طلاب «الجامعة الأمريكية» يحيون «الفزع» ب«تحضير الأرواح».. والحفلة ب 500 جنيه الدعاوى تتم عبر الانترنت والفيس بوك تحت ستار الاحتفال بالهالوين «الويجا» والرقص ب«الملابس التنكرية» أهم المظاهر.. والتجهيز يستغرق 3 شهور «وشاح الشبح» ب 1300 جنيه و«بدلة اليقطين» ب 1700 و«ماكياج الرعب» بألفين ممارستها يكون فى شقة أحد المشاركين أو على طريق صحراوى أو منطقة نائية ما أن يحل نهاية شهر أكتوبر كل عام إلا وتجد الملابس السوداء والوجوه المخيفة لمصاصى الدم والأشباح الممتلئة أجسادها بالدماء، والساحرات ذات الأعين الشريرة، وأشجار «اليقطين»، تملئ شوارع وميادين العالم، احتفالاً ب «الهالوين» أو «عيد الفزع». انتقلت هذه المشاهد إلى مصر، وتحديدًا بين طلاب جامعات مرموقة يحيون تلك الطقوس، ليس على سبيل المزاح أو الضحك، لكن باقتناع منهم بتلك الأسطورة، رغم اختلافها مع ثوابت الإسلام والمسيحية، مستعينين فى ذلك ب«كاهن أوروبى»، وهو ما تكشف «الصباح» تفاصيله فى هذا التحقيق، فضلاً عن رصد أماكن إحياء تلك الحفلات الصاخبة التى تشهد تجمعات شبابية كبيرة، وأسعارها، والطقوس التى يمارسونها، وأسعار ملابس تلك المناسبة. البداية كانت بإعلان على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يروج لإقامة حفل «الهالوين» داخل فندق شهير بمنطقة «التجمع الخامس»، ويعلن أن تذاكر هذا الحفل تباع فى منافذ بالجامعتين الأمريكية والكندية، وخصص رقم هاتف للاستفسار عن الحجز والتفاصيل. تواصلنا مع إدارة الفندق، فاتضح أن التذكرة يبلغ قيمتها 500 جنيه للفرد، ولا تشمل سعر الملابس أو المشروبات والمأكولات، فهذا السعر للدخول فقط، ويشمل العروض الفنية التى يقدمها الفندق، بالإضافة إلى الخدمات الخاصة به. قابلنا «س. م»، إحدى المشاركات فى الحفل، عمرها 20 عامًا وتدرس بالجامعة الأمريكية، والتى قالت إنهم اعتادوا على ذلك الحفل منذ الصغر، وذلك للمتعة والبهجة، لافتة إلى أنهم يجدون فيه شيئًا مختلفًا عن جميع الحفلات الأخرى، ويستمتعون بفكرة «الحفلات التنكرية» التى لم تعد موجودة كما كانت من قبل «أيام الباشوات». وأشارت إلى أن هذه المظاهر ليست لها علاقة بأى دين، فهم يستعدون قبلها بشهرين وأحيانًا بثلاثة أشهر للاتفاق على المطربين والفنانين الذين سيقومون بأحياء الفقرات الفنية، ويتفقون على الملابس التى سيشترونها، والشخصيات التى سيرتدونها، بالإضافة إلى المأكولات والمشروبات. وأوضحت أنه فى الغالب يتواجد بالحفلات مشروبات كحولية لمن يود شرائها أو يرغب فيها، مضيفة: «تشتعل ساحات الرقص والغناء حيث نقوم بإخراج طاقة كبيرة لا نستطيع التعبير عنها فى حياتنا اليومية، نستمتع بالوجوه المرعبة والمقالب التى يؤديها البعض من أجل إضافة جو من البهجة، وتكون الأغانى أيضًا مأخوذة من أفلام الرعب الشهيرة، والبعض يقضى تلك الليلة فى مشاهدة أفلام الرعب فى السينما أو فى الأماكن الخاصة بالاحتفالات». ولا يقتصر الاحتفال ب«الهالوين» فى الفنادق فحسب، لكنه أيضًا يتم فى المراكب النيلية الثابتة على وجه الخصوص، ففى أحد المراكب الثابتة فى منطقة الزمالك وجدنا الاحتفال ممتد من بداية يوم 30 أكتوبر حتى 4 نوفمبر الجارى، وتبلغ سعر التذكرة للفرد 350 جنيهًا، ولا تشمل المشروبات أو الملابس، وكذلك الكافيهات خاصة المطلة على النيل ففى كافيه بمنطقة المنيل تعدت التذكرة 400 جنيه للفرد، أما أسعار المراكب النيلية الصغيرة التى تقوم أيضًا بإحياء تلك الاحتفالات فبلغت 250 جنيهًا للفرد. تعلق «ن. ح»، طالبة بالجامعة الكندية بقولها إن تلك الحفلات يجدون فيها أنفسهم ونوع خاص من المتعة، فهى تعيش جو أفلام الرعب الذى تعشقه منذ الصغر، وتشعر أنها انتقلت إلى عالم آخر بعيدًا عن المذاكرة وضغوط الحياة اليومية والخلافات مع المقربين إليها، كما تشغل تفكيرها، خاصة أن والداها منفصلين وتكره الجلوس وحدها، وتلك الأجواء تشعرها أنها وسط أصدقائها وأحبابها وتنشغل عن الشعور بالوحدة. وخلال التحقيق، علمت «الصباح» وجود «كاهن أوروبى» يستعين به طلاب الجامعة الأمريكية على وجه الخصوص فى إقامة بعض الشعائر. تتبعنا ذلك الخيط حتى أوضح أحد طلاب الجامعة، إن هذا الكاهن يساعدهم على إقامة تلك الاحتفالات بشكل يشبه أوروبا، وبما لا يصنع أى فرق بين هنا والغرب. وعن ماهية تلك الطقوس، أشار إلى أنه يعلمهم كيفية استحضار بعض الأرواح، فضلاً عن اللجوء إلى بعض الألعاب مثل «ويجا» والتى من خلالها يتم جلب الأرواح التى يرغبون التواصل معها، وغالبًا ما يأتى إليه شباب فقدوا أشخاص قريبة منهم للغاية، لاستحضار أرواحهم. وعن المكان فأكد أنهم يتفقون عليه بمعرفة أصدقائهم وتتم فى شقة أحدهم أو فى مكان ناءٍ مثل طريق صحراوى أو «كامب» يقضون وقتهم فيه. وانعكس الاحتفال ب«الهالوين» على بعض المحال التجارية، سواء فى الأحياء الراقية أو الشعبية، والتى تبيع ملابس «الهالوين». وداخل أحد محال ألعاب الأطفال الشهيرة بمنطقة الدقى، وصل سعر بدلة سوبر مان 250 جنيهًا «المقاس الصغير»، أما «وشاح الشبح» فبلغ 1300 جنيه، وبدلة اليقطين المتكاملة التى بها أجزاء تضىء بلغت 1700 جنيه، ووشاح بات مان بلغ 350 جنيهًا. هذا بخلاف تكلفة الأقنعة والمكياج الخاص، والذى يقبلون على شرائه من محال الخدع السينمائية، والتى تجعلهم يبدون كالمومياوات والشخصيات المخيفة، وأسعارها تتراوح بحسب ما أكدت سلمى ناصر، طالبة بإحدى الجامعات الخاصة ما بين 150 جنيهًا إلى 2000 جنيه من أجل إجراء مكياج متكامل وأحيانًا يتعدى ذلك. واعتاد هؤلاء الطلاب والطالبات الذين تحدثنا معهم الاحتفال منذ أن كانوا فى مدارس دولية فى صغرهم، والتى أصبحت ترسل إلى الآباء رسائل على «الإيميل» والهاتف المحمول بضرورة إرسال مبلغ معين يتعدى 400 جنيه من أجل الاحتفال ب«الهالوين»، وبعض الآباء يفرحن بأبنائهم على سبيل الوجاهة الاجتماعية، والبعض لا يبالى باعتبار أنهم أطفال ويرغبن فى بعض البهجة والمزاح، ولا يعلمن أنهم من الممكن أن يؤمنوا بتلك المعتقدات يومًا ما. وهو ما أكدته جيلان فهمى، والدة طفلة فى الابتدائية بإحدى المدارس الدولية، فتقول رغم أنها خريجة مدرسة ألمانية، إلا أنها لم تكن تحتفل بعيد «الهالوين»، ولم تعرف طريقة الاحتفال إلا عندما دخلت الجامعة وبدأت بالتعرف على ذلك، أما ابنتها فوجئت بها تطلب منها شراء ملابس لهذا العيد الذى ستحتفل به المدرسة. «ماما أنا عايزة أروح مع أصحابى نعمل trick or treating»»، هكذا قالت الصغيرة لوالدتها «جيلان»، فلم تفهم الأم قصدها، فأجابتها: «يعنى نلبس أشرار ونروح نخبط على الجيران نقول لهم trick or treat فيدونا حلويات أو خدع»، وهو ما توافق عليه الأم، وحذرت ابنتها من دق أبواب أى شخص غريب عنها خوفًا عليها، مؤكدة أن تلك الأفكار لا تتناسب مع بلداننا. من جهتها، قالت فاطمة حسن، باحثة علم الاجتماع، إن هذا الاحتفال حتى لو على سبيل الضحك والمزاح يجب أن يكون فى سن كبير حتى لا يختلط على الأطفال الأفكار، والتوضيح لهم أن هذا على سبيل الضحك والفكاهة ليس أكثر، وتعليمه أنه ليس معتقدًا دينيًا وأنه بعيدًا كل البعد عن ذلك. وأوضحت أن بعض الشباب يلجأ إلى تلك الحفلات الصاخبة لإخراج كم كبير من الطاقة الكامنة داخلهم وتفريغها ويجدون فى صخبها ما يشبه شبابهم، بالإضافة إلى اعتيادهم على الاحتفال به منذ صغرهم، ويجب توعية الأطفال على وجه الخصوص بماهية هذا الاحتفال، ويجب أن يكون تحت إشراف الآباء والمعلمين.