حفلات جماعية عبر «سكايب» ودعوات للتحرر وتبادل أرقام الهواتف الأزواج يشترطون تبادل صور الزوجات قبل اللقاء خبراء: انتشرت بسبب مشاهدة الأفلام الإباحية والانحرافات الجنسية والبعد عن الدين ظهور صفحات تعرض «تبادل الأزواج » و «الأمهات » و «المحارم » عُرف الرجل المصرى بدمه الحامى وغيرته الشديدة على أهل بيته وحرصه الدائم على الشرف والعرض، الذى طالما أريقت الدماء فى سبيل صونه والحفاظ عليه. ولا تختلف المرأة المصرية فى ذلك عن الرجل، فهى أيضًا شديدة الغيرة على زوجها، ولا تتردد فى طلب الطلاق إذا علمت بزواجه من أخرى، رغم عدم مخالفة ذلك للشرع والقانون. ولكن يبدو أن العولمة ضربت المجتمع فى كثير من قيمه وتقاليده ومبادئه، وداهمتنا أمراض غريبة عنا، لم نكن نعرفها أو حتى نسمع عنها من قبل، مثل ظاهرة تبادل الزوجات، التى تم القبض على عدة شبكات لها فى مصر، خلال الفترة الأخيرة. ويبدو أن الموضوع ليس كما يظن البعض مجرد شذوذ على الفطرة الإنسانية السليمة، وإنما تحول إلى تجارة رائجة، لها من يرعاها ويروج لها بغرض الربح. وتحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ساحة رائجة لتجارة تبادل الزوجات والأزواج علنا، وأصبحت هناك مئات الصفحات والمجموعات التى تضم الأزواج الراغبين فى تبادل زوجاتهم مع آخرين. كما انتشرت فى الآونة الأخيرة على الصفحات الاجتماعية اعترافات سيدات يردن خوض التجربة أو أقدمن عليها بالفعل. إذا كتبت فقط كلمة «تبادل أزواج» فى محرك البحث الخاص بموقع فيس بوك، ستظهر لك ما لا يقل عن 100 نتيجة من مصر فقط، جميعها لحسابات أشخاص وصفحات ومجموعات مروجة لتبادل الأزواج، وبها يعرض أزواج صور زوجاتهم مقابل مبلغ يحدده من أجل تبادلها مع زوجة أخرى، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل الأمر إلى وجود صفحات أخرى ومجموعات لنساء تريد تبادل أزواجها، وكتبت إحدى المشتركات فى المجموعة: «كما أنه من حق الرجل أن يبادل زوجته، فلا تتخلى عن حقك فى إبدال زوجك». وتنقسم تلك الصفحات والمجموعات إلى أنواع، فهناك مجموعة «تبادل أزواج وزوجات راقية»، «تبادل أزواج للجادين فقط»، وبينهم «تبادل زوجات وأزواج على الهاتف». لم يقف الأمر عند حد الزوجات، بل بلغت المصيبة حد وجود مجموعة باسم «تبادل زوجات وأمهات»، «تبادل محارم»! ويتبين من لهجة المتحدثين والعارضين لزوجاتهم على تلك الصفحات أنهم مصريون، ويكتبون عناوين وأرقام هواتف للتواصل من داخل مصر. محتوى الصفحات خلال جولة فى تلك الصفحات التى تنوعت منشوراتها ولغاتها، إلا أنها تشترك فى سمات عامة هى الدعوة للتحرر، وأن «تبادل الزوجات» هو شىء حضارى لا يقوم به إلا أصحاب العقول المتحررة. الصفحات المحلية التى تحمل كل منها اسم «تبادل الزوجات» و«الأزواج فى المحافظات» تتسم بعرض الصور الأكثر عريًا واستخدام الألفاظ الخادشة للحياء والمبتذلة، كما أن هناك عاملًا مشتركًا بين هذه الصفحات هو نشر أرقام الهواتف على أنها لنساء يبتغين هذا الأمر ويرحبن بالتبادل، كما تظهر بعض الأسماء المستعارة على أنها أزواج تود التبادل أيضا شرط عرض الصور قبل اللقاء على الدردشات الخاصة. وفى بعض الصفحات أيضًا تنشر بعض صور الحفلات الجماعية على أنها إحدى الحفلات التى تنظمها الصفحة، وتطلب أرقام وبيانات من يريد الاشتراك فى حفلاتها. محتوى تلك الصفحات أيضًا يضم حسابات شخصية أخرى بعضها لذكور وأخرى لإناث تطلب التبادل شرط السرية واللقاء فى أماكن عامة فى بداية الأمر، التواصل مع بعض هذه الحسابات يجعلك تحس بالريبة والتوجس، فجميعهم لا يوافقون على اللقاء بسهولة إلا بعد التأكيد صوتيًا وإرسال بعض الصور. صفحات القاهرةوالجيزة تختلف نسبيًا من حيث ما يتم عرضه حيث تكون التدوينات المنشورة أكثر رقيًا فهى تشير إلى أن هذه الحفلات تبادل تعارف وزوجات وسهرات ولا تكون صورها مبتذلة مثل الصفحات المحلية، كما يتبادل المستخدمون الأحاديث حول طبيعة الحفلات ومدتها وأهميتها، وربما قد تجد بعض الحسابات التى تسب هذه التجمعات فيما يرد البعض بأنهم رجعيون وأنهم متشددون ومتخلفون. الصفحات الخارجية وهى الأكثر رواجًا نظرًا للصور التى يتم عرضها وبعض الحسابات الأكثر فاعلية فى تبادل أرقام الهواتف، وكذلك طلب الحديث على الخاص بالصوت والصورة، وتقوم هذه الأرقام غالبًا على جلب الرجال المصريين، اللافت للنظر وجود بعض الصفحات تطلب تبادل الزوجات عبر الفيديو وإقامة حفلات جماعية عبر الشات وبعض برامج الشات الجماعى «سكايب»، كما تتناول هذه الصفحات فيديوهات للرقص الجماعى وتناول الخمر، وبعض المشاهد الساخنة من الحفلات الليلية التى يحتضن فيها الرجال بالنساء، كما يتم عرض بعض المقاطع من أفلام «البورنو» والتدليل بها على أن الهدف من هذه التجمعات هو نيل السعادة المتبادلة. تاريخ قديم فى القرن السادس عشر، وفقًا لما نشر من أبحاث ومقالات من قبل، كان أول تبادل للزوجات من قبل جون دى، مستشار الملكة إليزابيث، وزوجته ليان، مع رفيق عمله والوسيط الروحانى ومحضر الأرواح إدوارد كيلى، وزوجته جوانا فى 22 إبريل 1587. حيث تمت مشاركة العلاقات الزوجية بين الرجال وزوجاتهم بعد جلسات تحضير الأرواح، التى أدت على ما يبدو إلى التوجيه المعنوى لكل من «جون دى» و«كيلى» للقيام بتبادل الزوجات. وانتهى تبادل الزواج بشكل سيئ، وتدمير علاقة العمل التى جمعت جون دى مع كيلى. وفى القرن الثامن عشر كان هناك تبادل للزوجات بين اثنين من اتباع الطوائف اليهودية المسيحية، الأول «فرانكسيتس» من أتباع فرانك يعقوب، والثانى «دمنة» من اتباع تسفاى شيبتاى، حيث كانوا يجتمعون فى «مهرجان اللحم» السنوى فى الربيع، الذى يكون عبارة عن وجبة عشاء احتفالية بالاضافة إلى تبادل شكلى للزوجات. وفى القرن التاسع عشر، كانت أحد الانتقادات الموجهة للشيوعية بأنها تروج للحرية الجنسية، والى المجتمع الأنثوى، وهو ما نفاه الشيوعيون. ففى البيان الشيوعى الصادر عام 1848، يشير كارل ماركس وفريدريك إنجلز إلى أن هذا الادعاء مثال للنفاق والإسقاط النفسى. وفى القرن العشرين، وفقًا ل«تيرى غولد»، أول تبادل للزوجات كان بين الطيارين الأمريكيين فى القوات الجوية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كان هناك اتفاق ضمنى بينهم بأن من يتوفى منهم، يتولى الباقون رعاية زوجته عاطفيًا وجنسيًا. وانتشرت هذه الظاهرة عام 1990 فى المجتمع الأمريكى بعد ظهور الإنترنت، حتى أن بعض الدراسات تقول إن 4.2 فى المائة من الأمريكيين يمارسون تبادل الأزواج. ويعتقد بعض الباحثين أن 15 مليون أمريكى يمارسون تبادل الزوجات بانتظام، وهناك أندية توفر الجو الملائم لتلك الممارسات. قضايا ظهرت أولى قضايا تبادل الزوجات فى مصر عام 2008، حيث تم ضبط شخص وزوجته أقاما موقعًا على الإنترنت، وبثا إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعى لممارسة الدعارة تحت مسمى تبادل الزوجات، وقد أثارت ضجة كبيرة آنذاك، حيث كانت هذه الظاهرة حديثة العهد بالمجتمع المصرى. أما القضية الثانية فكانت عام 2012 فى الجيزة، حيث تم القبض على محاسب وزوجته، أقاما من خلال بريدهما الإلكترونى شبكة لتبادل الزوجات على الإنترنت. وورد فى التحقيقات أن هناك رسائل إلكترونية كثيرة على بريدهما تثبت وجود أزواج اقتنعوا بالفكرة ويريدون تنفيذها فى سرية تامة، بسبب الملل والروتين. وربما لا ننسى القضية التى هزت المقطم، حيث تم القبض على أستاذ جامعى يقود شبكة متكاملة لتبادل الزوجات فى شقته بالمقطم، حيث تم اتهامه بإنشاء موقع «حرية الجنس»، وتم القبض على مجموعة من النساء والرجال فى أوضاع مخلة، وهو ما نفاه تمامًا وبرر تلك الأوضاع بأنها كانت مجرد حفلة، ولكن حالة السكر جعلتهم لا يعون ما يفعلونه، وهذا سبب ضبط المباحث لهم فى تلك الأوضاع. خبراء وتقول الدكتورة جيهان المقدم، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن تلك الحالة المتدنية ترجع إلى فقدان الوعى الدينى، داعية الناس إلى العودة إلى الله، محذرة من أن الدنيا وشهواتها تجعل غير الملتزمين بالدين وقيمه يرتكبون الفواحش، بل وينشرونها فى المجتمع. وطالبت بوجود عقاب دنيوى رادع حتى لا تنتشر مثل تلك الأفعال، وأن تتكاتف المؤسسات المختلفة لتوعية الناس بمخاطر تلك الفواحش ونشرها للأمراض المميتة، والتى أشهرها مرض الإيدز. أما فاطمة حسن، باحثة علم الاجتماع، فترى أن تلك الأفعال الشاذه نتيجة لمشاهدة الأفلام الإباحية والرغبة فى تقليدها لإرضاء الشهوات فقط، فى تجاهل للدين والعرف والمجتمع، رغم ما يترتب على ذلك من أضرار على الصحة والمجتمع والحياة كلها. ويقول الدكتور محمد هشام، أستاذ علم النفس، أن التحليل النفسى لتلك الظاهرة نابع من الرغبات الجنسية المكبوتة، وبعض الانحرافات الجنسية مثل أن تكون المرأة تميل للسادية، وأن يكون الرجل ضعيف الشخصية، ويكون ذلك نتاج النشأة والتربية فى سن صغيرة. وأضاف أن الانفتاح الزائد على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت أدى إلى انتشار تلك الممارسات غير السوية، فضلًا عن انهيار القدوة والأخلاق القويمة، وعالم الاضطرابات والتناقضات التى يعيش فيها الشباب الآن يؤدى إلى تلك الممارسات غير السليمة والغريبة على أى دين وعلى المجتمع العربى. ويؤكد الدكتور عمرو شرف، أستاذ الشبكات والمعلومات بجامعة القاهرة، أن أصحاب تلك الصفحات يتلاعبون بالأرقام الخاصة بأجهزة الكمبيوتر التى يدخلون بها ويدشنون تلك الصفحات، بالإضافة إلى استخدامهم أسماء مستعارة بل وأسماء مشاهير، وأحيانًا أسماء عادية، ولكن المحتوى يكون إباحيًا، مما يشكل عملية خداع لمباحث الإنترنت، ويصعب عليهم المهمة فى القبض على تلك الشبكات. وقال إن إدارة موقع فيس بوك وحدها هى التى تملك حق إغلاق مثل هذه الصفحات، وهى المسئولة عن ذلك وليس مباحث الإنترنت، لأن الصفحات التى يتم الإبلاغ عنها بشكل كبير من قبل مستخدمينه هى التى يتم إغلاقها.