لا حديث فى مصر خلال اليومين الماضيين إلا عن «محمد عيسى العليمى»، الذى دفع روحه ثمنًا للدفاع عن قريته «شما» التابعة لمركز «أشمون» بمحافظة المنوفية، وذلك بعد أن تم قتله على يد عائلة رفض عودة أفرادها للقرية، بسبب اتجارهم فى السلاح والمخدرات، وهو الأمر الذى أشعل غضب الأهالى هناك، الذين خرجوا مطالبين بالقصاص من قتلته، واستعادة حقه، ودفعهم إلى الخروج وقطع عدة طرق، وتوقيف خط السكة الحديد. ولأن قضية «عائلة السلاح والمخدرات» اندلعت منذ فترة ليست بالبعيدة فى القرية، انفردت «الصباح» بإجراء آخر «حوار» مع «العليمى»، والذى التقينا به قبل مقتله بأيام قليلة، للحديث عن تجاوزات عائلة «أبو حريرة»، وتصديه لمحاولات نشرهم السلاح والمخدرات، فضلاً عن شكواه من عدم استجابة المسئولين لمناشداته وتوسلات أهالى القرية. «العليمى» بدأ حديثنا معه قائلاً: «أعلم أن أيامى فى الدنيا معدودة»، وتوقع أن «فتنة كبيرة ستحدث قريبًا داخل المنوفية، والدماء ستكون أنهارًا، إذا ما استمرت مديرية الأمن فى جمودها الحالى، وعدم التحرك، وغضت الطرف عن ممارسات عائلة «أبوحريرة»، التى تدخل القرية بشكل شبه يومى، وتطلق النيران لإرهاب الأهالى واستفزازهم، ولم يكفيهم قتل 4 من الأهالى فى يوم واحد». وأوضح أن «أولاد أبوحريرة» مطرودون من قرية «فيشا»، التابعة لمركز منوف، وأتوا إلى «شما»، ومعهم والدهم «على أبو حريرة»، ووالدتهم «كريمة جبريل»، واشتهروا بالسرقة فى البداية، وحررت ضدهم عدد من المحاضر والقضايا، ولأن عددهم كان لا يذكر حينها لم يلتفت إليهم الأهالى، ورفضوا الاختلاط بهم أو الدخول معهم فى علاقة نسب، لذلك كانوا يتزوجون من بعضهم البعض، ولا يرتبطون بنسب إلا مع تجار المخدرات على مستوى المحافظة. وتابع «العليمى»: «زادت تجارتهم فى المخدرات والسلاح بشكل ملحوظ، وأصبح لدى جميع أفراد العائلة سجل جنائى ملىء بالقضايا ما بين اتجار بالمخدرات وشروع فى قتل وسرقة وتهديد بالسلاح، وأصغرهم سنًا لديه ما لا يقل عن 15 قضية»، لافتًا إلى أنهم بدأوا جرائم قتل أهالى القرية قبل 15 عامًا، وذلك بقتل شخص بسبب الخلاف على أولوية المرور، ثم قتلوا فى 2006 ثلاثة أفراد من قرية «ساقية المنقدى»، بسبب استماعهم لأغنية «البانجو مش بتاعى». وتابع: «تم الحكم على القاتل بالمؤبد، وهو الابن الثانى فى العائلة، إلا أنه مازال هاربًا من مجموع أحكام 50 سنة، وفى 2011 قتلوا محمد مرزوق قناوى لخلافات شخصية، وأثناء عودة الأهالى من تشييع الجنازة أطلقوا النيران من بنادقهم الآلية فقتلوا ثلاثة من أبناء القرية، وهم عبدالسلام قناوى وبسيونية العفيفى والسادات دومة». لم تمر سوى أيام قليلة على الحوار، إلا وقامت عائلة «أبوحريرة» باستهدافه ب 40 طلقة من رشاش آلى بواسطة مجهول، ليترك «الشهيد» وراءه خمس بنات، وولدًا أنجبه بعد أن وصل لسن ال 45 عامًا. والتقت «الصباح» بمجموعة من أهالى القرية، والذين رووا حكايات عن حكم عائلة «أبو حريرة» لهم ب«الدم والنار»، مشيرين إلى أن أفراد تلك العائلة جاءوا مطرودين من قرية أخرى، وعاشوا بين الأهالى، إلى أن ظهر إجرامهم قبل 15 عامًا، حين بدأوا فى جنى ثمار تجارتهم فى السلاح والمخدرات، فازدادت أراضيهم التى يملكونها، وخصصوا لنفسهم «مربعًا سكنيًا» يضم 20 منزلاً، تحولت إلى ما يشبه «ترسانة سلاح ومخدرات». وقال «محمود. أ»، أحد أهالى القرية: «عندما تمتلئ منازلهم بالمخدرات والسلاح، يجبرون جيرانهم على تخزين باقى الممنوعات داخل منازلهم بالقوة، ومن يخالف تتعرض نساء بيته للاغتصاب»، مشيرًا إلى أن عدد أفراد عائلة «أبوحريرة» يصل إلى 70 فردًا، وحجم تجارتهم يتخطى ملايين الجنيهات. وأضاف «عيسى. ب»: «عائلة أبو حريرة لم تكتف بإرهاب الأهالى، بل أطلقوا النار على «حسن النشال»، معاون مباحث القسم، لمحاولته إلقاء القبض عليهم متلبسين بتهمة ترويج المخدرات، ما أسفر عن إصابته بطلق نارى فى القدم»، مشيرًا إلى أنهم كانوا يتعاونون مع رجال «الحزب الوطنى» قبل ثورة يناير. وهو ما أكده أحد الأهالى، والذى طلب عدم ذكر اسمه: «اعتادوا العمل مع نواب «الحزب الوطنى»، وذلك بتمكينهم من الفوز بمقعد البرلمان بالقوة وبالتربيطات، وكان عضو الحزب يحرص على الفوز بتأييد عائلة «أبوحريرة»، لضمان أصوات القرية والقرى المحيطة، وضمان عدم قدرة أى مرشح منافس على إقامة أى فعالية انتخابية أو دعائية هناك»، لافتًا إلى أن «أبوحريرة» يروجون لصورة تجمعهم بحبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، ولا يعرف الأهالى إذا ما كانت حقيقة أو لترهيبهم حينها فقط. ويحكى «محمد. إ» عن «انتفاضة» القرية ضد «أبوحريرة» ويقول: «عقب قتلهم عدد من الأهالى ثرنا ضدهم محاولين إخراجهم والقصاص للقتلى، فقاموا بتفجير قنبلة وسط القرية، ما أدى إلى إصابة 30 بإصابات خطيرة، وتم نقلهم إلى مستشفى أشمون العام»، مضيفًا: «تدخل الأمن ثم الجيش لاحتواء الأزمة، بعد أن استمرت الاشتباكات 3 أيام، وتم إلقاء القبض على 3 من أفراد العائلة، إلا أنه بعد 3 أعوام تمت تبرئتهم بحكم محكمة من تهمة القتل، بدعوى دفاعهم عن النفس». وبعد خروجهم من السجن، عزموا على الانتقام من أهالى القرية الذين هدموا منازلهم أثناء وجودهم بالسجون، ودخل الطرفان فى اشتباكات أخرى انتهت ب«جلسة عرفية» تقرر فيها تهجير عائلة «أبوحريرة»، وتغريمهم 2 مليون جنيه لصالح الضحايا، وهو ما لم ينفذوه، وحاولوا العودة بقوة السلاح، ما أشعل الأمور مؤخرًا.