان الراحل أحمد زكى نفسه فإننا نجد أنه كان مدمنا للعمل، فترك أسرته تتفكك، وعاش معظم عمره فى فندق، ودون منزل، وكان فى أوقات غير العمل يصاب بالاكتئاب، ورافضًا للحياة، وهو ما جعله يلجأ للعديد من الأطباء النفسيين. إذا كانت معاشرتنا لزكى، وما وصلتنا من معلومات تؤكد إدمانه العمل، فربما كان الكثير ممن نجحوا واحتفينا بهم، من علماء وأدباء وفنانين وانهلنا عليه بألقاب ك«راهب العلم» و«متزوج الفن أو الأدب»، مدمنين للعمل! كم مرة اندهشنا من سيدات يصممن على الاحتفاظ بكل ما لديهن، وحتى الأشياء القديمة التى لم تعد لها أى استخدام، بمصطلح عامى، ولكنه أكثر دقة «الكراكيب»، جاعلات منازلهن أركانًا لها، وإذا كان البيت أكثر سعة أخلت غرفة لتلك الكراكيب مثلما فعلت الجدات لغرفة «الكرار»، ومعظم هذه السيدات والجدات مدمنات لجمع الأشياء. رجال مننا نحتفى بهم و ينظرون لأنفسهم بفخر نتيجة لعلاقاتهم الجنسية المتعددة دون أن يدركوا أنهم مدمنو الجنس، وكم من سيدات وفتيات نظر المجتمع لهن بنظرة دونية لعلاقاتهن العاطفية المتعددة دون أن نعلم أنهن مجرد مرضى بإدمان الحب أو المشاعر. يشتكى العديد من الأزواج من إقبال زوجاتهم على التسوق بصورة جنونية تفوق احتياجاتهن بكثير ولم تفكر إحداهن للجوء لطبيب نفسى لعلاجها من إدمان التسوق باعتباره مرضًا. وكم من شخص يطلق عليه الناس لقب «عصبى» لغضبه المتكرر دون سبب واضح ولم يفكر أحد أبدًا أنه مدمن للغضب. لا يمكن أن تتسع تلك المساحة للتحدث عن كل أنواع الإدمانات الخفية، لكن يمكن قياس ماسبق على الشخص مدمن الطعام الذى يمكن أن تسوء حالته لدرجة تجعله يأكل ثم يضع إصبعه فى فمه ليتقيأ ما أكله لكى يستطيع أن يتناول طعامًا جديدًا. واستخدام نفس القياس على إدمان الكذب والمغامرة وبقية الأنواع.