فتح الحديث عن «الزواج المدنى» بابًا جديداً للجدل بين دعاته وقوى دينية متشددة ترى ذلك النوع من الزواج غير موافق للشريعة الإسلامية بحسب رأيهم، وطرح الكاتب مدحت صفوت النقاش حول «الزواج المدنى» داعيًا المؤسسات الدينية للاعتراف بالزواج المدنى وتشجيعه لمواجهة الأزمات الطائفية التى تهدد استقرار المجتمع من وقت لآخر، ونشر ثقافة المواطنة واعتبر الزواج المدنى أفضل حل يمكن اللجوء إليه خلال الفترة الحالية للقضاء على الإرهاب. كما طالب صفوت بحق المرأة المسلمة فى الزواج من الكتابى، مُعتبرا أن تحريم هذا الأمر مجرد اجتهاد فقهاء لا أساس قرآنى له، ولا يستند إلى أحاديث نبوية، لتنهال عليه الردود الرافضة والمهاجمة له من أبناء التيار السلفى، وعلى رأسهم القيادى السلفى عبدالمنعم الشحات، الذى أكد أن تلك الدعوات «فيما يخص زواج المرأة المسلمة بالكتابى» هى وليدة الاحتلال لضرب استقرار الأسرة المصرية، واصفًا الأقباط واليهود بالكفار. وإذا كان الزواج بين مسلمة وغير مسلم محل جدل قائم، إلا أن ما توافق عليه معظم الرأى هو جواز زواج الرجل المسلم بامرأة مسيحية أو يهودية، غير أن رأى السلفيين فى تلك المرأة التى يجيزون الزواج منها بالنسبة للرجل المسلم بدا صادمًا للغاية.. وهو ما تمكنت «الصباح» من رصده عبر آراء عدد من القيادات والرموز السلفية. فى أحد لقاءاته الدينية توجه شخص من الحضور، بسؤال لنائب رئيس الدعوة السلفية، ياسر برهامى، بشأن الزواج من غير المسلمة والوقوع فى حبها، فأجابه بأنه محرم عليه أن يحب زوجته الكتابية، بل يمكنه الزواج منها لجمالها أو مالها أو لتربية الأولاد وليس الحب، وذلك حتى لا يقع فى الموالاة، وعندما سأله وماذا عن معاملتها فى البيت، قال برهامى، إنه لا يجوز له إلقاء السلام عليها ولكن يمكن أن يلقيه على أبنائه أو الحضور من المسلمين فقط، وإذا بدأت هى وحيته يرد تحيتها وإن قالت له السلام عليكم يرد عليها: «وعليكم» فقط، فلا يجوز أن يكمل لها السلام. وأكمل برهامى: «الزوج المسلم مأمور ببغض دين زوجته الكتابية، وأن يقول لها هذا نصًا إنه يبغض دينها ولكن يتزوجها للمعاشرة فقط، مستشهدًا بمن يغتصب امرأة حيث قال «هل من يغتصب امرأة يحبها؟ ولكنه يعاشرها لجسدها فقط، كذلك الأمر للزوجة الكتابية»، وذلك لأن هناك نصوصًا قاطعة تحرم على المسلم حب غير المسلم. أما القيادى السلفى البارز، محمد إسماعيل المقدم فله نفس الرأى الذى يعتمد على الاستمتاع بجسد المرأة الكتابية فقط حيث أكد فى أحد دروسه الدينية، أن الزوجة الكتابية لا يجوز معاملتها كالزوجة المسلمة، ورغم تأكيده أن لها حقوقًا ولابد أن تحصل عليها، ولكنها كحقوق الجارية تأكل وتشرب وتلبس، ولكن فيما يخص الحب فهذا لا يجوز بينهما لأن الود والمحبة لمسلمة فقط، وإن كان الأفضل ألا يتزوج كتابية ويظفر بالمسلمة. واستطرد المقدم: «معاملة الزوجة الكتابية لها حدود وكما قال ابن القيم: «وأما الخروج إلى الكنيسة فله أن يمنعها منها كما قال الإمام أحمد، فإن الرجل له المرأة النصرانية قال لا يأذن لها فى الخروج إلى عيد النصارى أو البيعة، وإن الرجل له الجارية النصرانية تسأله الخروج إلى أعيادهم وكنائسهم لا يأذن لها بذلك»، فلا يجوز لها أن تحتفل بالأعياد الدينية أو تقيم فى البيت تماثيل للعبادة، وإنما تمارس شعائرها منزوية بعيدًا عن الأنظار خاصة فى حال كان هناك أبناء. أما الداعية السلفى المعروف، أبو إسحاق الحوينى فقال أثناء حديثه فى أحد دروسه بمسجده بكفر الشيخ، وكان موضوع الدرس عن الزواج من الكتابيات: إن المسلم يجوز له نكاح الكتابية، ويمكنه أن يحب ويكره زوجته الكتابية فى آن واحد، فهو يبغضها لدينها ويحبها كامرأة يتمتع بها ليس أكثر». وأكمل الحوينى فتاواه المثيرة قائلا: «إن المسلم يكره له أن يتزوج من غير المسلمة لأنها ليست ذات دين، ومأمور أن يبغضها على دينها وهو يعاشرها، وفى حال شعر ناحيتها بأى عاطفة عليه أن يبتعد عنها». وأكمل الحوينى أن القرآن قال: «والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب» ليأتى السؤال من هى المحصنة، وتابع: «المحصنة هى المرأة العفيفة الطاهرة، ولكن هل الكتابيات عفيفات؟.. «ماقريتوش اللى أنا قريته ولا إيه»، ف 99 فى المائة من الكتابيات زانيات تكون لها عشيق وزوج فى نفس الوقت، مما يشكك فى طهارتهن ويجعلهن خارج نطاق «المحصنات»، لذلك أصبح نكاح الكتابيات مسألة شائكة حتى أن بعض العلماء يقول إنهن أهل ردة، لذلك من الأفضل عدم الزواج بغير المسلمة منعًا للوقوع فى الخطأ دون علم. فيما أكد الداعية السلفى الشهير، محمد حسان أن الكتابية هى التى تؤمن بالله والرسل المرسلين من عنده ولا تعتقد أن له ابنًا أو زوجة وغير ذلك لا تعد كتابية ولا يجوز الزواج منها، كذلك التى لا تؤمن بأن محمدًا نبى هى أيضًا ليست كتابية، وفى إحدى خطبه الدينية بمسجده بميدان الحصرى ب 6 أكتوبر أكد حسان أن الزوجة الكتابية لا يجوز معاملتها بالحب الذى يجمع الرجل والمرأة وإنما يحب وجهها وجمالها وجسدها ومن هنا تأتى معاملتها وما دون ذلك هو حق للزوجة المسلمة. وكشف الباحث الإسلامى إسلام المهدى، عن أن كراهية الزوجة الكتابية وبغضها لدينها هو أمر تربى عليه السلفيون ومن أساسيات أفكارهم، مضيفًا أن التوصية الدائمة التى كانت تقدم له أثناء انخراطه فى صفوف الدعوة السلفية، من ياسر برهامى وعموم شيوخ الدعوة كانت عدم حب الزوجة الكتابية فى الله لأنها ليست من عباده وأن الزوجة الغريبة، لابد أن تكون بمعزل عن أهلها لا تزورهم حتى لا يؤثروا على الأولاد، وكان هذا منهجًا بمعنى أن كل الشيوخ يتبعونه وينشرونه بين تلاميذهم وليس مقصورًا على شيخ واحد.