الأصل فى تسميتها يرجع للأفراح الشعبية فى منتصف التسعينيات الأغانى «منزلية الصنع » رخيصة التكلفة ولا تحتاج لموهبة أحدهم قال: أحسن ما نبيع «بورشام » على الناصية «نبطشى الأفراح » وال «دى جى » الشعبى أول من احترفها من نشأ وتربى فى المناطق الشعبية فى كل أنحاء مصر يعرف المعنى الحقيقى للمقصود من كلمة «مهرجان» التى انتسبت لها لاحقًا نوعية معينة من الغناء، تلك الكلمة بدأ استخدامها تقريبًا من منتصف التسعينيات فى المناطق الشعبية، للإشارة لحفلات الزفاف الضخمة التى يقيمها كبار التجار لأبنائهم، والتى تشهد حضور أهم المطربين الشعبيين على الساحة الغنائية بجانب عدد من الراقصات لا يقل عادة عن خمس راقصات يقمن بإحياء «الليلة» كما يطلق عليها، ويقوم التاجر بذبح أكثر من عشر ذبائح عادة، كما يتخللها الهدف الأهم منها وهو «لم النقطة» التى دفعها التاجر طوال حياته فى «المهرجانات» الأخرى التى حضرها، وفى «المهرجان» يتولى قيادة الفرح «نبطشى» وهو الشخص الذى يمسك بالميكروفون لتقديم التحية لأهالى المنطقة وكبار التجار «المعلمين» الحاضرين للفرح، وبمرور الوقت تحول هذا «النبطشى» إلى مطرب شعبى يتولى إحياء الفرح من البداية إلى النهاية، كما كان يتم الاتفاق مع «دى جى» من أهالى المنطقة من أجل تشغيل أغنيات وموسيقى يرقص عليها الحاضرون رقصات من النوعية الشهيرة بالأسلحة، خاصة أن معظم تلك الأفراح تشهد على وجود أنواع كثيرة من المخدرات والخمور.. وبالتبعية تحولت الأغنيات التى يلعبها ال « دى جى» والتى يستخدم فيها الهندسة الصوتية للتلاعب بالصوت إلى أغنيات سميت فيما بعد ب «المهرجان». هذا فيما يخص أصل تسمية تلك النوعية من الموسيقى والغناء بهذا الاسم، لتنتشر بعدها فى كل أنحاء القاهرة تحديدًا ومنها «إمبابة» و«الوراق» و«شبرا» وهى أشهر مناطق توريد نجوم أغانى المهرجانات التى هى عبارة عن «رص» كلمات لا يمكن اعتبارها شعرًا غنائيًا بجانب استخدام تكنولوجيا الصوت لتعديل صوت المغنى إلى صوت «معدنى» يضيع معه تفاصيل صوت المغنى الحقيقية وهو ما يفسر عدم تمتع كل مطربى المهرجانات بموهبة الصوت الجيد من الأساس، وبسبب الاعتماد على الموسيقى الراقصة التى تتميز بها إيقاعات تلك الأغنيات حققت الشهرة والانتشار فى المناطق الشعبية، خاصة أن معظمها يعلى من مبدأ «الرجولة والجدعنة» ومنها أحدث الأغنيات التى ظهرت مؤخرًا بعنوان «مفيش صاحب يتصاحب» والتى قدمها فريق يدعى «شبيك لبيك» خرج بأغنية المهرجانات من إطار المركزية التى ميزت تلك النوعية من الأغنيات بأن مركز خروجها الوحيد هو ضواحى القاهرة، والفريق المكون من ثلاثة أعضاء هو فريق سكندرى يضم طفلين وشاب، وتقدم تلك النوعية من الأغنيات بألفاظ ومصطلحات تتناسب مع القطاع الأكبر فى مصر من المراهقين فى المناطق الشعبية، وكلما زادت مصطلحات الرجولة والجدعنة وحمل السلاح والقدرة على مواجهة الخصم بالقوة كلما زادت شهرتها، كما تحولت فى بعض الأوقات إلى أغنيات تعتب على الزمن الذى لا يحقق للشباب أحلامهم، وهى فئة أخرى أصبحت مستهدفة من قبل مطربى المهرجانات لتحقيق انتشار أوسع.. ولم ينس مطربو المهرجانات فكرة إنشائها من الأصل وأنهم مطالبون بتمجيد الحى السكنى الذى يتواجدون فيه لإحياء المهرجان «حفل الزفاف الشعبى»، فتجد من يمجد فى عزبة كذا، ومنطقة كذا، مؤكدًا أنها مهد الرجولة فى مصر، وكان فى الماضى يتم استخدام تلك الأغنيات لحث الموجودين على تقديم «النقطة» فى الفرح، وكان النبطشى يبرع فى خلق حالة من الصراع بين «معلمين المنطقة» لإخراج أكبر كمية «نقوط» ممكنة منهم، وذلك عن طريق التغنى بأسمائهم ومواقفهم البطولية فى عالم «الخناقات والبلطجة» أحيانًا وعالم «التجارة» أحيانًا أخرى. أما مطربو المهرجانات فهم مجموعة من الشباب «العاطل عن العمل أحيانًا»، والذى يبحث لنفسه عن فرصة لكسب العيش، وربما الشهرة لو «فرقعت» الأغنية التى يقدمها، وربما كان المثال الأهم فى ذلك ما قاله «أورتيجا» أحد أعضاء فريق «8٪» الذي يضم أوكا وشحتة كاريكا فى عضويته، عندما قال للموسيقار حلمى بكر فى برنامج لطونى خليفة قبل عدة سنوات: مش نغنى أحسن ما نبيع «بورشام» على الناصية.. بهذه الجملة برر أورتيجا خوضه لتجربة الغناء رغم أنه لا يتمتع بأى موهبة حقيقية فى الغناء، لكنه وجد فى تلك النوعية رخيصة التكلفة من الغناء منفذًا ومنقذًا له من حالة الضياع بسبب البطالة، وأن الغناء حتى لو كان «مهرجانات» أفضل من أن يبيع «بورشام» على ناصية الشارع، وقتها رد عليه بكر قائلًا: إن ما يفعله فى ذوق الجمهور لا يقل ضررًا عن بيع المخدرات لأنه وأمثاله يتسببون فى تخدير عقول الجمهور والانحدار بالذوق العام. وظهرت «هوجة» أغانى المهرجانات قبل عام 2011 إلا أنها ازدهرت وانتعشت وعاشت أزهى عصورها بعد الثورة مباشرة فى ظل حالة التدنى العام التى حدثت للفن المصرى خاصة بعد استغلال أبطال ومنتجى السينما لها من أجل الترويج لأعمالهم، وخاصة ممثل مثل محمد رمضان الذى لمع نجمه هو الآخر فى عز الانفلات الأمنى والأخلاقى فى مصر بعد الثورة بفيلمى «عبده موتة» و «قلب الأسد»، والفيلمان استعان فيهما بمطربى المهرجانات لتقديم أغنيات الفيلم بالإضافة لقيامه هو نفسه بالغناء فى أحداث الفيلم وبروموهاته أغنيات مهرجانات، وبتحقيق أفلامه لملايين الجنيهات كإيرادات وتأثيره الواضح على شباب ومراهقى المناطق الشعبية ساهم فى أن يلمع نجم تلك النوعية من الأغنيات وذلك قبل أن يتخلى عنها مؤخرًا فى فيلمه الأخير «شد أجزاء».. وبمرور الوقت تحولت «المهرجانات» إلى اللغة الرسمية فى بعض وسائل المواصلات الداخلية فى الأحياء الشعبية، فنقلتها «الميكروباصات» و«التكاتك» من حى إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، خاصة أن التباهى بين أصحاب الميكروباصات والتكاتك تحول إلى قدرته على وضع أكبر كم ممكن من السماعات فى أنحاء «التوك توك» وتشغيل أسطوانات أغانى المهرجانات ورفع الصوت إلى أعلى مستوى ليفوز صاحب «التوك توك» فى الصراع مع أقرانه، كما تحولت كلمات تلك الأغنيات إلى لافتات عريضة مكتوبة على خلفيات الميكروباصات والتكاتك فى المناطق الشعبية، وهو ما كان بمثابة أرض خصبة لتنمو فيها أغانى المهرجانات وتترعرع بشدة محققة أرقامًا قياسية على موقع اليوتيوب ربما تتخطى نجوم الغناء العاديين أمثال عمرو دياب وتامر حسنى وحتى شعبان عبد الرحيم وعبد الباسط حمودة، وذلك قبل أن تتحول بمرور الوقت إلى موضة «أولاد الذوات» فى أماكن السهر وحفلاتهم حيث يفضلونها من أجل «الهيبرة» ليتراقصوا عليها فى حفلاتهم الخاصة المقامة فى البواخر النيلية وأماكن السهر المختلفة فى مصر، ولتصبح أغانى المهرجانات فى الوقت نفسه ضيفًا عزيزًا على كل الأفراح المصرية شعبية كانت أو مقامة فى أفخم فنادق مصر، وليتحول مطربوها إلى نجوم متواجدين بشكل شبه دائم فى فنادق الخمس نجوم من أجل إحياء حفلات زفاف أبناء الكبار.. بل زاد الأمر إلى أن مطربى المهرجانات تخطوا حاجز المحلية فى مصر ليسافروا مع ذيع صيتهم إلى كل دول العالم العربى وأوروبا أيضا من أجل إحياء أفراح أو حفلات جماهيرية، وذلك بسبب تقديمهم لونًا موسيقيًا جديدًا وغريبًا على أذن المستمع العربى والغربى أيضًا. أما طريقة صناعة تلك النوعية من الأغنيات فكانت هى السر الحقيقى وراء حالة الانتشار الكبيرة التى حققتها تلك النوعية من الأغنيات، حيث إنها أغنيات رخيصة التكلفة إلى حد كبير، ولا تخضع لمراحل عمل الأغنية العادية من كلمات ولحن وتوزيع موسيقى وستوديو صوت للتسجيل والميكساج، وكلها مراحل تحتاج للكثير من التكاليف حيث لا تقل أغنية عادية الصنع بأى حال من الأحوال عن 50 ألف جنيه، أما أغنية المهرجان فلا تحتاج إلى تكلفة مادية أو ستوديو للتسجيل، لأنها تنفذ من خلال جهاز كمبيوتر فقط عن طريق برامج معينة يتم إدخالها على الجهاز والتسجيل من خلال ميكروفون يتم توصيله بالكمبيوتر على أن يقوم الشخص المسئول عن التسجيل بعد ذلك بوضع صوت المغنى على برنامج يشبه «الأوتوتيون» الذى يستخدم فى كبرى ستديوهات الصوت من أجل معالجة صوت المطرب من بعض العيون ووضع فلتر عليه، وبعد ذلك يقوم هذا الشخص بالتلاعب بصوت المغنى وتحويله إلى صوت «معدنى» يتغير معه كل ملامح صوت المطرب وهو ما يعنى أن تلك الأغنيات تتميز بأنها «منزلية الصنع» وقليلة التكلفة، وهو ما يبرر كثافة تواجدها بالشكل الذى نراها عليه اليوم، وكذلك كثرة عدد مطربيها وظهور مطرب مهرجانات جديد بشكل يومى تقريبًا. ويرجع معظم النقاد والمهتمين بالشأن الموسيقى انتشار ظاهرة أغانى المهرجان بسبب حالة الانفلات الأخلاقى التى شهدها المجتمع بعد ثورة يناير وتراجع المطربين والموسيقيين بشكل ملحوظ عن طرح أعمالهم الجديدة مما تسبب فى فراغ موسيقى كبير ساهم فى انتشار هذه الظاهرة، خاصة فى ظل غياب نجوم الأغنية الشعبية أيضا عن دورهم أمثال حكيم، والذى حققت أغنيته «حلاوة روح» أكثر من عشرة ملايين مشاهدة على اليوتيوب لأنها أغنية شعبية من الطراز الطبيعي للأغانى الشعبية.. ومنهم الناقد الموسيقى فوزى إبراهيم الذى أكد أن ظروف البلد السيئة هى التى ساعدت على انتشار أغانى المهرجانات، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى أنها مجرد ظاهرة جديدة سوف تنتهى بتحسن الظروف العامة البلد، وهو نفس الرأى الذى يؤكد عليه الموسيقار حلمى بكر الذى يعتبر أول من هاجم تلك الظاهرة على شاشات التليفزيون للحد من انتشارها والتأكيد على الدور الذى يجب أن تقوم به نقابة الموسيقيين بالوقوف أمام تلك الظاهرة. أما مطربو المهرجانات الأشهر على الساحة فهم «أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا» الذين أسسوا فريقًا غنائيًا باسم «8%»، وسادات وفيفتى والزعيم، والفريق الأحدث «شبيك لبيك» المكون من حسن البرنس وناصر غندى وفارس حميدة، وهم أصحاب أغنية «مفيش صاحب يتصاحب» التى تخطت الأربعة ملايين مشاهدة على اليوتيوب رغم طرحها منذ أقل من شهر وتعاقد معهم المنتج أحمد السبكى على تقديم الأغنيات الدعائية لفيلمه الجديد «عيال حريفة» الذى يتم تصويره حاليا ويعرض فى موسم عيد الأضحى السينمائى المقبل.