نهاية عصر الأبطال بداية لعصر حرية الصحافة.. ونهاية عصر الشهداء بداية عصر الدولة الحديثة القول بأنه لا يوجد بديل للسيسى إهانة للوطن.. وإذا ترشح مرة أخرى لن يحصد نفس النسبة السابقة لن تكون هناك ثورة ثالثة ولكن فوضى شاملة.. وأحذر من الانهيار المفاجئ تيران وصنافير مصريتان والقضايا المتعلقة بالسيادة والأمن القومى لا تموت بالوقت من الخطر أن يتحدث الرئيس عن أننا شبه دولة دون أن تكون لديه خطة لإعادة البناء السياسات الحالية لا يمكن أن تستمر..وبدون بوليصة تأمين حقيقية للنظام سيكون فى العراء السياسى الشرطة تحتاج إلى إصلاح وهذا ليس عيبًا ولا سحبًا للثقة منها عرض الرئيس لتفاصيل مشروعاته ضمن كشف حساب العامين لا يصلح وحده.. لأنها ستكون بلا مسار سياسى نقابة الصحفيين لا يمكن أن تخسر معركتها واقتحام الداخلية متعمد لإذلال الصحفيين وكسر شوكتهم تحليلات صادمة وجريئة أدلى بها الكاتب الصحفى عبد الله السناوى فى حواره مع «الصباح».. يعلو صوته عندما يتحدث عن يناير، ويحذر من غضب قطاع كبير من الشباب نحو الإساءة المتكررة والمتعمدة فى أحيان كثيرة لهم، متهماً أطرافًا فى الدولة بالتمسك بمن طلب الثأر من ثورة يناير، لكنه يطرح وبتعقل رؤية لحل أزمات يعيشها النظام الحالى.. تحدث بشفافية ووضوح حول 30 يونيو وما تبعها من أحداث وما يكتنف بعض المشاهد من غموض.. وإلى نص الحوار: لماذا غابت السياسة عن المشهد المصرى؟ - قبل وأثناء 30 يونيو كان هناك زخم وفائض سياسة فى مصر، وكان لدينا مجتمع قلق على مستقبله ويخشى التحول إلى دولة دينية أو الاختطاف الكامل والنهائى لثورة يناير، كان هناك تسيس قلق، بمعنى أن الناس تتكلم فى السياسة والشأن العام وتعرب عن اعتراضاتها وتتابع ما يقال فى التليفزيون أو الصحف، وتسأل وتستقصى بدواعى القلق. ثانيا: كان هناك تسييس مباشر للقضايا والخيارات الكبرى فتيار الإسلام السياسى، وفى القلب منه جماعة الإخوان المسلمين كان يعتقد أن لديهم قضية الشريعة، والتحول إلى دولة دينية فى ظل قضية مقدسة، مستخدمين مسوغات الشرعية وصندوق الانتخاب للانقلاب على الفكرة الديمقراطية كلها، وفى المقابل وقفت جبهة الإنقاذ الوطنى التى تشكلت بعد الإعلان الدستورى تحت ضغط وخوف من تصدع الدولة أو خسارة طابعها التاريخى، وبدأ كثيرون يكتبون عن مصر التى لم نعد نعرفها، ولكن تحت ضغط الحوادث والطبقة الوسطى المدنية التى كانت تطلب وجود مظلة سياسية واسعة تتحرك داخلها بعد 30 يونيو وتحولاتها جرى ضرب التيار الإسلامى من كل القوى، وهنا ضُرب نصف المكون السياسى الموجود فى مصر النصف الثانى، وهو نصف الأغلبية الذى يعبر فى حقيقة الأمر عن أغلبية المجتمع، والقوى التى خرجت فى 30 يونيو لأول مرة فى التاريخ جبهة سياسية تصل إلى الحكم وتقرر فى نفس اللحظة حل نفسها أو تفككها. لماذا برأيك وقع تفكك جبهة الإنقاذ؟ - كل طرف كان يعتقد أن الفرصة مُتاحة أمامه ليحصل على حصة أكبر من الكعكة، وفى نفس اللحظة كانت جماعات الشباب التى كانت فى التيار الديمقراطى، وفى تمرد تعتقد أن بعض الوجوه بالأخص التى تتصدر جبهة الإنقاذ إذا تم إحياؤها فإن حركة الثورة سوف تأخذ مداها، لكن كل الرهانات ثبت خطأها وافتقدت مصر الظهير السياسى لثورة يونيو، وبالتالى جرى اختطافها بسهولة نسبيا كما جرى اختطاف يناير بنفس السهولة. نعود لغياب السياسة.. ما هو السبب الرئيسى لافتقادها الآن؟ - هناك أطرافاً فى الدولة تمسكت بمن طلب الثأر من ثورة يناير، وكان هذا استنتاج خطير لانهم ضربوا مبكرا فى أساس الشرعية أو جذر الشرعية، وكأنهم يضربون الجذر السياسى، وحدث تغول لكل ما هو أمنى على كل ما هو سياسى وحدث هذا فى الجامعات والأحزاب والبرلمان وطريقة تشكيله، وهذا أفقد مصر قدرتها على بناء طبقة سياسية جديدة تنتسب إلى ثورتى يناير ويونيو بشكل طبيعى، فضلاً عن الصدام مع الأجيال الجديدة وإثارة كراهيتها على نحو فادح، مما يشكك فى صحة المسار السياسى العام، وهذا كان ضرب فى السياسة وجدواها، ثم إنه وبعد 30 يونيو وفى وسط الحرب على الإرهاب بدا لقطاع كبير فى الرأى العام أن طلب الاستقرار يقتضى التنازل عن طلب الديمقراطية أو التعددية السياسية، لكن هذا الرهان لا يمكن التعويل عليه طويلاً لأن كتلة الاستقرار تتآكل بالاستمرار مع المشاكل الاقتصادية والاستراتيجية، ودون «بوليصة تأمين» حقيقة لنظام الحكم الحالى سوف يكون فى العراء السياسى. هل يوجد صراع أجهزة فى مصر؟ - أعتقد أن هناك صراع أجهزة ضاريًا وليس له مثيل فى تاريخ مصر فى كل العهود الملكية والجمهورية، ويكفى أن نطل على الفضائيات لنستشعر من كلام بعض المتحدثين باسم الأجهزة أن هناك تنازعًا، كأن يقول أحد المذيعين لآخر: «آنت تعمل مع الأجهزة الأمنية»، فيقول له: «وأنت أيضًا»، ويصل الأمر إلى هذا الحد، ويبدو أن كل جهاز يُصفّى حسابه مع الآخر عبر بعض مندوبيه فى الإعلام وهذا نوع من التفلت يوضح هشاشة الوضع السياسى العام وغياب القواعد، وفى النهاية الأجهزة الأمنية تتدخل فى كل مكان فى العالم والفارق بين جهاز أمنى وآخر هو آليات التصحيح والتصويب والمتابعة فى القواعد، وإذا أخطأ جهاز يحاسب، لكن لدينا لا يوجد حساب وتلك مشكلة كبيرة جدًا، لا يوجد جهاز أمنى معصوم من الخطأ، وعلى سبيل المثال بعد نكسة 1967 جرى التحقيق فى انحرافات جهاز المخابرات العامة، وتولى التحقيق فى الانحرافات اثنان، هما: اللواء محمد نسيم وكيل جهاز المخابرات، وهو أفضل ضابط مخابرات فى تاريخ المخابرات المصرية، وكان معروفًا باسم «نسيم قلب الأسد»، والثانى هو المهندس حلمى السعيد وزير الكهرباء والسد العالى، والاثنان حققا فى الأمر، وكان تغول الأجهزة الأمنية أحد أسباب النكسة، وجمال عبدالناصر أسماها دولة داخل الدولة ومراكز القوى، التصحيح لم يكن عيبًا بل حافظ على هيبة وقوة المخابرات العامة، ولم يضعفها التصحيح فى جهاز الأمن الرئيسى والتصحيح فى القوات المسلحة وإيلاء القيادة للأكثر حرفية ومهنية، ومن له خبرات عسكرية تؤهله لقيادة المعارك أدى الى النجاح فى حرب الاستنزاف والانتصار فى حرب أكتوبر. إلى ماذا نحتاج فى هذه اللحظة بخصوص هذا الملف؟ - نحن نحتاج بعد ثورتين، وفى ظل وجود تخريب فى الجهاز الأمنى فى وزارة الداخلية إلى إصلاح، وهذا ليس عيبًا ولا سحبًا للثقة من الشرطة، لكنه تأكيد للثقة فى الشرطة، واتساق عملها مع الدستور والقيم الحديثة، والمشكلة أنه بعد ثورة يناير كانت هناك دعوات لإعادة هيكلة وزارة الداخلية ولكن هذا الشعار الصحيح اختطفته جماعة، وأصبح الهدف الفعلى هو أخونة الشرطة، وفى هذا الوقت كانت هناك دراسات كثيرة جادة للإصلاح الأمنى، وأرجو من قيادات وزارة الداخلية أن تسحب من الدرج كل الدراسات التى أعدها خبراء أمنيون معنيون بإصلاح الجهاز الأمنى، وتشكل لجنة عليا للإصلاح الأمنى تضم أساتذة قانون وتضم حقوقيين من المجلس القومى لحقوق الإنسان، وتضم خبراء أمنيين ومثقفين وسياسيين، وتنظر فى الإصلاح والثقافة العامة للشرطة والتدريب وسوف تحدث أخطاء بعدها، ولكن يتم المتابعة والرقابة والتصحيح حتى نصل للهدف المرجو، نحن نحتاج الى إصلاح، وبدون إصلاح لن يكون هناك حل ولن تفلح حركة التغييرات، والمنظومة بالكامل تحتاج إلى إعادة نظر فيها جذريًا، والأهم هو احترام الدستور والقيم الدستورية، والرئيس شدد على أننا نبنى دولة قانون ومؤسسات، وأول شروط دولة القانون ألاّ تتغول أى مؤسسة على غيرها، وان تضطلع كل مؤسسه بمهامها الدستورية دون تجاوز. ما سبب التناقض بين ما يطلبه الرئيس فى العلن وما يحدث على أرض الواقع؟ - أنا أطالب ان تتسق الطلبات مع التعهدات بخصوص دولة القانون ودولة المؤسسات، فلدينا خلل كبير جدًا ولن نستطيع أن نتجاوزه إلا بخطط عمل واضحة ومعلنة، ولن نتحول إلى دولة مؤسسات بين يوم وليلة، ولكن لابد أن يكون هناك خريطة طريق نسير وفقًا لها وبإصرار، أول شىء احترام الدستور وقوانين تتسق مع الدستور وإذا كانت بعض التعديلات التى أدخلت على قانون الإجراءات الجنائية تعدل مثل الحبس الاحتياطى الذى أصبح عقوبة، وأقصد أن يكون هناك حزمة قوانين تتسق مع الدستور وأسير وفقًا لها ولا ألتف عليها، ومرة أخرى سوف يكون هناك أخطاء فى التطبيق لكن ستكون هناك آليات للتصحيح والمتابعة ووحدة القياس فى النهاية احترام الدستور، وغير هذا نكون نتكلم عن النوايا ويمكن أن نتحدث عن النوايا فى سنة أو اثنتين، وأقصد نوايا الرئيس. ألا يجب الانتظار حتى يقدم الرئيس «كشف حساب» بعد عامين؟ - بعد سنتين نحن نحتاج أن نراهن على الحقائق التى على الأرض، وأعتقد أن الرئيس عندما يكمل عامه الثانى فى الرئاسة لا مجال للحديث عن النوايا فنحن نريد أن نرى سياسات واضحة، والرئيس يتكلم أنه سوف يقدم فى نهاية العامين كشف حساب، وأنا أعتقد أنه سوف يذكر بالتفصيل المشروعات والإنجازات التى حققها، وأظن أن هذا لن يكفى ولا يصلح وحده كرؤية واضحة، لأنها ستكون بلا مسار سياسى، وعلى سبيل المثال مبارك الذى عزله الشعب فى ثورة شعبية إذا نظرنا إلى بعض إنجازاته فى مجال المدن الجديدة نستطيع أن نقول إن شرق القاهرة كله يعود إلى مبارك بما فيه، القطامية، والقاهرة الجديدة، والشروق التى سيكون امتدادها العاصمة الجديدة، وإذا نظرنا إلى أكتوبر، والمحور، والطريق الدائرى سنجدهم منسوبين لمبارك، ولا يوجد عهد خال من إنجازات البناء والمشروعات، ومع ذلك طرده شعبه من التاريخ بالثورة الشعبية لأن اختناق القنوات السياسية والاجتماعية هو الذى أفضى إلى الثورة، وكان هناك زواج للسلطة بالمال وفساد منهجى ينخر فى الدولة ونهب للموارد العامة لا مثيل له، فضلًا عن المظالم الاجتماعية وتغول الدولة البوليسية، واختراق الأحزاب والجامعات وهذا أدى إلى أن الثورة أتت من خارج السياق خارج كل مؤسسات الدولة بما فيها أحزاب المعارضة، ويمكن أن تأتى الحركة أو الغضبة من خارج السياق، وهذه المرة لن تكون هناك ثورة ثالثة ولكن أكثر السيناريوهات ترجيحًا أن ندخل فى فوضى شاملة. ما الذى تخشاه إذا استمرت الأمور على هذا النحو؟ - ما أحذر منه وأخشاه هو الانهيار المفاجئ، وهذا خطر حقيقى على مصر وأنا أعتقد أن هناك حقيقتين هما صلب المشهد العام فى مصر، الحقيقة الأولى: أن السياسات والأوضاع الحالية لا تستقيم ولا يمكن أن تستمر، الحقيقة الثانية: أن مصر فى نفس اللحظة لا تحتمل أى إخفاق جديد، وسط الانهاك الاقتصادى والاستراتيجى والاجتماعى، وبالتالى لابد من حل، ولن يكون هو عودة الدولة البوليسية أو تقليص المجال العام أو لغة القمع والتخويف، والرئيس قال: «متخافوش» من المحسوبية والفساد، ولكن هذا يتطلب رؤية وسياسات واضحة تحارب المحسوبية والفساد ولا نخاف من تضييق المجال العام وهذا يتطلب الإفراج عن المعتقلين وكل أصحاب الرأى وتوفير بيئة صحية لمصالحة الدولة مع شبابها لماذا غابت رموز الفكر والسياسة عن مشهد الفعل فى مصر؟ - عندما يُجرّف المجال العام وتُضيق حريات التعبير بشكل أو آخر، فمن الطبيعى أن الطبقة السياسية تتآكل أو تضعف أو يصيبها الخوف، لأن الاطمئنان من متطلبات القدرة للتعبير عن الرأى، وأنا قلت متى نكون دولة حديثة متقدمة؟ قلت عندما لا يكون الصحفى بطل ولا شهيد وأن يقول وجهة نظره وفق القانون ويُحاسب عليها وفق قواعد حديثة، ويذهب إلى بيته مطمئنًا، وهناك أبطال بالطبع ولكن أتصور أن نهاية عصر الأبطال هو بداية عصر حرية الصحافة بمعناها المؤسسى التاريخى، ونهاية عصر الشهداء بداية عصر الدولة الحديثة، والحديث أننا نريد نخبة جديدة فهذا كلام أجوف، والنخب تصنع فى تاريخ ولا تصنع بقرارات من حاكم، والنخب السياسية تنشأ فى ظل حرية الحركة والتفكير الأكاديمى والعلمى والحركة الطلابية، ونحن لدينا نخبة السبعينيات ولا تزال فى المشهد وخرجت من رحم الحركة الطلابية وكثير من الشخصيات العلمية خرجت للتنوير من حرية البحث العلمى، أو تخرج أحيانًا كوادر تنشئ من ظلال الأحزاب. أزمه نقابة الصحفين كيف تراها الآن؟ - لا أعتقد أن نقابة الصحفيين فى أى مدى منظور سوف تخسر معركتها على وجه الإطلاق، ولم يحدث فى التاريخ أن دخلت نقابة الصحفيين معركة أو دخل الصحفيون معركة وتم خسارتها، ولكن كان لها شروط متى اتفقت كلمتهم وتوحدت صفوفهم، وهناك ظواهر سلبية حدثت أن الصحف التى تبنت قرارات الجمعية العمومية فى اليوم الثالث فى كل مانشيتاتها وأنزلت صورة وزير الداخلية كما تم الاتفاق بعد 48 ساعة أو أقل تم تغير الموقف بصورة حادة، وحسب روايتهم أنهم تيقنوا أنهم خُدعوا، والحقيقة أنهم لم يخدعوا بل تعرضوا لضغوط لا قبل لهم بها، وبدا أن الدولة توظف إلى حد كبير ملفات لديها فى ممارسة هذه الضغوط وبعض هذه الملفات اقتصادية وبعضها الآخر سياسية، والمشكلة أن النقابة فى لحظة استعراض قوتها نُزعت أنيابها (ممثلة فى الصحف)، وتجدر الإشارة إلى أن التعبئة ضد الصحفيين أخذت مدى غير مسبوق ب«شيطنة الصحفيين» وبدأ يُشتم الصحفيين لكونهم صحفيين بدون ارتكاب ذنب أو جريمة، وصُوّر الأمر أنهم فوق القانون، وعلى رؤوسهم ريشة وهذا غير صحيح، لأن نقطة الخلاف الجوهرية لهذه الأزمة أنه جرى اقتحام النقابة بلا سند قانونى ولم يكن أحد يعترض على تنفيذ القانون أو الضبط أو الإحضار، ولكن الإجراءات وفق المادة 70 من قانون نقابة الصحفيين تقتضى حضور ممثل النيابة فى حضور نقيب الصحفيين أو من يمثله فكان الاقتحام الذى لا مثيل له هو انتهاك لحرمة النقابة. هل تظن أن الاقتحام كان يحمل ترصداً بالنقابة؟ - أعتقد أن الاقتحام متعمد لإذلال الصحفيين وكسر شوكتهم، ومنع أن تكون نقابتهم مكانًا للحريات العامة والتنوع الطبيعى فى وجهات النظر فى المجتمع أو الاعتراض على بعض القرارات الرسمية مثل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وأعتقد أن هذا هو الهدف الحقيقى. وكيف ترى دور البرلمان فى حسم قضية الشارع المصرى فى أزمة تيران وصنافير؟ - كان هناك توجه لإرجاء إرسال القضية للبرلمان فى الدورة الحالية، ويبدو أن هناك توجهًا جديدًا وهو الإسراع بتقديم الاتفاقية، ونحن أمام فرضيتين الأولى: إرجاء النقاش حول الاتفاقية فى الدورة الحالية لتهدئة الأوضاع، والفرضية الثانية: بعد أحداث نقابة الصحفيين وفى فرض جو الخوف والذعر، وتراجع الاحتجاجات الشعبية على الاتفاقية الإسراع وخير الاتفاقية عاجلها، وفى جو الخوف والذعر يتم الأمر وفى الحالتين نحن أمام مشكلة، مثل هذه القضايا الحساسة المتعلقة بالسيادة والأمن القومى لا تموت بالوقت حتى إذا أُقرت الاتفاقية سوف يفضى ذلك إلى زعزعة فى جذور الشرعية وبالتالى الكبت له ردود فعل عكسية. هل يوجد بديل للسيسى عند إجراء الانتخابات الرئاسية فى 2018؟ - الأفراد مهما كان قدرهم ليسوا بدائل بأنفسهم فى أى وطن من الأوطان، بل يتم انتدابهم للعب أدوار معينة، فعندما يُقال لابديل فتلك إهانة للوطن ولأى عصر، بل يوجد البديل وباستمرار هناك البديل، وبعد جمال عبدالناصر بحجمه التاريخى كان هناك بديل نقبله أو نختلف معه هناك دائمًا بديل، ولو فكرة أنه لا بدائل هناك لما جاء عبدالفتاح السيسى، وهو كان أحد البدائل المطروحة الذى انتخبه شعبه بأغلبية، وثانيًا فإنه من مصلحة مصر بقاء السيسى فى منصبه واستكمال مدته الرئاسية وهو من يقرر أن يترشح مرة أخرى أو لا يترشح، فهذا حقه الدستورى ولا أستطيع أن أقول لا بديل له وإلا أكون قد ألغيت الدستور وألغيت الانتخابات، وإذا جدد الشعب الثقة فيه بانتخابات حرة، فهذه شرعية دستورية، ثم إنه فى المرة الثانية يقينًا لن يحصد نفس النسبة التى حصدها أول مرة وهذا أدعى للديمقراطية. كيف ترى تصريح السيسى أننا شبه دولة، وهل تعتبره تصريحًا مقبولًا من الرئيس للرأى العام؟ - حقيقة فإننا شبه دولة، وهذا توصيف صحيح، ويجوز للرئيس أن يصرح بذلك للرأى العام، وعندما يقول إننا شبه دولة، فمعناه بمنتهى البساطة أننا لسنا دولة مؤسسات، وثانيًا أننا لسنا دولة حديثة ولسنا دولة مدنية أو دولة قانون، وأن مؤسسات الدولة وجهاز الدولة الحكومى متداع ومتصدع وغير قادر على الوفاء بمهامه، ومعناه أن كل شىء أحيل إلى المؤسسات الأمنية وأصبحت مكلفة بملء الفراغ وحدها، كلمة «شبه دولة» تتناقض بطريقة مفزعة مع كون مصر أقدم دولة فى التاريخ، وعندما يقال اليوم إنها شبه دولة هذا فيه إدانة للتخريب والتجريف الذى حدث قبل 25 يناير واعتراف بشرعيتها، ولكن من الخطر أن يتحدث الرئيس عن أطلال دولة وشبه دولة، دون أن تكون لديه خطة لإعادة بناء الدولة عبر إصلاح الجهاز الأمنى وأجهزة الدولة وشركاتها ومؤسستها التنموية، حتى لاتُسند كل المشروعات إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ورغم أن دور الهيئة الهندسية فى ملء الفراغ مُقدر، ولكن دورها الطبيعى أن يعود الجيش إلى مهامه، وأن تكون لدينا مؤسسات تضطلع بمهامها فى بناء البلد هذا هو البناء كى لا نكون شبه دولة، وعندما نشاهد افتتاحات المشروعات نتيقن على الفور أنها شبه دولة عندما يكون القطاع العسكرى هو من يتولى مهام التنمية والبناء، والقطاع المدنى خفى وعندما يتساءل الرئيس عن سبب عدم وجود اسم رئيس الوزراء شريف إسماعيل، على لافتة أحد المشروعات فأنا أعتقد أنها مجاملة، لأنه فى الحقيقة ليس له دور، فلماذا وبأى مناسبة؟ فالذى بنى هى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وشريف إسماعيل هو كان موجودًا بصفة بروتوكولية، وليس بصفة رجل يشرف على جهاز يقوم ببناء الدولة، وحتى المداعبات بتعبير «شبه الدولة» رئيس الحكومة وفقًا للدستور شريك فى صنع السياسات العامة، بينما فى حقيقية الأمر أن مركزه لا يزيد على اسم سأل الرئيس عن عدم وجوده.