مجدى: كلام فارغ لا علاقة له بالمسيحية زاخر: العلاقة الزوجية طاهرة حسب تعاليم بولس الرسول انتشر مقطع فيديو للأنبا بسنتى، أسقف حلوان والمعصرة، أثار جدلًا واسعًا فى الأوساط القبطية، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعى. وفى هذا الفيديو يرد أسقف حلوان على سؤال وصله من مواطن قبطى يقول فيه: هل من الممكن ممارسة الزوجين العلاقة الجنسية أثناء الصيام؟. وجاء رد الأنبا بسنتى بالرفض القاطع، وقال إن من لا يستطيع ذلك، وسيؤدى حرمانه من ممارسة الجنس مع زوجته إلى الانحراف، عليه أن يتجه إلى الكنيسة ليأخذ حلًا لمنعه من ممارسة هذه العلاقة أثناء الصيام. هذه الكلمات أثارت ردود فعل واسعة، وقابلها الكثيرون باستهجان شديد، بينما اعتبر فريق من الأقباط أن من هاجموا الأنبا بسنتى اقتطعوا هذا الكلام من سياقه ليشهروا بالكنيسة وآبائها، مستغلين أية سقطة لهم، ليقوموا بنشرها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعى. وهناك فريق آخر يرفض مثل هذا الكلام، ويعتبره إسفافًا، ولا يليق أن يتفوه به أسقف بمكانة الأنبا بسنتى، ويطالبون بعدم ظهور آباء الكنيسة وأساقفتها على شاشات القنوات الفضائية من أجل الحفاظ على مكانتهم. ولا يخفى هذا الفريق تحفظه على عدد من الأساقفة الذين يعتبرونهم مثيرين للجدل فى الأونة الأخيرة بسبب تصريحاتهم الغريبة. ورصدت «الصباح» عددًا من ردود الأفعال على هذه الواقعة، حيث كتب مجدى خليل، وهو ناشط من أقباط المهجر، على صفحته الشخصية بموقع «فيس بوك» تعليقًا لاذعًا على هذا الفيديو قائلًا: «هذا الكلام الفارغ لا يمت للمسيحية بصلة، والرجل (أو المرأة) الذى يستشير رجل دين فى العلاقات الخاصة الحميمية هو رجل ساذج وعبيط أو مريض نفسيا، ومن لديه مشاكل فى هذه العلاقة، عليه استشارة الطبيب المتخصص، وبخلاف ذلك هذا عبط وتخلف». ويقول المفكر القبطى كمال زاخر ل«الصباح»: «هناك مدارس مختلفة فى هذا الشأن، تتراوح بين ما ذهب إليه الأب الأسقف، وهى متأثرة بالمنظور النسكى، ومنها ما يرى أن الزواج سر مقدس، ومن ثم فإن العلاقة الزوجية الحميمة طاهرة بحسب بولس الرسول، ولا تتعارض مع العبادات المختلفة، خاصة الصوم، وهذا الاتجاه يبنى رؤيته على أن المسيح أعاد الإنسان إلى رتبته الأولى، وأعاد للجسد كرامته، ومن ثم لا يمكن أن ننظر إلى الجنس فى منظومة الزواج بعيدًا عن هذا». أما الدكتور ميشيل فهمى، وهو ناشط قبطى، فوجه نقدًا لاذعًا هو الآخر، حيث قال إن «الكنيسة أو بمعنى أصح رجالها، أصبحوا هم المسيطرون والمهيمنون على العلاقات الزوجية فى الصيام، ويستتبع ذلك بعد الصيام أيضًا». وتساءل مستنكرًا: «أين ذلك فى التعاليم المسيحية؟ هل يقيم هؤلاء عقيدة جديدة يظلون بها مسيطرين على الأقباط؟ متى يتخلص الأقباط من مثل هذه الخرافات التى لا تجدى ولا تسمن من جوع؟». وقد علقت صفحة «البركان للأحوال الشخصية» على هذا الفيديو بتهكم شديد، ونشرت صورًا ساخرة تجسد كلام الأنبا بسنتى، معلقين عليه بالرفض الشديد. وذكرت الصفحة أن «مثل هؤلاء الأساقفة يتحملون مسئولية ابتعاد الكثير من الشباب عن الكنيسة، بسبب هذه التصرفات التى يقومون بها». ويقول عادل رياض معلقًا على هذا الموضوع أن ما قاله الأنبا بسنتى «ما هو إلا مرض تسلط رجال الدين فى العباد باسم الدين، حتى فى أدق أمور حياتهم، مما أدى إلى تراجعنا على كل المستويات». وأضاف: «فى الخارج لكل إنسان حياته الخاصة به، وعلاقته مع الله هى علاقة شخصية وداخلية، لا يمكن لإنسان مثله أن يتحكم فيها، وهذا هو سبب تقدمهم، فكلام الأنبا بسنتى فى الفيديو يدل على أن رجال الدين أحبوا مناصبهم وتسلطهم على الناس، ولا يمكن أن يتزحزحوا عن ذلك». ويقول مينا مختار، أحد المهتمين بشئون الكنيسة والمدافعين عنها، إن العلاقة بين الأزواج مقدسة جدًا فى المسيحية ومكرمة «ليكن الزواج مكرمًا عند كل واحد والمضجع غير نجس» (عب 13 : 4). وأضاف أن ممارسة العلاقة الزوجية فى الصوم تعتبر إفطارًا، وليست نجاسة إطلاقا، حيث يكون الشخص فى حالة فطر، والكنيسة لا ترغم شخصًا على أن يصوم أو يفطر إطلاقا، ولا تنجس من يفطر، بل يمكنه أن يحضر الكنيسة والصلوات ويصلى مثل الكل، فقط لا يمكنه التناول من الجسد والدم. وقال: «هذه الأمور ليست كما ادعى هؤلاء المهاجمون بجهل أن رجال الدين يحشرون أنوفهم فى كل شىء، بالعكس، فهذه القوانين تسير على الكهنة والشمامسة أيضا، بل وبصرامة أكثر، حيث يمنع الكاهن والشماس من الاشتراك فى خدمة القداس لو لم يكن صائمًا، ولو اشترك تعد خطيئة كبيرة، فالأمر يسرى على الجميع، كهنوت وشعب، فلا يوجد حشر أنوف لرجال الدين، وأيضا لا يوجد تدخل فى العلاقة أطلاقا». ويقول عطية تادرس إن ما قاله الأنبا بسنتى هو من صميم الديانة المسيحية، «ولكن محبي التشهير بالكنيسة والآباء هم من يقتطعون الكلام من سياقه لكى يكون فى غير صالح الكنيسة والآباء». ويضيف أن «العلاقة الزوجية تكون ممنوعة أثناء فترة الصيام لدى الأقباط لأن الصوم يكون من كل شهوة، فأقول لمن يحاربون الكنيسة ويريدون الخروج على تعاليمها، فليخرجوا كما يشاءوا، ولكن ليتركوا لنا تعاليمنا الروحية دون الخوض فيها بهذه الطريقة». أما مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعى، فقال تعليقًا على هذا الفيديو إن القديس إيرونيموس قال «فليتحرروا أولا فترات قصيرة من قيد الزواج، ويتفرغوا للصلاة. وعندما يذوقون حلاوة العفة، سيطلبون دوام تلك المتعة الوقتية [متعة البُعد عن المعاشرة]». ويضيف أسعد: «يأمر القديس باسيليوس الكبير فى قانونه الثلاثين قائلًا «إنه شيء خارج عن الزيجة أن يلتصق أحد بفراشه فى الأربعين يوما كلها من أولها إلى آخرها. والويل لمن يفعل هذه الخطية فى البصخة المقدسة...». وفى المجموع الصفوى لابن العسال «الأيام المقدسة التى للصوم لا تدنسها، وأيام حيضها ونفاسها لا تقربها، لئلا تصير زيجتك بما لا يجب». ويتابع أسعد: «وفى الكتاب المقدس يذكرنا بهذا الأمر: (قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف.. ليخرج العريس من مخدعه، والعروس من حجلتها) (يؤ 2: 15 - 16). و(لكى تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا معًا. لكى لا يجربكم الشيطان بسبب عدم نزاهتكم). (1كو 7 : 1 - 7). ويؤكد أنه إذا مورست العلاقة الزوجية أثناء الصيام يعتبر ذلك اليوم «فطرًا» لكليهما. (الأنبا ساويرس، أسقف الأشمونين، الدر الثمين، المقالة 8)