أوروبا لا تفعّل اتفاق فالتا الذى ينص على تقاسم أعباء اللاجئين مع أفريقيا الاتحاد خصص 200 مليون يورو إلى دول شمال أفريقيا كلها لمنع الهجرة.. بينما خصَّ تركيا بمفردها ب 4 مليارات يورو ملف الهجرة لم يجد الاهتمام من المجتمع الدولى إلا حينما تأثرت مصالح الدول الكبرى يرى السفير هشام بدر، مساعد وزير الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف والأمن الدولى، أن ملف الهجرة غير الشرعية لم يحظ بالاهتمام الدولى الكافى، بل إن حجم المساعدات التى يخصصها الاتحاد الأوروبى لهذا الملف لا يلبى الآمال والاحتياجات، وخاصة أن ما يخصص لبلد واحد مثل تركيا يفرق بكثير عما يقدم إلى أفريقيا أو شمال أفريقيا، مضيفًا، فى حواره ل«الصباح»، أن مصر تتطلع للخروج بموقف عربى موحد إزاء الهجرة غير الشرعية، التى تمثل تحديًا يواجه الأمة العربية. - هل مصر تولى ملف الهجرة غير الشرعية اهتمامًا.. فى ظل الظروف المتلاحقة التى تمر بها البلاد؟ بالفعل فإن مصر تولى الهجرة غير الشرعيه اهتمامًا كبيرًا، خاصة بعد انضمام مصر وتصديقها على كافة الاتفاقيات المتعلقة باللجوء والهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر، وقامت بإرساء تقاليد عريقة منحت من خلالها اللاجئين من الوطن العربى حياة بمصر أسوة بالمصريين، كما أنشأت لجنتين وطنيتين لمكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى إصدار القانون الخاص بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر والعمل على إصدار قانون مماثل حول الهجرة غير الشرعية، كما قادت مصر اتفاقية الخرطوم التى تعد مشاركة ما بين دول الاتحاد الأوروبى ودول القرن الأفريقى لمعالجة الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، ومن جانب آخر تقود مصر الدول الإفريقية، تحديدًا دول القرن الإفريقى، فى عملية تنسيقية إفريقية لان عملية الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر عملية كبيرة يدخل فيها عناصر كثيرة ودول كثيرة وبالتالى يجب التعامل عليها من منظور متكامل؛ تنموى وأمنى واقتصادى وشامل، وعلى المستوى الدولى فإن مصر أخذت زمام المبادرة مع الاتحاد الأوروبى بفتح قناة جديدة للحوار لمواجهة تحديات الهجرة التى تمثل عبئًا أكبر على دول أفريقيا وجنوب المتوسط، إضافة إلى فتح صفحة جديدة فى العلاقات مع الاتحاد الأوروبى قائمة على المساواة وتقاسم أعباء المسئولية الدولية المشتركة من خلال خطوات ملموسة. - ولماذا يخل الجانب الأوروبى بمهامه فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية ؟ على سبيل المثال يوجد فى مصر 5 ملايين زائر، منهم لاجئون سوريون وخلافه وبالتالى مصر دولة تستقبل هؤلاء اللاجئين وتعاملهم معاملة المصريين فى المستشفيات والمدارس وخلافه وتتحمل تكلفة مئات الملايين من الدولارات دون مشاركه من أوروبا، ولذلك نطالب الدول الأوروبية بأن تفعل المزيد حيث كان هناك اتفاق فى فالتا بين الاتحاد الأوروبى والدول الإفريقية على أن يكون هناك تقاسم بتحمل مسئولية مشتركة وتقاسم فى الأعباء، ليس من المتوقع أن دولة مثل مصر وتمر بتلك التحديات الاقتصادية الظروف وتتحمل أعباء 5 ملايين زائر و500 ألف لاجئ دون أن يكون هناك مشاركة حقيقية اقتصادية من الجانب الأوروبى لكيفية التعامل سواء بمشروعات تنموية ومشروعات لفرص العمل وفتح آفاق للاستثمارات فى المحافظات التى تتزايد فيها الهجرة وهكذا، وهذا هو الحوار الدائر بيننا وبين الاتحاد الأوروبى، فنحن فى مصر نؤمن أن الطريق الأمثل فى معالجة الهجرة غير الشرعية هو فتح باب الهجرة الشرعية فعندما تغلق الدول الأوروبية باب الهجرة الشرعية، فمن الطبيعى أن بعض المهاجرين سيلجأون إلى الطرق غير الشرعية ولذلك تحدثنا عن الجذور وخلق فرص عمل والتنمية، وأيضا تسهيل التأشيرات وإيجاد منح ويوجد تقدم فى هذا الملف، حيث وافق الاتحاد الأوروبى بناء على مبادرة مصرية بزيادة عدد المنح الدراسية المقدمة للدول الإفريقية خلال العام القادم ولكن مازلنا نرى أن التعهدات الاقتصادية المقدمة قليلة للغاية لا تكفى أو تلبى الاحتياجات ونأمل خلال الاجتماع الاستثنائى لعملية التشاور العربية الإقليمية حول الهجرة، الذى استضافته الجامعة العربية خلال الأيام الماضية، فى الخروج بموقف عربى موحد، مثلما يوجد موقف أفريقى موحد ليصب فى الوثيقة التى تصدر عن الأممالمتحدة فى 19 سبتمبر المقبل. - هل الخارجية تنسق، على المستوى الداخلى للحد من الهجرة؟ هناك تنسيق كبير وليس فقط محاولات، يكاد يكون يوميًا، حيث تقوم السلطات المصرية بمكافحة الهجرة غير الشرعية، بمنع مراكب بأعداد كبيرة يوميًا من الخروج إلى الشمال، وذلك عبر جهود حكومية مصرية من جميع الجهات وعلى كافة المستويات، ولكن أدى اتفاق الاتحاد الأوروبى مع تركيا ودفع مئات الدولارات لهذا المسار، إلى زيادة الإعداد التى تأتى من المسار الجنوبى، مسار جنوب البحر المتوسط، ومصر تقوم بكل الجهد من أجل وقف هذه الهجرة ولكن فى نفس الوقت لابد أن يكون هناك مساعدة دولية ومسئولية دولية تساعدنا فى هذا، فى ضوء الظروف الاقتصادية الداخلية، وهذا ما نطالبه من الجانب الأوروبى، بأن تكون هناك مساعدة أكبر، فعلى سبيل المثال فإن مصر تقوم كل يوم بمنع مراكب من الإبحار فى المتوسط فى إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، ولكن تقوم أوروبا بالاتفاق مع تركيا بمنحها ما يزيد على 4 مليارات يورو لهذا المسار، وهو ما دفع الآلاف بجنوب المتوسط إلى التطلع للهجرة، بينما اكتفى الاتحاد الأوروبى بدفع مليارى يورو لكل أفريقيا، و200 مليون يورو فقط لدول شمال أفريقيا لمدة خمس سنوات، وهو غير كافٍ على الإطلاق فى هذا الشأن، وبالتالى لابد أن يكون هناك إعادة نظر فى هذا المسار، وأن يتحمل الجانب الأوروبى مسئوليته فى هذا الشأن. - ولكن لماذا لم يحظ هذا الملف باهتمام دولى من قبل؟ للأسف هذا الملف لم يجد الاهتمام اللازم إلا حينما تأثرت مصالح الدول الكبرى بشكل مباشر وأصبح لازمًا عليها التحرك لحماية تلك المصالح ومحاولة إلقاء العبء الأكبر على دولنا، والزخم الدولى الكبير متزامن مع انعقاد العديد من الاجتماعات الدولية والإقليمية التى قد تحمل نوايا طيبة، إلا أن أغلبها يتسم بالعمومية وغياب التنسيق والرؤية الفعالة، مما يدعو إلى توحيد مواقفنا ورؤانا تجاه هذا الملف فى المحافل الدولية لتخفيف وطأة الشتات على هؤلاء اللاجئين والنازحين وتوفير بيئة اقتصادية واجتماعية ملائمة فى دول اللجوء، لحين توطينهم.