«الصباح» ترصد حكايات الموت غرقًا فى شواطئ «النخيل وفينيسيا وعايدة ورأس البر الجديد» هشام 17 سنة غرق فى شاطئ «النخيل» لانتشار الصخور المحدبة كابتن إنقاذ: احذروا الشواطئ التى تكثر بها الصخور.. ونائب المحافظ: دوريات للحفاظ مع دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة على المواطنين، تهرب الكثير من العائلات المصرية بالمحافظات المزدحمة، إلى شواطئ الإسكندرية وبعض المحافظات الساحلية، إلا أن فرحة التنزه تنقلب إلى مآتم عزاء، وفى المعظم تنتهى تلك الرحلات بكارثة فقدان أحد أفراد الأسرة غرقًا بعد أن سحبته الأمواج داخل البحر. «الصباح» فى هذا التقرير تكشف بالأدلة والشهادات عدة أسباب للوفاة غرقًا ببعض شواطئ الإسكندرية ومدن ساحلية أخرى على رأسها النخيل وفينيسيا وعايدة ورأس البر الجديد، وأهم أسبابها عدم الاهتمام بوجود صخور مدببة وسط المياه مما يؤدى للانزلاق فى المياه العميقة، كذلك ضعف التجهيزات الطارئة المنصوص عليها فى القوانين السياحية وأبرزها وجود سيارات إسعاف وطاقم إنقاذ كامل مكون من 4 سباحين مدربين، وكذلك عدم وجود لانشات إنقاذ للحاق بالغرقى، ومن المفترض أن تتبع كل الشواطئ هذه التعليمات تفاديًا لأى مساءلة قانونية، إلا أن التراخى وعدم الالتزام وضعف الرقابة، يتسبب بغرق المئات من المواطنين. فقبل أسابيع قليلة ذاع خبر غرق الطالب الجامعى «عبدالرحمن درغام» فى شاطئ النخيل بالإسكندرية، وتوافدت حينها أخبارًا عن تكرار حالات الغرق فى الشاطئ ذاته، حتى أنهم أطلقوا عليه «شاطئ الموت»، خاصة بعد عثورهم على أشلاء بشرية أثناء رحلة البحث عن جثة عبد الرحمن فى قاع الشاطئ نفسه، وبعد تتبع الكارثة اكتشفت «الصباح» أن «النخيل» ليس الشاطئ الوحيد الذى تحفه المخاطر ويهدد حياة كل من يتردد عليه، خاصة مع تكرار حوادث الغرق منذ بداية موسم الصيف الحالى فى أكثر من شاطئ لأكثر من مدينة ساحلى، ورجع أسباب معظمها لانتشار الصخور المحدبة فى جزء كبير من الشاطئ، كما قالت «حياة محمد» والتى روت قصة وفاة جارها. تقول حياة: «كنا فى نزهة تجمع خلالها عدد كبير من أسر المنطقة، واتجهنا نحو الإسكندرية واستقررنا على شاطئ النخيل، وقبل انتهاء اليوم امتلأ الشاطئ بالصراخ وعلمنا أن جارنا «هشام السيد» البالغ من العمر 17 عامًا يغرق ولا أحد يستطيع إنقاذه، وعلى الرغم من رؤية الجميع له وهو يصارع الأمواج إلا أن أحدًا لم تجرأ وينزل لإنقاذه، كما أنه لم يكن هناك منقذون من الأساس بالشاطئ. وتتابع حياة «الشاطئ عبارة عن مساحة كبيرة من الماء تحدها الصخور من الداخل عند نقطة معينة فى الماء تكاد تفصلها عن باقى البحر، لذلك فرغ القائمون على الشاطئ جزء كبير فى منتصف الصخور يسمح بدخول وخروج الماء للشاطئ حتى تتجدد مياهه وتجنب أن تصبح المياه راكدة، إلا أن المياه عند هذه الفتحة أو ملتقى الصخور تكون جارفة وتجرف السباحين لما بعد الصخور، ولا أحد يستطيع النجاة منها بسهولة». شاطئ فينيسيا يُعد شاطئ فينيسيا الموجود فى الإسكندرية أيضًا خطرًا على رواده، ويقول «مصطفى النجدى» أحد المتضررين منه بعد وفاة أحد أصدقائه «أن هذا الشاطئ يعد من أخطر الشواطئ فى الإسكندرية نظرًا لوجود الفنار به وهو الجسر الذى يتخلله قبة تعطى فرصة للتيارات البحرية بالمرور عبرها وتسحب السباحين بالجهة المقابلة للبحر المفتوح من جهة جسر الفنار. ويضيف النجدى «أن هذا الشاطئ شهد حالات غرق عديدة كان ضمنهم الطفل «عمر محمد» 11 عامًا، والذى غرق بداية يونيه الماضى بعد أن نزل البحر برفقة أبيه إلى أن جاءت موجة عالية أبعدت الطفل عن أبيه وجرفته بعيدًا، ولم يتمكن الأب من الإمساك بالطفل، وتم استخراج الجثمان بعد يومين من البحث. ويشير مصطفى إلى أنه على الرغم من وجود منقذ فوق برج المراقبة الخاصة بالشاطئ إلا أنه لم يتحرك تمامًا لإنقاذ الطفل، بل ظل واقفًا مبررًا موقفه بعدم وجود لانش إنقاذ، وأنه لا يجيد السباحة وليس من اختصاصه أن ينزل المياه كمنقذ بمفرده وأن زملاءه غير موجودين فى هذا اليوم. شاطئ عايدة «عايدة» يعد أحد الشواطئ الحيوية نظرًا لوجوده فى مدينة جمصة الساحلية حيث يتردد عليها عدد كبير من المصيفين، إلا أنه شهد 18 حالة وفاة من بداية موسم الصيف، كما روى «علاء متولى» 22 سنة الذى يعد أحد المتضررين حيث توفى أخوه الأصغر وكان يُدعى «أحمد» 9 أعوام فى الشاطئ ذاته بداية من شهر يونيه الماضى. ويضيف أنهم سافروا لقضاء يومين هناك هروبًا من حر الصيف فى القاهرة وبالفعل استقروا فى إحدى الشقق المفروشة المطلة على الشاطئ، وأثناء تواجدهم فى المياه ظل أخيه الأصغر يصرخ وهو يغرق، وعلى الرغم من محاولة علاء إنقاذ أخيه إلا أنه لم يستطع، فقد تمكن من إخراجه من المياه، ولكن خرج جثة هامدة، مشيرًا إلى أنه كاد يفقد هو الآخر حياته أثناء إنقاذ أخيه حيث كادت المياه تسحبه هو الآخر، لكنه تمكن من الإفلات منها واستطاع انتشال جثة أخيه بعد وفاته. ذهب علاء بأخيه إلى المستشفى عقب انتشاله من الماء أملًا فى أن يكون حيًا إلا أنها كانت مجرد أمنية حيث تأكد من وفاة أخيه، وعلم بعدها أن هذا الشاطئ متكرر حوادث الغرق بداخله - حسبما قال. شاطئ رأس البر الجديد على الصعيد ذاته تروى «حنان مرزوق» 40 عامًا، أنها ذهبت فى منتصف شهر رمضان لرأس البر لتقضى المصيف مع عائلتها المكونة من والدها ووالدتها وأخيها الأصغر منها والبالغ من العمر 17 سنة، إلا أنهم عادوا بدونه. وتروى تفاصيل الواقعة، أنهم أقاموا بفندق رأس البر الجديد، وكانوا ينزلون الشاطئ المقابل للفندق والخاص به ويسمى هو أيضًا شاطئ «رأس البر الجديد» ومرت ثلاثة أيام على تواجدهم دون مشاكل، إلى أن جاء اليوم الموعود، ساعة أن قرر أخوها النزول للسباحة ولم يعد، حيث رأته أخته وهو يغرق وتعالت صرخاتها دون جدوى، حيث رفض رجل الإنقاذ هو الآخر التدخل لإنقاذ الغريق مرددًا جملة «كل يوم حد بيموت»، هذا بخلاف امتلاء الشاطئ عن آخره بالحشرات والقناديل. أسباب الغرق يعلق سيد إبراهيم، كابتن إنقاذ سابق بأحد شواطئ الإسكندرية، على كل الحوادث السابقة، مؤكدًا أن أسباب الغرق كانت الضخور المدببة التى يهملها عدد كبير من المصيفين والسباحين، حتى أن بعضهم يبحث عنها ليذهب ويقف بجوارها، موضحًا أن هناك بعض الأمور وجب على المصيفين التأكد منها أولًا قبل الدخول إلى أى شاطئ، على رأسها التأكد من وجود سيارات إسعاف وطاقم إنقاذ كامل والمكون من 4 سباحين مدربين فى كشك الإنقاذ، وهذا العدد هو ما حددته وزارة السياحة نفسها، ومن المفترض أن تتبع كل الشواطئ هذه التعليمات تفاديًا لأى مساءلة قانونية - حسب وصفه. وينصح سيد، المصيفين بعدم السير داخل المياه على الصخور، خاصة أن كانت مدببة مما يسهل الانزلاق من عليها، ويضيف «سيد» أنه وجب الحذر الشديد من حالة المياه، فكل يوم يختلف عن اليوم الذى يليه من حيث سرعة الأمواج واندفاعها ولا يجب الاستهانة بمثل هذه الأمور التى قد يترتب عليها حياة المُصيف نفسه. فى الوقت ذاته صرحت «سعاد الخولى» نائب محافظ الإسكندرية سابقًا أنهم أعدوا خطة يستطيعون من خلالها تطوير شواطئ الإسكندرية، بهدف توفير أكبر قدر ممكن من الأمان لأهل وزوار مدينة الإسكندرية. والتى تتلخص فى توفير كميات أكبر من الصخور داخل الشواطئ، ومنع السياحة فى الأماكن الخالية منها أو التى تهدد حياة المترددين عليها، كما أكدت «الخولى» على أهمية توفير سيارات إسعاف وغواصين بشكل أكبر داخل كل شاطئ، بالإضافة لضرورة أن تكون هناك دوريات كل ساعتين فى مياه البحر يقوم بها الغواصون المحترفون للتأكد من سلامة كل الزوار بشكل أكثر أمانًا.