الرقابة ترفض التصريح بتصويره لمحاولة تشويه الشرطة والقضاء بالتواطؤ مع قوات الاحتلال آنذاك ريا وسكينة تعملان فى الدعارة.. وحسب الله وعبدالعال جنود فى الجيش المصرى مازال فى قصة ريا وسكينة بقية قصة مثيرة تلهث خلفها الأقلام وعقول المبدعين وصناع السينما والدراما رغم مرور أكثر من 90 عامًا على القضية، «ريا وسكينة» تلك الشخصيات الثرية دراميًا، والمتهمتان الأشهر على الإطلاق فى عالم الجريمة المنظمة فى التاريخ المصرى والتى لا يضاهيها شهرة سوى «خط الصعيد» واللتان تم الحكم عليهما بالإعدام ضمن الحكم على تنظيم قتل النساء كاملًا ومنهم حسب الله ومحمد عبد العال زوجا المتهمتين وشريكاهما فى قتل نساء الإسكندرية، وما بين المسرح والسينما والتليفزيون تم تقديم شخصيات ريا وسكنية وعبدالعال وحسب الله، كل حسب رؤيته الدرامية لتلك الشخصيات، فتارة تقدم فى إطارها الحقيقى فى أعمال تناولت جرائمهم، وتارة أخرى تقدم فى أشكال كوميدية ساخرة مثل المسرحية الشهيرة «ريا وسكينة» للكبيرتين شادية وسهير البابلى والراحل عبد المنعم مدبولى، وطوال التسعين عامًا الماضية لم يختلف صناع الفن على طبيعة شخصيات ريا وسكينة وأنهما رمز للجريمة المنظمة وتستحقان الإعدام نتيجة جرائمهما، لكن يبدو أن صناع فيلم «براءة ريا وسكينة» كانت لهم رؤية مختلفة للقضية، حيث قدم السيناريست أحمد عاشور رؤية سينمائية مختلفة لتلك الشخصيات وقرر السير عكس الاتجاه ليؤكد براءتهما من كل التهم المنسوبة لهما وأنهما تعرضتا لحملة تشويه ممنهجة تاريخيًا، ويظهر الكاتب فى سيناريو الفيلم الذى حصلت «الصباح» على نسخته النهائية أن ريا وسكينة ومعهما عبدالعال وحسب الله كانوا مواطنين صالحين يعملون ضد الاحتلال الإنجليزى، حيث تبدأ أحداث الفيلم من انتقال ريا وشقيقتها سكينة إلى الإسكندرية فى فترة الاحتلال الإنجليزى لمصر، وأنهما تعرضتا لعملية نصب على يد إحدى السيدات التى قامت بسرقة أموالهما لتضطرا سويا لطرق عدة أبواب للعمل وكسب الرزق، إلا أن الظروف كانت أصعب من تحملهما لتقرر الشقيقتان العمل فى الدعارة التى كانت مقننة فى ذلك التوقيت وتحققا مكاسب كبيرة من العمل فى الدعارة وتتزوج الشقيقتان من عبدالعال وحسب الله، وهما مجندان فى الجيش المصرى ولا يعلمان طبيعة عملهما فى الدعارة التى تسهل للشقيقتين بعد ذلك العمل الوطنى من خلال تعرف إحداهما على أحد الشخصيات الثورية المعروفة فى حزب الوفد الذى يكلفهما باستقطاب عساكر الإنجليز لممارسة الرذيلة ويقومون بقتلهم ودفنهم، وبعد علم الحاكم الانجليزى لمدينة الاسكندرية بالمؤامرة يقرر التخلص من ريا وسكينة والتنظيم الذى يقتل العساكر كاملًا، لكنه يفكر فى حيلة حتى لا يثير الرأى العام ضد الاحتلال فيعقد صفقة مع أحد اصدقائه من ضباط الشرطة المصرية بالتخلص من التنظيم وذلك عن طريق دفن عدد من الجثث بالقرب من منزل ريا وسكينة «وهو ما اعترضت عليه الرقابة فى السيناريو لتشويهه جهاز الشرطة»، وبمجرد انتشار رائحة الجثث تقوم الشرطة بالقبض عليهم وإيهام الرأى العام أنهم يقومون باستدراج النساء وقتلهن وسرقة مصوغاتهن، وأن الشرطة استطاعت الوصول للسفاحين الذين كدروا السلم العام لعدة سنوات ليقوم القضاء بعد ذلك بالحكم عليهم بالإعدام. الفيلم واجه العديد من الأزمات الرقابية خلال الفترة الماضية، وتم رفض التصريح بتصويره من قبل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية عدة مرات بسبب العديد من الملاحظات الرقابية والتى تلخصت فى إهانة جهاز الشرطة والقضاء والإعلام باتهامهم بالتواطؤ مع الاحتلال الإنجليزى خاصة وأن الفيلم لا يحمل أي دلائل على صحة الوقائع المذكورة فيه والتى تتنافى تمامًا مع تاريخ هذا التنظيم الإجرامى، حيث قدمه المؤلف فى البداية باسم «رد اعتبار» على أنه واقع يجب الاعتراف به لريا وسكينة، ثم قام المؤلف بتغيير اسمه إلى «وجهة نظر» وكأنه يدلى بدلوه فى قضية تاريخية محسومة، إلا أن الرقابة رفضت الأمر حتى وإن كان مجرد خيال مؤلف لينتهى به الأمر إلى «براءة ريا وسكينة»، ليؤكد مؤلف العمل أن الأمر كله مجرد رؤية سينمائية جديدة لقضية ريا وسكينة وليس تحريفًا للتاريخ أو محاولة اثبات براءتهما بنفس منطق تقديمهما فى مسرحية كوميدية من قبل، ورشح المؤلف كلًا من سمية الخشاب ورانيا يوسف لبطولة الفيلم الذى رغم التصريح له مؤخرًا إلا أنه لم ير النور بعد. وفى انفراد خاص حصلت «الصباح» على نسخة سيناريو الفيلم ورصدت العديد من المشاهد التى تسببت فى رفض الرقابة له ومنها مشهد فى شقة الدعارة التى تديرها الشقيقتان والذى جاء فيه نصًا: مشهد 44 ليل / داخلى بيت «ريا» ريا: ماتقومى ترقصى يا سكينة، مالك فى ايه سكينة : والنبى ياختى ما عارفة حاسة انى رجلى مش شايلانى قطع أحد الجالسين: طب ما اشيلك انا يا جميل، دا انتى لهطة قشطة تتاكل حاف سكينة: وانت تقدر على القشطة ؟ أحد الجالسين بمراوغة: مابحبش غيرها بس انت أشرى سكينة تقف وتمسك يده: طب يلا نشوف ومشاهد أخرى داخل قسم الشرطة وغرفة التحقيقات قبل وبعد القبض على ريا وسكينة وتظهر فيها تأكيد الضابط على أنهما قتلتا السيدات اللاتى اختفين طوال الفترة الماضية. مشهد 101(تكمله لمشهد 91) نهار / داخلى قسم الشرطه (غرفة التحقيقات) - يدخن الضابط «على» سيجارته بتوتر ويفعل حركات بيده ورقبته بأسلوب غير طبيعى وبنظرات لا تركز على مكان محدد ويداه ترتعشان وهو يدخن السيجارة. قطع رئيس المباحث: وبعدين يا «على» فى قصة الستات اللى عمالة تختفى دى ؟ على : والله ما انا عارف، معقول يكونوا بيقتلوا الستات دى علشان يسرقوهم ؟ طب ليه ؟ ما ريا وسكينة مش محتاجين ومعاهم فلوس كتير وعبدالعال وحسب الله بيشتغلوا مع القوات، أكيد فى سر ورا الناس دى وأكيد فى راس بتحركهم. ليل / داخلى قسم الشرطة «غرفة التحقيقات» الضابط : 17 جثة مرة واحدة.. ما تنطقى يا بت انتى وهى، جثث مين دى وقتلتوهم ليه ؟ سكينة : يا باشا احنا ماقتلناش حد ريا «بنظرة حادة لسكينة»: ولو قتلنا يا باشا تفتكر هنبقى عارفينهم كلهم ؟ الضابط : دا انتى شكلك عايزة تتربى بقى، روقها يا عسكرى. وكذلك مشهد النهاية للقاضى وهو يلقى بحكم الإعدام على جميع المتهمين حيث يصرخ «عبدالعال» قائلا : «حسبى الله ونعم الوكيل ريا وسكينة ماقتلوش حد أنا وعبدالعال اللى قتلنا منك لله يا ظالم انت مابتعرفش ربنا». والمشهد ضمن عدد المشاهد التى تم الاعتراض عليها فى الرقابة بسبب التطاول على القاضى واتهام القضاء بالتواطؤ فى الأمر فى ذلك الوقت وهو الأمر المرفوض رقابيا والذى تسبب فى منع التصريح بتصوير الفيلم.