المجلس طلب من «العدل» قانونًا جديدًا للكسب غير المشروع.. والوزارة اكتفت ب«الترقيع» أزمة طاحنة تشتعل بين مجلس النواب ووزارة العدل، بسبب قانون الكسب غير المشروع الذى يسمح للسارق بالتصالح مع الدولة مقابل رد ما استولى عليه دون توقيع عقوبة جنائية، حيث امتنعت الوزارة عن إرسال مندوب منها إلى البرلمان، لحضور جلسات مناقشة تعديلات القانون لأربع مرات على التوالى، مما دفع المستشار بهاء أبوشقة رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالمجلس إلى تهديد الوزارة بالتصعيد ضدها داخل المجلس، إذا استمرات فى الامتناع عن إرسال مندوب عنها. أكد مصدر قضائى أن تعديلات قانون الكسب التى ينظرها البرلمان تعود إلى عهد المستشار أحمد الزند وزير العدل السابق، والذى أقنع الحكومة بضرورة تعديل القانون بشكله الحالى لإعادة أموال الدولة المنهوبة فى الداخل، من خلال توسيع دائرة الخاضعين للقانون وإلزامهم بتقديم إقرارات الذمة المالية لهم ولأبنائهم، وبالفعل تم عمل التعديلات المطلوبة التى سمحت فى البداية لرموز نظام مبارك بالتصالح فى القضايا المتهمين فيها بالاستيلاء على المال العام وإسقاط التهم عنهم. وأشار المصدر إلى أن الأزمة المشتعلة بين مجلس النواب والعدل ترجع إلى رغبة البرلمان فى إعداد مشروع قانون جديد بواسطة لجنة الشئون التشريعية، بدلاً من القانون المعدل الذى سبق وتم سحبه فى عهد رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب عام 2014، بعد أن تم الاعتراض عليه من قبل اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، وذلك قبل أن يتدخل «الزند» بتعديلاته، بينما تصر الوزارة على إجراء تعديل على القانون الحالى. فيما أكد النائب أحمد حلمى الشريف وكيل لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالبرلمان، أن اللجنة أرسلت إلى وزارة العدل خطابًا تطالب فيه بقانون جديد للكسب غير المشروع وليس تعديلًا على بعض مواده مما يمثل «ترقيع للقانون»، إلا أن الوزارة لم ترد على الطلب، وإذا استمرت فى تجاهل اللجنة وعدم إرسال مندوب عنها لمناقشته فى التعديلات سيقوم البرلمان بإعداد مشروع القانون بنفسه وهو حق من حقوق المجلس. أما د. سوزى ناشد عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، فأكدت أن وزارة العدل تخلفت ثلاث مرات عن إرسال مندوب يمثلها ليتم مناقشته فى التعديلات التى أعدتها الوزارة على قانون الكسب، مما يعتبر تقاعسًا عن أداء وظيفة منوط بها مساعد الوزير. بينما أوضح المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه طبقًا لأحكام الدستور الذى نص على أن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع كان على المشرع أن يفند التاريخ ليعلم جيدًا أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» حينما جاء إليه قوم يطلبون منه العفو لإحدى السيدات صاحبة مال ونفوذ قد سرقت، أخبرهم بأن فاطمة لو سرقت لقطع يدها. وتابع «الجمل» قائلًا: «تعديلات القانون بهذا الشكل غير دستورية لأنه أغفل توقيع عقوبة جنائية على السارق، لأن الجانى إذا ما أمن العقاب أساء الأدب، وعليه يمكن وصف هذه التعديلات بقانون «اسرق واتصالح»، وبالتالى فإن الشخص الذى يسرق محفظة نقودك فى المواصلات العامة لا يختلف عن الموظف الذى يسرق المال العام، لكن العقوبة مختلفة فالموظف العام يرد ما استولى عليه بشكل غير مشروع والحرامى ينال عقوبة السجن، رغم أن مبدأ رد الأموال بالاتفاق دون محاسبة مخالف للأعراف القانونية». وكانت التعديلات التى نص عليها قانون الكسب، قد تضمنت فئات جديدة لم تخضع له سابقًا، ومنهم رئيس وأعضاء مجلس النواب ورؤساء وأعضاء المجالس الشعبية المحلية وغيرهم ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، ورؤساء الأحزاب وأعضاء الهيئات القائمة على شئونها، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة وسائر العاملين فى الهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها والشركات القابضة والتابعة، أو التى تساهم الدولة بنصيب فى رأسمالها، والجمعيات التعاونية والاتحادات الرياضية، والمؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام التى تساهم الدولة بنصيب فى رأسمالها، والجمعيات والمؤسسات الأهلية. ونص تعديل المادة 14 مكرراً، الفقرة الأولى، على أنه «يجوز التصالح فى الجريمة المنصوص عليها بالمادة (18) من هذا القانون خلال سنة من تاريخ سريانه، ومادة 14 مكرراً (أ)، الفقرة الأولى، التى تنص على: للمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهما الخاص فى مرحلة المحاكمة، طلب التصالح أمام المحكمة برد جميع ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، وذلك فى أي صورة كان عليها، فضلاً عن الفوائد القانونية المستحقة على مبلغ الكسب مقدرة بسعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزى، بالإضافة إلى غرامة تأخير 2 فى المائة سنوياً حتى تمام السداد، وفى هذه الحالة تمنح المحكمة طالب التصالح أجلاً مناسباً لاتخاذ إجراءات التصالح».