*الأولى: الكنيسة رفضت تطليقي رغم أن زوجي شاذ جنسيا.. وتعرفت على شاب مارست معه الحب *الثانية: لجأت للزواج العرفي بعد أن هجرني زوجي.. وأفكر في الهجرة من مصر كي أعيش حياتي *الثالثة: رفضت إثبات "الضعف الجنسي" على زوجي كي لا أفضحه.. وأقمت علاقة مع أحد أقاربي *الرابعة: طلبت الطلاق فرفضوا.. وحين أقمت علاقة مع رجل آخر طلقوني واعتبروني زانية *جريش: الإنجيل أعطى تعاليم وليست تشريعات .. ويجب دراسة كل حالة بشكل منفرد *نادر الصيرفى: على الكنيسة أن تزوجهن أو تترك الأمر للدولة باعتبارهن مواطنات *باسيليوس المقاري: الحرمان من الزواج "عقاب مميت".. وعلى الأساقفة تطبيق "قانون الاستطاعة" ويعتبر ملف الزانيات، أو الزواج الثاني في الكنيسة، هو الملف المسكوت عنه، والأكثر سرية، خاصة أن الكنيسة ترفض زواجهن مرة أخرى بعد تطليقهن، ويصبحن بلا فرصة أخرى لإقامة حياة زوجية جديدة، بعد أن تم الحكم عليهن بالتجرد من حقوقهن في الحياة لمجرد أن زوجها أثبت عليها أنها من الزانيات. اخترقت الملف المغلق لدى الكنيسة، والتقت بعض الحالات التي لم تتردد في قص حكاياتهن، وتوثيقها عبر تسجيلات صوتية، تحتفظ بها الجريدة، حول تورطهن في قضايا زنا، وتطليقهن لهذا السبب، وكيف خرجن من هذا المأزق. زوجي شاذ "كنت متزوجة منذ عامين تقريباً، وعقب مرور عدة أشهر اكتشفت أن زوجي شاذ جنسياً، وحينها ذهبت إلى الكنيسة حتى أقوم بالطلاق منه، ولكن الكنيسة رفضت ذلك، وفشلت في الحصول على الطلاق من المحكمة، وحينها تركت زوجي، وقمت بالتعرف على شاب آخر وعقب مرور فترة تكونت بيننا علاقة، وعندما قمت بممارسة الحب معه على فراش العلاقة غير الشرعية، أثبت زوجي لدى الكنيسة أنها حالة زنا وقام بتطليقي، وحينها طلبت من الكنيسة اعطائي تصريح بزواج ثان، ولكن الكنيسة رفضت، على الرغم من أنهم علموا بالأسباب التي جعلتني من الزانيات، فكان لا يجوز أن اقيم مع شخص شاذ جنسياً واستمر على حالة الزواج اللفظي فقط، وعندما أصبحت حرة باتوا يقولون أنى ليس من حقي الزواج مرة أخرى، وما زلت حتى الآن عاجزة عن الحصول على تصريح بالزواج الثاني".. هكذا قالت "م. ج."، وهي سيدة في منتصف الثلاثينيات من عمرها، وتقطن بأحد أحياء بمحافظة القاهرة عن أزمتها مع الكنيسة. زواج عرفي وتقول "ع. م."، البالغة من العمر 39 عاماً، وتعيش بمحافظة الجيزة: "هجرني زوجي منذ ما يقرب من عام ونصف عام، ولا يعلم أحد عنه شيئاً، وترك لي طفلين تقوم أسرتي بالاعتناء بهم". وتضيف: "ذهبت إلى الكنيسة الأرثوذكسية للحصول على تصريح الزواج الثاني بعدما هجرني زوجي، ولكن الكنيسة رفضت اعطائي التصاريح، وحينها لم يكن أمامى غير الزواج العرفي من زميلي بالعمل، وكان هذا بعلم أسرتي.. وعقب مرور عامين على زواجي، عاد زوجي السابق، وقام بطلاقي من الكنيسة لانه اعتبر أن الزواج العرفي، الذي قمت به زنا، وحينها قام زوجي الآخر (العرفي) بطلاقي، ومر ما يقرب من عام تقريباً على هذا، وعندما تحدثت مع الكنيسة بشأن رغبتي في الزواج مرة أخرى، وعلمت بالخطأ الذي ارتكبته، رفضت اعطائي تصريحا بالزواج بدعوى أني من الزانيات عند القيادات الكنسية". وتستطرد: "من حينها أعلنت الانضمام إلى منكوبي قانون الأحوال الشخصية، وبات هناك بصيص من الأمل انتظره حتى أحصل على تصريح الزواج الثانى، أو يتم تطبيق الزواج المدنى، ولكن منذ أشهر عديدة ونحن نطالب بحقنا في الزواج المدنى، ولا أحد يصغي إلينا، وكأن حياتنا المسلوبة سوف تظل على هذه الحال، ولا أحد ينظر إلينا، وأفكر بجدية في أن اترك مصر وأهاجر حتى أستطيع الزواج في الخارج، وتحسين ظروف حياة أولادى، فالقيادات الكنسية تدفعنا إلى تغيير الملة أو نتزوج زواج غير شرعي مرة أخرى، وحينها نعيش حياتنا المسلوبة سراً، وكأننا نسرق، فما زلت أتوقع أن يحدث شيء يعطيني الأمل في الحياة من جديد". ضعف جنسي "أدفع ضريبة زواج فاشل منذ بدايته".. هذه هي أولى الكلمات التى قالتها "ن. ز."، البالغة من العمر 42 عاماً، في حديثها عن أزمتها، فتقول: "كان زوجي أكبر مني بخمس عشر عاما تقريباً، وكان يعانى من ضعف جنسي أصابه عقب مرور عام واحد على زواجنا، وحينها ذهبت إلى الكنيسة الأرثوذكسية حتى أقوم بطلاق من زوجى، وحينها طلبت مني القيادات الكنيسية أن أقوم باثبات حالة الضعف الجنسي عند زوجي، ولكني لم أفعل ذلك، لأني لا استطيع أن أفضح زوجي بهذا المنظر، وحينها أصبحت لا أستطيع أن أفعل أي شئ سوى أن أنتظر أن أغادر البلاد وأهرب من القيود الكنيسية المعقدة". وتضيف: "حينها نشأت علاقة غير شرعية لي مع أحد أقاربي، وحينها قام زوجي بإثبات واقعة الزنا لدى الكنيسة، وقام بطلاقي، وحينها لم أعلم أنى أخرج من سجن إلى سجن آخر، فعندما حصلت على الطلاق ذهبت إلى الكنيسة مسرعة كي أحصل على تصريح زواج ثاني، لكنني فوجئت بأني غير مصرح لى بالزواج الثاني، لأني في نظر الكنيسة من الزانيات، اللاتي حكمت عليهن الكنيسة بأن يبقين مدى حياتهم يمارسن علاقات غير شرعية، بسبب القيادات الكنيسية". هجرة الزوج "القيادات الكنيسية هى التي تريدنا زانيات".. إنها "م. د."، البالغة من العمر 35 عاماً، وهي سيدة من محافظة القليوبية، لم تتردد في القول إن زوجها هو من جعلها من الزانيات بسبب تعامله معها. وتقول: "عقب مرور ما يقرب من عامين على زواجي، تغير الحال وبات من الممكن أن يظل زوجي خارج المنزل بالشهرين تقريباً دون أن يعلم أحد عنه شيئاً، أضف إلى ذلك سوء معاملته لأطفاله، مما جعلهم لا يريدون رؤيته، فطلبت الطلاق منه، ولكنه رفض، والكنيسة رفضت أيضاً اعطائي الموافقة على الطلاق، وحينها دفعتني الظروف إلى إقامة علاقة غير شرعية مع رجل آخر، وحينها قام زوجي بإثبات الزنا ضدي، وقمت بالطلاق منه، حينها لم أندم إلا على أولادي، لأنهم عندما يذهبون إلى الكنيسة يتحدث الناس عنهم بأنهم أولاد الزانية، ولكن لم ينظر أحد إلى ما جعلنى كذلك.. وعندما طلبت من القيادات الكنيسية اعطائي تصريح زواج ثاني رفضوا، وقالوا حينها إني زانية، ولا يحق لي الزواج مرة أخرى، أما زوجي الذي ترك أسرته فحصل على تصريح زواج ثاني، وكأني أنا المذنبة وليس هو". من جانبه، قال ياسر يوسف، الباحث في التاريخ القبطي، إن هناك ثوابت معينة في المسيحية لا يمكن تجاوزها لأنها تعاليم السيد المسيح نفسه، فهو الذي قال: "من طلق امرأته إلا بسبب الزنا، وتزوج بأخرى يزني، والذي يتزوج من مطلقة يزني"، كما جاء في انجيل متى، الاصحاح 19، اية 9، مستنكرًا من يقولون إن السماح بالزواج الثاني للطرف الزاني يعصمه من الخطيئة، فيقول: "طيب ما نسمح بالزواج الثاني للكل، يعني كل واحد يتجوز اتنين لو مراته عيانة حتي لا يخطئ "، مؤكدًا أن المسيحية تدعو المؤمن للدخول من الباب الضيق. ويستشهد يوسف برد البابا شنودة في حياة التوبة والنقاوة حيث قال: "وكثير من الناس يتساءلون لماذا لا يسمح بالزواج للزانية، وقد غفر الرب للمرأة الزانية. والجواب بسيط. يمكن أن يغفر الرب للزانية إذا تابت، وهكذا لا تفقد أبديتها بل تجد لها نصيبًا في الفردوس. أما هاهنا فإنه توجد لها عقوبة أرضية تكابدها جزاء خطيتها. ما دامت لم تكن أمينة لزوجها، فلا يمكن أن يأتمنها الرب على زواج آخر، بل تكون درسًا لغيرها.. والعقوبة الأرضية علي أنواع: إما أن تكون نتيجة طبيعته للخطية.. وأما أن تكون ضربة من الله.. وأما أن تكون عقوبة من المجتمع، أو من الدولة، أو من الكنيسة". مينا أسعد كامل، مؤسس رابطة حماة الإيمان، قال إن الطرف الزاني لا يمكن إعادة زيجته لأن الزواج في المسيحية هو عهد سماوي بين الزوجين والله، ومن يخون العهد والأمانة مرة لا يؤتمن على أخرى، فإذا كان القاتل يحكم عليه بالإعلام في حالة سفك الدم حتى لو تاب إلى الله، فكيف بالزاني. ويضيف كامل أن كلمة الطلاق في الأصل العبري "كرات" وترجمتها الحرفية "قطع لحم"، فالزاني قد خان العهد وأصبح عضوًا فاسدا ينبغي بتره، ولا يمكن ضمه لجسم آخر، ولا يستحق الدخول في عهد جديد، منوهًا أن العقوبة منذ بداية الخلق لمن قام بالخطية وليس الغاوي لها، لذلك لا يتحمل الطرف المظلوم العقوبة حتى لو كان مشاركًا في الخطأ بالعثرة والغواية، متسائلا أين الجهاد في الزواج والعفة إذا كان كل من يُعثر من شريكه يتجه للزنا؟!. وعن المفارقة بين السماح للزاني بممارسة سر الافخارستيا (أحد أسرار الكنيسة السبعة ويعرف بالتناول) رغم عدم السماح له بالزواج مرة أخرى، يقول إن من حق الزاني ممارسة "سر التناول" بعد توبته، فهي علاقة داخلية بينه وبين ربه، فلا يمكن مقارنة سر التناول بسر الزيجة، فلكل سر طقوسه وقواعده وأوضاعه، ولهذا لا يوجد سر أعظم من الآخر. ويقول نادر الصيرفي، مؤسس حركة أقباط 38، إن المسيحية لم تأت بشرائع كبقية الديانات السماوية، بل بمبادئ، مؤكدُا أن عدم السماح للطرف المخطئ بالزواج الثاني يعد إهانة للمسيحية التي تأسست على مبدأ التوبة، مستنكرًا رفض البعض زواج الثاني مرة أخرى بعد توبته رغم السماح له ببمارسة سر الافخارستيا ( أحد أسرار الكنيسة السبعة ويعرف بالتناول) فيقول: "بهذا الشكل يتم وضع الزواج الثاني في مرتبة أعلى من تناول جسد ودم السيد المسيح وبقول للزاني (توبتك اتقبلت لكن برضه ما تتجوزش)". ويطرح الصيرفي حلا لتلك الأزمة بالزواج المدني، بقوله إما أن تزوج الكنيسة أبناءها وتضمهم داخل حضنها، أو تترك الأمر للدولة باعتبار المسيحيين مواطنين مصريين بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أن موضوع الأحوال الشخصية لغير المسلمين لا تحكمه تعاليم الإنجيل فقط، بل يحكمه الدستور والقانون أيضا، فالحق في الزواج مساوي للحق في الانتخاب، وهذا ما يكفله الدستور ومواثيق حقوق الانسان لكل مصري. ويعترض الراهب باسيليوس المقاري، أحد تلاميذ الأب متى المسكين، على حرمان الطرف المذنب من الزواج الثاني بوصفه ذلك ب"العقاب المميت"، مستشهدًا بقانون الاستطاعة في الانجيل فيقول: "جاء في الانجيل في مثل "يوجد خصيان خصوا أنفسهم من أجل ملكوت السموات" (متى 19: 12) ما جعل اليهود يحتجون قائلين: "إن كان هذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج"، فأجاب المسيح بمبدأ يسمى "قانون الاستطاعة": "من استطاع أن يقبل فليقبل" (متى 19: 12) فقانون الاستطاعة هو: لأنه ليس في مقدور كل أحد أن يطبق هذه الوصايا المثالية، لكن السيد المسيح لم يفرض عقوبة على من لم يستطع. يقول الأستاذ الدكتور سمير تناغو، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية والمتخصص فى قوانين الأحوال الشخصية لغير المسلمين، في مقال له، إن نصوص الإنجيل لا تطبق نفسها بنفسها، بل يقوم البشر بمحاولة فهمها وتفسيرها وتطبيقها بمجهود عقلى، وهو مجهود يستحق الاحترام والتقدير، لكنه مجهود بشري فى آخر الأمر، فقول السيد المسيح فى إنجيل متى (من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني، ومن تزوج مطلقة يجعلها تزنى) يحتاج مثل غيره من النصوص إلى محاولة الفهم والتفسير. ويضيف أنه بالرغم من أن النص يبيح الطلاق فى ظاهره لسبب الزنا، إلا أن المذهب الكاثوليكى لم يأخذ بهذا المعنى الظاهر للنص، ورفض وقوع الطلاق لأي سبب بما فى ذلك الزنا، وأجاز فقط الانفصال الجسمانى مع بقاء الزواج قائما، وقد أخذ فى ذلك الموقف بقول آخر للسيد المسيح وهو (ما جمعه الله لا يفرقه إنسان).. وتغليب نص على نص آخر هو اجتهاد بشرى عملا بقاعدة التفسير المعروفة، وهى أن النصوص يفسر بعضها بعضا والمذهب القبطى الأرثوذكسى فى مصر أجاز الطلاق لعلة الزنا، لكنه أدخل تفرقة لم يرد ذكرها فى النص، وهى التفرقة بين الزوج الظالم المذنب والزوج المظلوم المجنى عليه. ورغم أن النص عام فى أن من يتزوج مطلقة يزنى، إلا أن الكنيسة تسمح بزواج المطلقة والمطلق إذا كان هو الطرف المظلوم، ولا تسمح بزواج الطرف المذنب رجلا كان أو امرأة... وبالتالي فإن قول السيد المسيح جاء لتقييد الطلاق بالإرادة المنفردة حسب شريعة موسى وألا يقع الطلاق إلا لسبب قوى وواضح كالزنا». ورغم توجه البعض إلى القول بأن الزواج المدني هو الحل الأساسي لتلك المشكلة، إلا أن نبيل غبريال المحامي له رأي آخر، فيقول إنه لا يوجد ما يسمى بالزواج المدني الذي يراه أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية في مصر، فالزواج المدني في العالم كله ووفقا للقانون هو زواج مختلفي الديانة والغير ديني، وهذا ما لن يحدث في مصر نظرا لأنه في حالة اقراره سيسمح للمسيحي من الزواج من المسلمة، وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية. أما الأب رفيق جريش، المسئول الإعلامي للكنيسة الكاثوليكية، فيعطي اقتراحًا بالحل حيث يقول إنه يسمح للطرف الزاني بالزواج بالثاني، وذلك بعد وضعه تحت الاختبار لفترة معينة، أو إلزامه بخدمة اجتماعية يقوم بها مؤكدًا أن الانجيل أعطانا تعاليم، وليست تشريعات مما يقضي بنظر كل حالة منفردة من قبل الكنيسة لنظر قابلية زواجها للمرة الثانية. وبالفعل هذا ما توجهت له الكنيسة الأرثوذكسية في الفترة الأخيرة، حيث أعلن نادر صبحي سليمان، مؤسس حركة شباب كريستيان، أن الكنيسة قد غيرت من آرائها لراحة أولادها وضمهم إلى أحضانها، وذلك من خلال تصريحات العديد من الأساقفة بأن الكنيسة تعطي تصريحا للطرف الزاني وذلك من قبل سلطته الكنسية المتمثلة في قداسة البابا شخصيًا أو ما ينوب عنه، في حالة تقديم توبة حقيقية يتم التأكد منها من خلال التحريات التي يقوم بها المجلس الاكليريكي. فيما أكد الأنبا دانيال، رئيس المجلس الاكليريكي بالكنيسة الأرثوذكسية، أن العمل ما زال قائما باللائحة القديمة للأحوال الشخصية، والتي وضعها المتنيح البابا شنودة الثالث عام 2008 والتي تقضي بعدم زواج الطرف الزاني مفضًلا عدم الكلام بخصوص وضع الطرف المخطئ في اللائحة الجديدة لحين مناقشتها في جلسة المجمع المقدس التي ستنعقد في شهر نوفمبر المقبل.