«الذكر» ب20 ألف و«الأنثى» ب10.. والخلو من الأمراض شرط الصفقة سمسارة الشرابية: «أنا بعمل ثوابًا وبحقق حلم المحرومين من الأطفال» الممرضة سمكة: توسطت فى بيع طفلة فى الأرياف لرجل ثرى وأهلها الأصليين يزورونها بشكل دائم ممرضة بمستشفى حكومى بحلوان بدلّت توءم بنتين لأم لديها 5 إناث مقابل ذكر المصرية للنهوض بالطفولة: 43 حالة اختطاف للأطفال حديثى الولادة عام 2015.. و70 فى المائة منها بالريف شروط المشترين: الوزن لا يقل عن 4 كيلو.. والتوءم ب 30 ألف جنيه للنوع الواحد.. و40 ألف للنوعين «وزنه بضع كيلو جرامات، صرخاته خافتة ولا يمكنها أن تصير ضجيجًا، وعمره يتراوح من ساعة إلى أيام قليلة عقب ولادته، فيُعبأ ويُلف كما السلع المعروضة لأغراض البيع والشراء، حتى تختفى ملامحه تمامًا، ويخرج من الباب الخلفى دون أن يراه أحد.. هكذا يمكن وصف المجنى عليه فى جريمة سرقة الأطفال حديثى الولادة من الحضانات، وهى الظاهرة الإجرامية التى انتشرت مؤخرًا، وساعد على انتشارها بعض الممرضات معدومات الضمير، مِمَن يُسهلن خروج الأطفال من المستشفيات.. وتكشف «الصباح» فى هذا التحقيق الموثق بالصوت والصورة والذى استمر لمدة شهر تقريبًا، طرق التحايل لسرقة الأطفال حديثى الولادة. «الديون» هى الخيط الأول الذى مكننا من الوصول ل «سمكة» وهو اسم الشهرة الذى يُطلق على سيدة أربعينية من سكان منطقة «الشرابية» بمحافظة القاهرة، ويعرفها جيرانها بأنها مديونة لبعض الأفراد، وتعمل ممرضة فى أحد المستوصفات، وتواصل محررا «الصباح» مع سمكة، وأوهماها بالاتفاق معها على دفع مبلغ 10 آلاف جنيه مقابل إحضار طفل حديث الولادة، وافقت «سمكة» بشرط أن تحصل على المبلغ أولًا، وبسؤالها عن كيفية إحضار الطفل قالت: «الموضوع بسيط، ناس كتير بتولد ومعندهاش فلوس تربى، أنا هوصل اللى عنده فلوس إنه يكون أسرة، وفى نفس الوقت هسدد ديونى، يعنى ثواب». وعلمنا من «سمكة» أن هناك بورصة لبيع حديثى الولادة، تتباين أسعار سرقة كل طفل على أساس عمره ولونه وشكله وخلوه من الأمراض، إذ يتراوح سعر الذكر من 15 ألفًا إلى 20 ألفًا بشرط خلوه من الأمراض، وألا يقل وزنه عن 4 كيلو، وكلما تراجع وزنه قل سعره، أما البنت فب 10 آلاف جنيه، والتوءم لا يقل سعرهما عن 30 ألف جنيه، إذا كانا من نفس النوع، و40 ألف جنيه إذا كانا نوعين مختلفين. ووفق مزاعم «سمكة»، فإنها لا تعتبر نفسها لصة أو مذنبة، مستندة إلى أن هناك آباء وأمهات يطلبون منها الوساطة فى عملية البيع، خاصة وأنها تعمل فى مستوصف فى قرية نائية لمحافظة الجيزة، ومعظم الأهالى هناك لديهم عدد كبير من الأبناء وأحوالهم الاقتصادية متدنية للغاية. وتعترف سمكة فى حديثها أنها كانت وسيطة فى بيع طفلة منذ سنتين، لافتة إلى أن والدى الطفلة لا يزالان يزورانها فى منزل الشخص الذى اشتراها، وهو من كبار أعيان القرية، مقابل 25 ألف جنيه، وتحمل تكاليف تعليم أشقائها حتى الآن. جريمة أخرى كان مسرحها الباب الخلفى لمستشفى حكومى متخصص فى الولادة وأمراض النساء بالقاهرة، كشفتها والدة الضحية، وجرت الواقعة قبل شهرين، عندما اتفقت «م.ك»، وهى من طاقم المساعدين لعمليات الولادة القيصرية بالمستشفى، مع أحد سماسرة منطقة بولاق أبو العلا على أن يتلقى منها طفلًا من الباب الخلفى للمستشفى، وهو الطفل «أحمد» الذى وضعته أمه بولادة قيصرية، وحملته الممرضة «م.ك» لغسله بالماء عقب الولادة وتجهيزه للخروج مع أمه، لكنها غيرت قبلتها وأخرجته لمكان آخر، حيث كان بينها وبين أحد السماسرة اتفاق على أن تحضر له طفل، مقابل مبلغ 7 آلاف جنيه، وبالفعل أخرجته من الباب الخلفى للمستشفى حتى قبل أن تنظف الطفل من آثار عملية الولادة، واستلمت المبلغ وهربت، وبعد أن شعر والدا الطفل بتغيبه واختفاء الممرضة أحدثا صراخًا وضجيجًا، واعترفت إحدى الممرضات على زميلتها، وقالت إنها رأتها تجرى وتخرج من الباب الخلفى للمستشفى، وعقب ضبط الممرضة اعترفت باتفاقها مع السمسار، وتمكنت عائلة الطفل المختطف من الوصول إليه، وقال والد الطفل إنه لم يُقدم على خطوة الإبلاغ عن اختطاف مولوده خشية أن يحدث مكروه لرضيعه. فى مستشفى حكومى بحلوان، كشفت إحدى الممرضات، طلبت عدم ذكر اسمها، أن المستشفى شهد منذ ثلاثة أسابيع حادثة غريبة تمثلت فى ولادة إحدى السيدات لتوءم «بنتين»، بينما كان لديها 5 بنات، وزوجها يريدها أن تنجب ولدًا، فاتفقت مع إحدى الممرضات على ما يمكن اعتباره مقايضة بحيث تأخذ الممرضة الطفلتين مقابل أن تجلب لها ولدًا، وذلك بالاتفاق مع سيدة أخرى كانت ستضع مولوديها التوءم فى نفس التوقيت، وتوسطت الممرضة بين السيدتين لإجراء جريمة الاستبدال. وأضافت الممرضة، أن زميلتها حصلت على مبلغ مالى كبير من السيدة الراغبة فى تبديل ابنتيها مقابل الولد، وعندما تم إلقاء القبض على الممرضة، أكدت أنها لم تحصل على أية مبالغ مالية من السيدة، وتم عمل محضر إدارى داخل المستشفى، وكشفت الممرضة التى تحدثت ل«الصباح» أنه ومنذ توقيت اكتشاف الجريمة، تم إغلاق الحضانات أمام دخول الأفراد العاديين، ولم يتم السماح لأى شخص بالدخول إلى المكان المخصص للحضانات إلا بحضور الطبيب الذى يتابع حالة الولادة، وأن يكون معه كارنيه تحقيق الشخصية الخاص بالمستشفى. وواجهنا الدكتور هشام عطا، رئيس قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة، بالوقائع السابقة، فرد قائلًا: «إن المستشفيات المذكورة لا تتبع قطاع الطب العلاجى بالوزارة، ولا يشرف عليها القطاع بل تتبع هيئة المستشفيات التعليمية، موضحًا إلى أن سرقة الأطفال من الحضانات هى فى النهاية عمل جنائى، ويتم التحقيق فيها من قبل وزارة الداخلية، وبمجرد تعرض أى من السيدات لجريمة خطف طفلها يجب عليها تحرير محضر فى قسم الشرطة، وتقديم شكوى ضد المستشفى، يثبت فيها ما تعرضت له وتتولى وزارة الداخلية التحقيق فى الأمر. وفيما يتعلق بتعرض حالة أخرى للخطف من مستشفى أم المصريين بالجيزة، أوضح عطا أنه تم التحقيق مع ممرضتين تورطتا فى السرقة من قبل وزارة الداخلية، وما زالت هناك تحقيقات تتم فى الأمر، مُشيرًا إلى أن التحقيقات فى مثل هذه الحالات تستغرق وقتًا، مؤكدًا أن وزارة الصحة بدأت منذ فترة فى تركيب كاميرات مراقبة على بعض الحضانات بالمستشفيات لإحكام الرقابة على الممرضين والأطباء الذين يعملون بالمستشفيات، ونسعى حاليًا لتعميم كاميرات المراقبة على جميع المستشفيات وليس الحضانات فقط. ووفق ما أعلنته المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، فإنها رصدت 43 حالة اختطاف أطفال فى العام الماضى 2015، وأن الحالات كان توزيعها وفقًا للنوع، بواقع 81 فى المائة من الذكور و19 فى المائة من الإناث، وذلك وفقًا لأحدث إحصائية للمؤسسة. وأشارت المؤسسة، إلى أن الفئات العمرية الأكثر عرضة للاختطاف هى الأطفال من عمر عام إلى خمس أعوام، لافتة أن من أسباب تزايد الظاهرة تكوين تشكيلات عصابية لخطف الأطفال لطلب فدية من ذوى الأطفال المختطفين وتردى الأوضاع الأمنية فى البلاد منذ بدء ثورة 25 يناير حتى الآن، بينما جاء فى المرتبة الثانية من بين أسباب الاختطاف، الخلافات الشخصية بين ذوى الأطفال والخاطفين وغالبًا ما تكون بسبب الانتقام وتفشى ظاهرة العنف فى المجتمع المصرى، والتى غالبًا ما تنصب على الفئات الأضعف فى المجتمع ألا وهى الأطفال، ويليها خطف الأطفال فى ظروف غامضة، ثم الخطف نتيجة مشاكل فى الإنجاب ثم الخطف بهدف سرقة المصوغات الذهبية والاتجار بالبشر، وهناك العديد من حالات الاختطاف التى تتم بدون وجود أى أسباب. وأوضحت المؤسسة، أن حالات الاختطاف تختلف حسب التوزيع الجغرافى، حيث أن أكثر حالات الاختطاف انتشارًا فى الريف عن الحضر، وذلك لما يعانيه الريف من تدنى فى مستويات الخدمات وارتفاع مستوى الفقر فى تلك المدن الريفية عنها فى المدن الحضرية، وكانت نسبتها فى الريف 70 فى المائة بينما وصلت نسبتها فى الحضر إلى 30 فى المائة. الدكتورة نهلة رشدى، مدير مركز الأمومة والطفولة التابع لوزارة الصحة والسكان أكدت ل«الصباح»، أن ظاهرة انتشار سرقة الأطفال من الحضانات مؤشر خطير، لافتة إلى أن هناك فارقًا بين ما يقوم به مركز الأمومة والطفولة لخدمة الأطفال دون مأوى والأطفال الذين يتعرضون للخطف، موضحة أن المركز غير مسئول عن متابعة سرقة الأطفال من الحضانات المتواجدة بالمستشفيات، لأنها شأن داخلى للمستشفى التى وقع فيها الحادث وتتبع قطاع الطب العلاجى بوزارة الصحة. وأوضحت رشدى، أن دور مراكز الأمومة والطفولة المنتشرة بجميع محافظات الجمهورية والبالغ عددها 32 مركزًا يتمثل فى متابعة قضايا الأطفال دون مأوى من عمر يوم واحد وحتى عامين، وتحديدًا فيما يتعلق بالأطفال الذين يتم العثور عليهم فى الشوارع ومقالب القمامة، ويتم إبلاغ أقسام الشرطة بشأنهم ويتم عمل محضر رسمى من قبل وزارة الداخلية بالعثور عليهم، وعلى ذلك يتم استقبالهم فى مركز الأمومة والطفولة بأى محافظة على مستوى الجمهورية، حيث يتم استلامهم بمحاضر رسمية وبعدها يوفر لهم المركز كل سبل الرعاية الصحية لمدة عامين، مؤكدة إلى أن هناك أطفالًا يستقبلهم المركز وتكون حالاتهم الصحية سيئة جدًا، لافتة إلى أن بعض الحالات جاءت للمركز بعد ولادتها بثلاثة أيام وكانت الحالات الصحية متدهورة جدًا، ومع ذلك يتم استقبالها وتوفير العلاج اللازم وتوفير بيئة صحية له كما لو كان فى منزل والديه. وكشفت مديرة مراكز الأمومة والطفولة بوزارة الصحة، عن أن المركز يعد إحصائيات شهرية ونصف سنوية وسنوية للأطفال الذين يتم العثور عليهم، إذ يستقبل سنويًا من 300 إلى 500 طفل مجهولى النسب بجميع المحافظات، وهذا العام كانت النسبة منخفضة، مُشيرة إلى أنه بمجرد دخول الطفل لمركز الأمومة والطفولة فأنه يكون بمأمن، حيث يتم توفير مربية خاصة بالإضافة إلى تواجد مشرفين وأخصائيين اجتماعيين بدور الرعاية، فضلًا عن توفير الألبان الصناعية للطفل لمدة 6 شهور من قبل وزارة الصحة، وبعدها يتم توفير التغذية الأساسية له وإعطائه كل التطعيمات الخاصة بالوزارة حتى عمر عامين. وقانونيًا فإن المادتين 288 و290 فقرة أولى من قانون العقوبات المستبدلتان بالقانون رقم 214 لسنة 1980، تعاقب أولاهما على اختطاف الأطفال الذكور الذين لم تبلغ سنهم ست عشرة سنة كاملة بما نصت عليه من أن - كل من خطف بالتحيل أو الإكراه طفلًا ذكرًا لم يبلغ سنه ست عشرة سنة كاملة بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة، بينما تعاقب ثانيتهما على اختطاف الأنثى أيًا كانت سنها بما نصت عليه من أن كل من خطف بالتحايل أو الإكراه أنثى بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، وحرص المشرع على التمييز بين صفة المجنى عليه وحرص على تشديد عقوبة جريمة خطف الأنثى. وبشأن ما إذا كان يتم التعامل مع حالات الأطفال المختطفين باعتبارهم أبناءً بالتبنى للخاطفين سواء كان ذلك بالاتفاق مع الوالدين الحقيقيين من عدمه، قال الدكتور أحمد نبيل، أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية،: «إن الإسلام أبطل التبنى، مستندًا إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من دعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله تعالى منه صرفًا ولا عدلًا»، لافتًا إلى أنها وعلى الرغم من جواز التبنى فى أيام الجاهلية، إلا أنه حُرِم بعد الإسلام لما له من أضرار فى الميراث وغيرها. وأضاف نبيل، إن «التبنى حرام، حتى وإن كانت الأسرتان الحقيقية والمتبنية يعملان بالأمر، فما بالكم فى حال سرقة الطفل ونسبه لغير أبيه، فالعقوبة والذنب مزدوجين».